ثقافة ومنوعات

استعراض كتاب…/ “شكسبير ورفاقه”

عرض – أسامة عباس

 

 

 

(شكسبير ورفاقه) اسم مكتبة شهيرة للكتب الإنجليزية توجد في باريس، أسستها سيلفيا بيتش، وهي أمريكية كانت تعمل ممرضة في منظمة الصليب الأحمر، ثم انتقلت إلى باريس لدراسة الأدب الفرنسي.
ظلت المكتبة تقدم خدماتها في بيع الكتب ودعم الكُتَّاب منذ افتتاحها في 1919 حتى توقفها في 1941، ثم أعاد أمريكي آخر في منتصف ستينيات القرن الماضي الاعتبار لها وأسبق اسم (شكسبير ورفاقه) على مكتبته في باريس تكريماً لها.
في هذا الكتاب، تُدون سيلفيا بيتش ذكرياتها عن المكتبة وعمن التقتهم من كُتَّاب وما فعلته من أجل الكتب. تقول إنها لطالما رغبت في إنشاء مكتبة فرنسية في نيويورك لأنها أرادت للكُتَّاب الفرنسيين الذين يعجبونها أن يكونوا معروفين في بلدها.
وبالفعل شرعت في ذلك، لكن نقص المال جعلها تقوم بإنشاء مكتبتها في باريس بدلاً عن نيويورك، وتحولت رغبتها من تعريف الأمريكيين بالكُتَّاب الفرنسيين إلى تعريف الفرنسيين بالكُتَّاب الأمريكيين. لكن هذه الرغبة أو المهمة توسعت أكثر وأصبحت (شكسبير ورفاقه) مكاناً يلتقي فيه المثقفون والفنانون من كل الحقول، ودليلاً ومرشداً للتعريف بالكتب والكُتَّاب في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ومكاناً يحج إليه السياح الأمريكيون.
كان من رواد المكتبة: عزرا باوند، وإرنست هيمنجواي، وسكوت فيتزجيرالد، وأندريا جيد، وبول فاليري، وجيمس جويس الذي تعرفت عليه في حفل بأحد بيوت أولئك الرواد وجاءت أكثر من نصف مذكراتها عنه، إذ توطدت علاقتها به حتى أصبحت بمثابة وكيلته الأدبية وناشرة روايته (عوليسس) التي كافحت كثيراً من أجل نشرها بدءاً من إيجاد ناشر لها.
كانت (عوليسس) ممنوعة في المملكة المتحدة، أو لم تُمنح حقوق طبع بذريعة فحشها، كما قامت بمتابعة طبع المسودات لتقديمها للنشر وإرسال الرسائل لعدد من الكُتّاب والقراء ليشتركوا مسبقاً في شراء الرواية.
وقد حظيت رسالتها لجورج برنارد شو برد طريف وساخر بعد عدم استجابته لطلبها، واصفاً رواية (عوليسس) التي كانت نُشرت متسلسلة أول مرة في مجلة أمريكية بأنها سجل مقزز لطور حضارة مثيرة للاشمئزاز، لكنها سجل صادق.
يقول: “في إيرلندا يحاولون تنظيف القط بفرك أنفه في قذارته، ولقد جرب السيد جويس العلاج نفسه في الشأن الإنساني، آمل أن ينجح وتثبُت نجاعته”. ويخاطب سيلفيا قائلاً: “من الأرجح أنك شابة همجية تفتنها الحماسة والإثارة التي يثيرها الفن على نحو عاطفي”، ثم يختم رسالته بالقول: “إن كنت تتصورين أن إيرلندياً، خاصة من كبار السن، سيدفع 150 فرنكاً في هذا الكتاب، فأنت تعرفين القليل عن أبناء بلدي”.
وفي المجمل تشرح هذه المذكرات كيف كانت (شكسبير ورفاقه) أو صاحبتها منارة إشعاع ثقافي وشاهدة على عصر ماتزال آثاره باقية، وقد صدق المترجم في تقديمه حين قال: “إن أكثر من عنوان يمكن أن يصلح لهذا الكتاب: سيرة حياة مكتبة، أو سيرة حياة رواية، أو سيرة حياة عصر”.

————-
نقلاً عن مدونة في المكتبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى