ثقافة ومنوعات

استعراض../ كتاب “البارون ساكن الأشجار”

عرض – أسامة عباس

 

 

 

 

الكاتب: إيتالو كالفينو

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب

تاريخ النشر: 2016

* بدأ الأمر حينما رفض كوزيمو تناول طبق الحلزون، وغادر البيت، ليصعد ويجلس فوق تلك الشجرة الموجودة في الحديقة. كان في الثانية عشرة من عمره، عندما أعلن تمرده ذلك. ولم يكن أحد يظن أن بقاءه فوق شجرة البلوط سوف يستمر، لكنه استمر وطال، وصار في مقدوره أن يتنقل من شجرة إلى أخرى، على كامل مساحة أمبروزا وما جاورها من بلدات حتى حدود البحر، دون أن تلمس قدماه الأرض مطلقاً.

هكذا بدأت حياته الجديدة تسير، في الأعلى يتلقى الدروس، في حين يجلس معلمه الأب فلوشيلافور على مقعد في الأرض لتعليمه اللغة اللاتينية، ثم صعد أخيراً ليجلس بصحبة تلميذه فوق الأشجار.

وبمرور الوقت، أصبح كوزيمو يتلقى التقدير والاحترام من أهالي أمبروزا، رغم غرابة سكناه، باعتباره أن البارون يتطلع ليكون دوقا لأمبروزا، وأيضاً لما كان يقدمه من منافع وخدمات، بحكم خبراته الجديدة التي كونها كمراقب للأرض من الأعلى، بالرغم من أنه كان نافراً من العيش بين البشر، إلا أنه كما يصفه شقيقه الذي يمسك بزمام الحكاية في هذه الرواية، كان يغرق نفسه بإصرار في تجريب كل ما هو جديد في الحياة الإنسانية لعصره.

وقد اشترك في الكثير من الجمعيات السرية، وطلب مرة، إذ كان كثيراً ما يخطب في أهالي أمبروزا، أن يكتبوا ما يؤلمهم في كراسة، أسوة بما تم في فرنسا إبان الثورة، فامتلأت الكراسة بما أحزنه، فطلب منهم أن يكتبوا ما يعجبهم، وقام بتسمية ما دونوه بـ (كراسة الشكوى والرضا)، لكن الأمطار جاءت ومسحت ما كتبوه، فخيم الحزن على الأهالي، وسيطرت عليهم الرغبة في الثورة، إلا أن بلدهم لم تكن فرنسا رغم وجود كل أسباب الثورة الفرنسية، كما يقول شقيقه الأصغر، الذي طلب من كوزيمو أن يعود إلى البيت وقد بلغ من العمر (75) عاماً، وفعل ما قال إنه سيفعله، لكن كوزيمو رفض، غير أنه انتقل إلى شجرة بالقرب من البيت في أيامه الأخيرة، وفي لحظة احتضاره صادف مرور منطاد بالقرب من شجرته فتعلق بحبله، ليختفي هكذا دون جثة يمكن أن تعود إلى الأرض.

___

نقلاً عن مدونة في المكتبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى