تقارير

ما بعد الثورة… رحلة البحث عن وظيفة

تقرير- إسماعيل الباهي
على نحو سبع سنوات، انكب الخريج مجتبى أحمد إبراهيم، باحثا عن الوظيفة، مجتبى درس علوم الفلك والإرصاد الجوي، بجامعة أم درمان الإسلامية، دراسة من لم يحصل أي من خريجيها على وظيفة ابتداء من الدفعة الأولى إلى الدفعة الثامنة.
اختار بعض خريجي التخصص الالتحاق بالفرص المتاحة من سوق العمل، واختار مجتبى وزميلته ريان محمد عيسى التي تخرجت في العام (2016) الإنتظار في صف الوظيفة الطويل، وأفادت ريان في حديثها مع (الديمقراطي) أنه من سبع سنوات لم تعلن عن أية وظيفة لتخصص الإرصاد الجوي. وقال مجتبى إن تجمع خريجي الفلك و الإرصاد الجوي نظم احتجاجا ونشاطا لمعالجة قضية توظيفهم، وتمت مخاطبة وزارة العمل وهيئة الإرصاد الجوي في هذا الشأن. ولأول مرة أعلن في العام الماضي عن وظائف لتخصص الإرصاد الجوي. قالت ريان إنها اجتازت المرحلة الأولى من المعاينات وفي انتظار المرحلة الأخيرة، للظفر بالوظيفة.
الشباب، مثل العمود الفقري لثورة ديسمبر المجيدة، وسميت بثورة الشباب، بيد أن الشباب لايزال يشكو من الجلوس على الرصيف، هكذا ابتدر محمد الرحمة حديثه لـ(الديمقراطي) وقال إن المستقبل لايزال مظلما ولا أمل لوظائف جديدة، ونتمنى من الحكومة طرح الوظائف دون محاباة أو محسوبية، ونأمل في إحداث تغيير حقيقي يلامس حياتنا لأنه مضى عام ونصف ومازلنا نبحث عن أنفسنا وعن الأهداف المرسومة.
مفوضية الخدمة المدنية بشارع الجامعة، باتت مزارا لأرتال من الخريجين، محملون بأثقال من الشهادات، تجري نظراتهم على لوحة إعلانات الوظائف الشاغرة، في رحلة يومية بين عسى ولعل للظفر بوظيفة.
الأمين العام لمفوضية الاختيار للخدمة المدنية القومية عبد السلام حمزة أفاد بقوله” إن المفوضية لاتوفر الوظائف، ومناط بها تحقيق معايير الجودة وعملية اختيار المتقدمين لشغل الوظائف من الجنسين من خلال المنافسة الشريفة الحرة، والعدالة والمساواة لكل الخريجين دون اعتبارات للقبيلة أو الحزب أو اللون أو الدين”.
وأوضح أن المفوضية لها ولاية كاملة على عملية الاختيار للوظائف العامة، وفي السابق كانت تشرف على لجان فرعية للولايات وإشراف فني على لجان فرعية في الولايات، وبعد الثورة تجاوزت الإشراف الفني للإشراف المباشر على عملية الاختيار لكل الوظائف في الخدمة المدنية، على أسس وإجراءات وضوابط تنظمها اللوائح والقوانين.
موضحا أن الوظائف تنشأ من خلال سياسات تعتمدها الدولة وتبرمجها من خلال برامج ومشروعات تقدمها الوزارات لمفوضية الاختيار لإجراء آلية الاختيار حسب الشروط والوصف الوظيفي. وأن لجنة الاختيار تتلقى طلبا من الجهات المعنية بمجال الوظيفة بتخصصاتها وشروطها. وعلى المستوى القومي تعلن المفوضية عن الوظائف لتمكن الشباب من المنافسة السليمة. ويخضع المتنافسون لامتحان إلكتروني متعلق بالمعلومات العامة وهو من أهم ضوابط لجنة الاختيار ويجيء بمعلومات عشوائية مودعة في بنك المعلومات ولايطلع عليها أي شخص؛ على أن يجاوب المتقدمون لشغل الوظيفة على الأسئلة المطروحة، ويحصل المتقدم على النتيجة مباشرة من ذات جهاز الامتحان، وحال اجتاز المتقدم الامتحان، ينقل للمرحلة الثانية من معاينة الوظيفة وفي الغالب امتحان تحريري متعلق بالمجال والاختصاص، ويليه المقابلات الشخصية وهي التي تقيم المتقدم لشغل الوظيفة.
قال عبدالسلام إن عملية الاختيار تمر بمراحل، لأن هناك آلاف من المتقدمين يتنافسون على وظائف محدودة، لذلك تحدث عملية التصفية الطويلة التي يختصرها الامتحان الإلكتروني، وأيضا هناك جهات نجري لها امتحاناً تحريرياً حسب طلبها لمزيد من التدقيق في الكفاءة والتأهيل المطلوبات للوظيفة.
ونفى عدم وجود أي محاصصات في وظائف الخدمة العامة، وأوضح أن الوظائف الشخصية لاتتبع لمفوضية الاختيار، وهي أن يطلب الوزير سكرتارية يثق بها، وتخضع لإجراءات الخدمة المدنية وتحول لشؤون الخدمة ليمنح السكرتير المستوى الوظيفي المعين ويتم اعتماد الوظيفة الشخصية وهذه محدودة بحجم الوزارات.
خبير الموارد البشرية الدكتور محمد الناير قال إن للشباب دور كبير بعد مرحلة الثورة العظيمة التي تحدث عنها العالم، وأن 60%من التعداد السكاني شباب، وأفاد بأن الدولة ليس وحدها من يعالج قضايا الشباب. وحدد الناير قطاع المستثمرين في المرحلة القادمة بعد الاستقرار الاقتصادي للمساهمة في حل قضية توظيف الشباب. وحث الناير بضرورة توفير التمويل الأصغر ورفع سقفه إلى معدل معقول لخدمة مشاريع الشباب، في ظل التضخم الكبير وتراجع قيمة العملة الوطنية، وأن يكون في حدود 500 ألف جنيه ليمكن الشباب من الحصول على التمويل لبدء مشروعات صغيرة يمكن أن تنمو وتكبر تدريجيا، وتوجيه الشباب نحو المشروعات الإنتاجية، على أن تتبنى الدولة مشروعا واسعا تتحمل تكاليفه وتدرب عدداً من الشباب على إدارة المشروعات.
وتابع الناير الدولة وحدها لاتستطيع أن تخلق وظائفاً تكفي الشباب، والوظيفة نفسها دخلها محدود ويجب عليها أن تتحرك في كل الاتجاهات لخلق وظائف للراغبين وأن تشجع الاستثمارات ذات العمالة الكثيفة حتى تفتح الفرص للاستثمار السوداني والأجنبي. ونادى برؤية استنفار الدولة للمصارف ال 37 وأن يقوموا بإنشاء شركات مساهمة عامة في الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، و3 شركات تعمل في التصنيع الغذائي، وهذا يفتح مجالات للشباب وفروع عمل لكل الولايات وتشغيل أكبر عدد ويقلل من معدلات البطالة.
و تحدث خبير الموارد البشرية وأستاذ الإدارة بجامعة النيلين البروفيسور زكي مكي لـ(الديمقراطي) قائلاً إن المورد البشري أغلى وأهم الموارد الاقتصادية التي تمتلكها الدولة، وأن علماء الإدارة يعتبرونه يشكل 85% من حيث الأهمية لأي منظمة، والشباب يمثل القوة الكامنة لهذا العنصر البشري، وللاستفادة لابد في البدء من إعادة تخطيط مسار التعليم ليتناسب مع احتياجات المجتمع، وكثير من الكوادر التي تتخرج حاليا تمثل عبئاً على الدولة حيث إنها كوادر يصعب إيجاد وظائف لها لتباين تخصصات واحتياجات التنمية والزيادة عن الحاجة، ونجد معادلة التعليم العالي معكوسة 80% نظري و20% تطبيقي وحاجة التنمية تحتاج العكس.
ويرى زكي أن الاستفادة من الشباب في المدى القصير تتم بنشر ثقافة ارتياد مجالات العمل بالقطاع الخاص والعمل الفردي، وتشجيعهم على الدخول في مشروعات ريادة الأعمال الصغيرة مثل مصانع الصابون والزيوت بالمنازل والأشغال النسوية، و يكمن دور الدولة في تقديم القروض الحسنة ليتمكن الشباب من إنشاء مشروعات صغيرة، لأنه يصعب على الدولة استيعاب كل الخريجين ولا أمل لتوظيفهم بالقطاع العام لأن لاحاجة لتخصصاتهم بالخدمة بل هناك فائض. وحول تقييمه لسوق العمل قال زكي هناك عوامل كثيرة تشابكت أولها الحالة الاقتصادية العامة وماتمخض منها من تضخم وغلاء زاد على إثره الفقراء وزادت أعداد البطالة، وثانيها الاضطرابات التي سادت طوال العامين السابقين مما أربك مجال الأعمال بعدم الاستقرار، إضافة إلى عامل جائحة كورونا التي أثرت سلبا على الاقتصاد العالمي وكثفت من الركود. ويرى بأن المخرج هو التوجه للقطاع الخاص والعمل الفردي، وحتى الخاص لامجال لاستيعاب الشباب لأنه مؤسسات مبنية على الربح والخسارة.
انتظار
المحقق طرق أبواب وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للوقوف على سياسات العمل فيما يلي الشباب ومعرفة حقوقهم في التوظيف في المرحلة الحالية إلا أن الوزارة وضعتنا تحت طائلة الانتظار الطويل الذي تجاوز الأسبوع رغم توشح جدرانها بشعارات الثورة(حرية سلام وعدالة).
قبل الخروج
آمال معلقة ورهان معقود على نواصي الحكومة الانتقالية وآلاف الشباب ينتظرون التوظيف ويتنافسون داخل وعاء وظيفي لايسع.. هذا حال شباب مفجر الثورة الذي يبحث عن مخرج.
//////
*معلومات مطلوبة
عدد الخريجين الذين تقدموا للوظيفة، عدد الذين اجتازوا المعاينات، عدد الوظائف المطلوب شغلها.
*استفسار هيئة االإرصاد الجوي عن عدم استيعاب موظفين طوال الفترة التي أشار لها المتحدثون، وهل هناك فرص لاستيعاب خريجين في الهيئة غير تخصص الفلك والإرصاد الجوي
*الاستعانة بالمعلومات التي أوردتها لجنة إزالت التمكين ومحاربة الفساد في إفراغ الوظائف ممن التحقوا بها عبر المحسوبية والتمكين.
*الرجوع لوزارة العمل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى