صحة

6 حقائق لعلاقة الكليتين بارتفاع ضغط الدم

أهم الوسائل لحمايتهما منه

في الحالات «الطبيعية» لدى كل الناس، ثمة علاقة وثيقة بين ضغط الدم وعمل الكليتين. ذلك أن المعدلات الطبيعية لضغط الدم تضمن كفاءة عمل الكليتين بطريقة سليمة. كما تتحكم الكليتان في ضبط مقدار ضغط الدم، لإبقائه ضمن المعدلات الطبيعية.

أما في الحالات «المرضية»، فثمة علاقة أقوى بين ارتفاع ضغط الدم وبين الإصابات بضعف الكليتين. ذلك أن عدم ضبط ارتفاع ضغط الدم يُعد سبباً رئيسياً في الإصابات بمرض الكلى المزمن. ومرض الكلى المزمن (CKD) يُعد سبباً رئيسياً للإصابات بمرض ارتفاع ضغط الدم (Hypertension).

حقائق طبية

والسؤال: كيف يضع مريض ارتفاع ضغط الدم، قدميه على الطريق الصحي للحفاظ على وظائف الكلى، ومنع الوصول إلى مراحل مرضية متقدمة في مضاعفاتهما وتداعيتهما؟

وللإجابة، إليك هذه الحقائق الست المتسلسلة:

1- تداعيات ارتفاع ضغط الدم: ضغط الدم هو القوة التي يدفع الدم بها ضد جدران الأوعية الدموية. وهذه القوة تتغير، وتكون أعلى عند انقباض القلب لضخ الدم إلى الجسم (ضغط الدم الانقباضي)، وتنخفض خلال فترة انبساط وتوقف القلب عن الانقباض (ضغط الدم الانبساطي). ولذا فإن نتيجة قياس ضغط الدم مكونة من رقمين، مثلاً 130 على 85 مليمتر زئبقي. والتغيرات في هذه الأرقام لها «مدى طبيعي».

ومرض ارتفاع ضغط الدم، هو زيادة في مقدار أحد تلك الأرقام، أو كلاهما، عن الحد الأعلى الطبيعي. وبالتالي فإن مرض ارتفاع ضغط الدم هو حالة تحصل فيها زيادة في القوة التي يدفع بها الدم ضد جدران الأوعية الدموية أثناء تدفقه للوصول إلى أعضاء الجسم.

ومع مرور الوقت، هذه الزيادة في مقدار تلك القوة بشكل مستمر، تضع أعباءً ضارة على كل من:

– القلب، ما يتطلب منه بذل مزيد من الجهد لضخ الدم إلى شرايين ذات ضغط مرتفع. وبالتالي تضعف قوة القلب، وتتضخم عضلة القلب وتتليف.

– الأوعية الدموية، تواجه قوة عالية تضغط داخلياً على جدرانها، وتتسبب بتلف بنيتها وتدني مرونتها وزيادة تصلبها.

– أعضاء الجسم التي يصلها الدم بقوة اندفاع عالية، تتلف بنيتها التشريحية وتختل كفاءتها الوظيفية.

2- عمل الكليتين الطبيعي. يصل الدم إلى الكليتين عبر شريانين، أحدهما للكلية اليمنى، والآخر لليسرى. وتقوم الكليتان بتصفية الدم من المركبات الكيميائية الضارة (الفضلات)، وتضبط توازن عدد من العناصر الكيميائية لضمان بقائها ضمن المعدلات الطبيعية في الدم، كما تعمل على إزالة المياه الزائدة. ويتم وضع ذلك كله في سائل البول. إضافة إلى هذه المهمة، تعمل أنسجة الكليتين على إفراز هرمونات تتحكم في إنتاج نخاع العظم لخلايا الدم الحمراء، وأيضاً لضبط تكوين أنسجة العظام بطريقة طبيعية متينة وصحية. كما أن للشريانين اللذين يُغذيان الكليتين بالدم (الشريانين الكلويين) دوراً مهماً في ضبط مقدار ضغط الدم، عبر آليات معقدة لا مجال للاستطراد في عرضها بالتفصيل. ويُستدل على كفاءة عمل الكلى بنتائج تحاليل للدم والبول. وتحديداً، كفاءة قدرة التخلص من الفضلات والمواد الكيميائية الضارة، تتضح من نسبة كل من مركب اليوريا (Urea) والكرياتنين (Creatinine) في الدم. وتتضح كفاءة إحكام عملية التصفية، من تدني نسبة إخراج بروتين الألبيومين (Albumin) في سائل البول. وكفاءة قدرة التصفية في الوحدات الكلوية مجتمعة، تتضح من تحليل «GFR».

أمراض الكلى

3- مرض الكلى المزمن: مرض الكلى المزمن يعني أن الكليتين ضعيفتان ومتضررتان، ولا تستطيعان تصفية الدم بكفاءة. ويُطلق على المرض اسم «مزمن»، لأن الضرر الذي يصيب الكليتين يحدث ببطء على مدى فترة طويلة من الزمن. ويمكن أن يتسبب هذا الضرر في تراكم الفضلات في الجسم. كما يمكن أن يسبب مرض الكلى المزمن أيضاً مشكلات صحية أخرى كضعف بنية العظام وفقر الدم وغيرها.

ومرض الكلى المزمن حالة شائعة نسبياً، إذْ تفيد الإحصائيات الطبية، في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أن 1 من بين كل 7 أشخاص لديه أحد «مراحل» مرض الكلى المزمن، وأن ارتفاع ضغط الدم هو السبب في حوالي 30 في المائة من تلك الحالات. وكما أنه لا تظهر أعراض على معظم المصابين بارتفاع ضغط الدم في الغالب، فإنه قد لا تظهر أي أعراض لمرض الكلى المزمن في مراحله المبكرة. ولكن مع تفاقم مرض الكلى، قد يعاني بعض الأشخاص من تورم في القدمين والساقين (يسمى الوذمة Odema). وتحدث «الوذمة» عندما لا تستطيع الكلى التخلص من السوائل الزائدة والملح.

4- تضرر الكلى بارتفاع الضغط: يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تصلب الأوعية الدموية وتضييقها وضعف كفاءة مرونتها، في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الشرايين المغذية للكلى. مما يؤدي في النهاية إلى إتلاف تلك الأوعية الدموية وإضعافها عن أداء عملها. كما أن نشوء التضيقات في داخل مجاريها، يقلل تدفق الدم من خلالها لتزويد الكليتين بحاجتهما المتواصلة للأكسجين والعناصر الغذائية التي يحملها الدم. وارتفاع قوة اندفاع الدم إلى أنسجة الكلى، يتسبب بتلف تلك الأنسجة واختلال قدرتها على منع تسريب البروتينات مع البول.

وبالتالي، فإن الكلى تصبح ضعيفة عن إزالة جميع النفايات وعن خفض كمية السوائل الزائدة من الجسم. وزيادة كمية السوائل في الأوعية الدموية يمكن أن تُؤدي إلى زيادة ضغط الدم بشكل أكبر، مما يؤدي إلى حدوث مزيد من الارتفاع في ضغط الدم ومزيد من الصعوبات في ضبط مستوياته. ومع استمرار هذه العمليات الضارة طوال الوقت، يحصل مزيد من الضرر على الكلى نفسها، الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى الفشل الكلوي.

ومما يزيد في سرعة تفاقم هذا التدهور، وجود مرض السكري، وأمراض القلب، والتاريخ العائلي لإصابات بالفشل الكلوي، والإفراط في تناول الأدوية المسكنة للألم، واضطرابات الكولسترول، وغيره.

آليات التفاعل

5- آليات للتفاعل بين الضغط والكليتين: وجود مرض ارتفاع ضغط الدم مع مرض الكلى المزمن لدى الشخص الواحد، له تداعيات ومضاعفات صحية، حيث يزيد من مخاطر الإصابات بأمراض عضلة القلب وأمراض الأوعية الدموية في القلب والدماغ. ولذا فإن علاج ارتفاع ضغط الدم يجب أن يكون فعالاً وبشكل كافٍ لخفضه، بغية الحفاظ على الكلى ومنع تدهور قدراتها الوظيفية. وضعف الكلى يتطلب متابعة علاجية فاعلة، لمنع تسببه بارتفاع ضغط الدم، خصوصاً حالات ارتفاع ضغط الدم المُقاوم لتأثير أدوية خفضه.

والفسيولوجيا المرضية لارتفاع ضغط الدم المرتبط بمرض الكلى المزمن، لها أوجه متعددة. وكذلك تتعدد العوامل المرضية الأخرى التي تسهم في تفاقم كل منهما. ولذا قد يكون العلاج الطبي صعباً للمرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم المرتبط بمرض الكلى المزمن.

ولكن العمل الدؤوب في المتابعة الطبية الفاعلة، من قبل الطبيب والمريض معاً، لخفض ضغط الدم إلى مستويات «طبيعية»، هو وسيلة وقاية لا تُقدر بثمن في نجاح الحفاظ على الكلى. وكذلك متابعة وظائف الكلى، وإجراء التحاليل الطبية اللازمة كفيل باكتشاف أي اضطرابات في وظائف الكلى في وقت مبكر جداً، ما يُوفر فسحة زمنية كافية لإعادة وضع الأمور في نصابها الطبيعي بالنسبة لضغط الدم ولوظائف الكلى.

6- أعراض وفحوصات للمتابعة، يمكن أن تشمل أعراض مرض الكلى المتقدم:

– فقدان الشهية أو الغثيان أو القيء

– النعاس أو الشعور بالتعب أو مشاكل النوم

– صداع أو صعوبة في التركيز

– زيادة أو نقص التبول

– حكة أو خدر معمم، جفاف الجلد، أو جلد داكن

– فقدان الوزن

– تشنجات العضلات

– ألم في الصدر أو ضيق في التنفس.

وللتأكد من وجود أو عدم وجود مرض الكلى، يُجري الطبيب تحليل وظائف الكلى، من خلال قياس نسبة مؤشرين في الدم، هما الكرياتنين واليوريا. وعند ملاحظة ارتفاعهما، يلجأ الطبيب إلى إجراء فحص للدم يتحقق به من مدى كفاءة الكلى في ترشيح الدم، ويسمى «GFR». كما يُجري فحص البول للتحقق من وجود الألبومين وكمية ذلك.

ويتابع الطبيب مريض ضعف الكلى بإجراء هذه التحاليل، وفق جدول دوري، كما يُجري فحوصات أخرى للتأكد من مدى حصول المضاعفات والتداعيات، تحديداً نسبة هيموغلوبين الدم، وقياس مؤشرات كثافة العظم والهرمونات ذات الصلة وغيره.

-3 خطوات لإبطاء مرض الكلى

منع أو إبطاء تطور مرض الكلى من ارتفاع ضغط الدم أمر ممكن. وحسب ترتيب الأهمية والجدوى، الخطوات التالية كفيلة بذلك:

– خفض ضغط الدم. أفضل طريقة لإبطاء مرض الكلى الناتج عن ارتفاع ضغط الدم أو الوقاية منه، هو اتخاذ خطوات لخفض ضغط الدم، وإبقائه ضمن المستويات المُستهدفة علاجياً، خصوصاً بتناول الأدوية التي يصفها الطبيب، والمتابعة معه. تجدر ملاحظة أمر مهم، وهو أن خفض ضغط الدم لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم الذين لديهم بالفعل ضعف في عمل الكليتين، يعني الوصول به إلى مستويات «أقل» من تلك التي يُستهدف الوصول إليها علاجياً لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم الذين ليس لديهم ضعف في عمل الكليتين.

– تناول أنواع من الأدوية. بعض أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، تمتلك قدرة العمل على إبطاء تطور مرض الكلى بشكل مؤثر، خصوصاً الأدوية من فئة «مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين» (ACE) و«حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين» (ARBs). ولذا قد يحرص الطبيب على استخدام أحدهما في معالجة ارتفاع ضغط الدم لدى الذين هم عرضة للإصابة بمرضى الكلى المزمن. كما قد يصف الطبيب دواءً مدراً للبول لمنع تراكم السوائل في الجسم ولخفض ارتفاع ضغط الدم.

– التغذية الصحية. يساعد اتباع خطة الأكل الصحي في خفض ضغط الدم وفي حماية الكليتين. خصوصاً تقليل كمية الصوديوم المتناولة. والصوديوم ليس موجوداً فقط في ملح الطعام، بل غالبية كمية الصوديوم التي نتناولها تأتي من غير ملح الطعام. ومن أمثلتها المعجنات والأطعمة المُعلبة واللحوم الباردة والمأكولات السريعة المُضاف إليها غلوتاميت الصودويوم وغيره. والحرص على تناول الفواكه والخضراوات الطبيعية، الغنية بالألياف والمعادن والفيتامينات الطبيعية خطوة ذكية للغاية في خفض ضغط الدم وحفظ سلامة الكليتين. وكذلك خفض تناول الدهون الحيوانية المشبعة، والكولسترول. والاعتدال في تناول الأطعمة الغنية بالبروتينات، أو خفض تناولها وفق توجيه الطبيب.

-5 مراحل لتطور ضعف الكلى

يستغرق مرض الكلى المزمن سنوات ليتطور. وفي مراحله المبكرة، قد لا يدرك المريض تلك المشكلة لديه، لأن أعراض ضعف الكلى في مراحله المبكرة، خفية، وقد تُحاكي أعراض حالات مرضية أخرى. ولذا يُعد إجراء التحاليل والفحوصات في الدم والبول، وبشكل دوري لمريض ارتفاع ضغط الدم، هو أضمن وأفضل طريقة لمراقبة كفاءة عمل الكليتين.

وأحد تلك التحاليل هو قياس معدل الترشيح الكبيبي (GFR)، الذي يشير إلى مدى جودة وكفاءة تنقية الكليتين للدم من المواد الضارة (النفايات). ويتم ذلك القياس بتحاليل متزامنة للدم والبول معاً. ووفق نتائج قياس معدل الترشيح الكبيبي، ثمة خمس مراحل لتطور مرض الكلى المزمن، وهي:

– المرحلة الأولى: معدل الترشيح الكبيبي طبيعي، فوق 90.

– المرحلة الثانية: انخفاض طفيف في معدل الترشيح الكبيبي بين 60 إلى 90.

– المرحلة الثالثة: انخفاض معتدل في معدل الترشيح الكبيبي، بين 30 إلى 59.

– المرحلة الرابعة: انخفاض حاد في معدل الترشيح الكبيبي، بين 15 إلى 29.

– المرحلة الخامسة: الفشل الكلوي (يحتاج المريض غسيل الكلى أو زراعة الكلى)، معدل الترشيح الكبيبي أقل من 15.

*نقلاً عن الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى