الرأي

صورة من مواريث الإنقاذ

لنأخذ من عبرة منظر الأمس عبرة أخرى تلخص أسوأ ما يمكن مشاهدته في هلهلة بعض المسؤولين الإداريين في الفترة الانتقالية وتكشف عن حالة التردي المزرية التي لحقت ببعض البشر الذين ورثتهم الدولة من الإنقاذ.. وهو مشهد رجل قال إنه (اللواء فلان الفلاني) وأعلن عن نفسه بأنه (سكرتير عام مجلس السيادة).. ثم قدم مشهداً إنقاذياً كامل الدسم!. وعندما نسمي المشهد الإنقاذي بأنه كامل الدسم إنما نقصد بدسم الإنقاذ (الجلافيط) المضرّة بالجسم التي تأكل العافية وليس الدسم الإيجابي.. ويا له من منظر بائس!. شخص يتحدث أمام حفنة من المدافعين عن الفساد.. ونبادر فنقول إننا لا نلقي اللوم على هذه المجموعة التي خرجت تهتف مؤيدة للفساد في شخص (فضل محمد خير) المُدان من لجنة إزالة التمكين المنبثقة من الوثيقة الدستورية.. ورئيس اللجنة ورئيسها المناوب أعضاء في مجلس السيادة!. نعم لا تثريب على هذه الشرذمة (والشرذمة في معاجم اللغة ليست لفظة إساءة “للأسف” إنما تعني قلة من الناس) فهذا هو اختيارهم أن يكبروا ويهللوا لنصرة الفساد.. ولعلهم لا يخرجون من أربع حالات: إما أنهم من قرابة صاحب الفساد؛ أو (متظاهرين باليومية)؛ أو من المستفيدين من مظلة الفساد التي نشرها صاحبهم في عديد من المواقع؛ أو أنهم من الفلول الذين ضربهم (رأس السوط).. والله اعلم. ولكن كل الكارثة في هذا الذي قال إنه لواء، ولم يقل إنه سكرتير فقط بل (سكرتير عام) المجلس.. وليته قال إنه سكرتير رئيس مجلس السيادة. كانت مهمته أن يتسلم عريضة من هذه الشرذمة والسلام.. ولكن ماذا قال وفعل؟؟ أولا شاركهم في التكبير بهز (عصا المارشالية) ثم وعدهم بأنهم منتصرون!. وثالثاً تطوع بالثناء على الرجل المدان بالفساد ووصفه (بالكريم الأكرم) باني المؤسسات (الكتيرة جداً)!. وأخذ يبادلهم التكبيرات (إياها) على طريقة الإنقاذ مع رفع العصا والإصبع.. وهي تكبيرة خاصة بالإنقاذ لا يُقصد بها وجه الله.. لكنها من أجل نصرة الباطل وقد تعوّد الانقاذيون الصياح بها في كل مجمع ليبدأ بعدها مهرجان الكذب والنصب والإفك (ثم وصلة الرقص)…! لا مشكلة في تقديم العرائض.. ومن المفهوم أن يتسلم موظف الدولة العريضة والسلام.. ولكن اللواء (أعجبه الحال) وأصبح يخطب ويتلقّى صيحات الإعجاب من أصحاب (العريضة الفضيحة) ويرفع العصا على طريقة المخلوع والإنقاذيين.. ويقول لأصحاب العريضة منصورون بإذن الله (في معركة القادسية)!.
من القواصم التي ليس لها عواصم أن يتحدث هذا الشخص باسم مجلس السيادة.. فإذا كان يحن لأيام الإنقاذ فما الذي يجعله سكرتيراً في مجلس أنشأته الثورة؟ وإذا كان يرى أن لجنة قومية مهنية يرأسها عضوان في مجلس السيادة يمكن أن تدين بريئاً.. فتلك قصة أخرى..! هذا السكرتير فارق مهام وظيفته بخلل جسيم وأصدر حكماً قيمياً (ليس مطلوباً منه) يصف فيه مُدان بأنه (فاعل خير) ويثني على فاسد مدان قانونياً وشعبياً وثورياً وبالحيثيات الواضحة والأموال والمنقولات المضبوطة وبقرائن الحال والشواهد الشاخصة أمام كل ضمير وعين!. هذا اللواء السكرتير من حديثه وسمته وهيئته وتصرفاته التي رأيناها في هذا المشهد رجلٌ فارق مهامه وتصرّف بصورة إنقاذية (فلولية) لا تخطئها العين.. وقد كان من المناسب أن يتبرأ المجلس من حديث هذا اللواء وقد فعل.. ولكن هذا الرجل لا يصلح لأن يبقى في منصبه يوماً واحداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى