الرأي

عمالة الأطفال

منذ سنوات وعدد الأطفال العاملين في المهن الهامشية المختلفة يتزايد بصورة مزعجة، بعضها مهن خطرة على حياتهم، المقلق في الأمر صغر أحجامهم وضعف بنيتهم الجسمانية، أغلبهم يبدو وكأنه مريض، ولا أشك أنهم فعلا مرضى فعلامات المرض تبدو واضحة عليهم، وقد سمحت لي الفرص أن أتحدث مع الكثير منهم وكلهم تقريبا تركوا المدرسة مبكرا والأسباب طبعا معروفة؛ الفقر وسوء المدارس ورداءة التعليم .
عمل الأطفال لا يهدد مستقبلهم وحدهم بل ويهدد مستقبل المجتمع كله، فهم يعملون في الشوارع والمناطق الصناعية والأسواق وغيرها من أماكن يعمل بها الكبار وفي ظروف غير مناسبة معهم وبيئة متردية، والعمل في هذه الأمكنة يحملهم ضغطا نفسيا ومسؤولية كبيرة هم غير مؤهلين لها، وقد يتعرض الطفل لحادث يودي بحياته أو يتسبب له في إعاقة مدى الحياة، وقد يتعرض للاستغلال أيا كان نوعه وللانحرافات المختلفة، ولن يسلم أي طفل من مساوىء العمل في سن مبكرة أبدا وسيترك أثره عليه طوال عمره.
كثير من الأهالي لايهتمون بخروج أطفالهم من المدارس ولا يهتمون كيف وأين يعملون، وعندما يوفرون لهم قليلا من المال لا يحاولون بعد ذلك مساعدتهم أو إثناءهم عن الاستمرار في العمل مهما كان قاسيا، ولذلك نقول؛ يجب ألا يفرحوا بما يقدمه لهم أطفالهم من مال مستقطع من طفولتهم ومستقبلهم، وهناك أطفال شجعهم أهلهم على الذهاب إلى العمل ليخلصوا من إزعاجهم بعد تركهم للمدرسة، وبلا شك يعتبر الفقر دافعا أساسيا لعمالة الأطفال وخاصة بعد الظروف التي مر بها السودان خلال العامين الماضيين؛ الثورة وجائحة كرونا.
بلا شك لا أحد يختار لابنه فلذة كبده الدمار عن قصد ولكن هو سوء تقدير، ويجب أن يفكر ألف مرة قبل أن يرسل ابنه للعمل بعيدا عنه أيا كان نوعه أو يسمح له بالدخول لهذا العالم ولو برفقة أحد أقربائه فكثير من الشباب اليوم يدفعون ثمن خروجهم للعمل وهم أطفال ولا أحد يشعر بهم .
ننبه الحكومة الانتقالية وخاصة وزارة الرعاية الاجتماعية والتربية والتعليم لظاهرة انتشار عمل الأطفال، وهو نتيجة طبيعية لتسربهم من المدارس وعدم رعايتهم ومنحهم حقوقهم، وحقيقة ليس كل الأطفال الذين يعملون يحتاج أهلهم لعملهم فهناك من كره التعليم لأسباب منطقية ولم يجد له أهله حلا غير تركه يغامر بحياته.
لابد للحكومة أن تمنع تشغيل الأطفال حتى عمر محدد ويمنعوا من الأعمال الخطرة على حياتهم والأماكن التي لا تتناسب مع طبيعتهم، وإيجاد وسائل خاصة لتأهيلهم للحياة بشكل أفضل، وتقول الدراسات إن ما يتجاوز ثلث الأطفال يتسربون من المدارس بين الصف الأول والثامن، السؤال أين يذهبون إذا كانت البلد ليس بها أندية اجتماعية ثقافية ولا مراكز تأهيل وتدريب ولا دور رعاية وعليه جميعهم معرضون للخطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى