الرأي

وفد أمني مصري يزور السودان تحت عباءة المجتمع المدني من الآخر

من الآخر

أسماء جمعة
الاسبوع الماضي زار وفد مصري السودان، قيل انه من منظمات المجتمع المدني ويضم أكاديميين و صحفيين، ولم يذكر اسم احد منهم فقط  الذي  يترأسه وهو السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، وحسب الاخبار أجرى الوفد عدداً من المقابلات مع شخصيات سودانية قيل انها عامة، سياسية واجتماعية وثقافية، والتقى  بقيادات الجبهة الثورية أعضاء مجلس السيادة مالك عقار، الهادي إدريس والطاهر حجر. كما التقى بمجموعة من قادة الإدارة الأهلية ومشايخ الطرق الصوفية، والتقى قائد الانقلاب طبعا وهو ليس لديه ما يقوله غير  ترديد  نفس الكلام المستهلك عن العلاقات المصرية السودانية (اللي مش جايب حقو).
المهم في الأمر بحثت في كل الأخبار عن سبب زيارة الوفد المصري  للسودان في هذا الوقت غير المناسب، ولم أجد غير ان الزيارة  تجيء في  إطار تنشيط العلاقات السودانية المصرية، ومصر تعلم أن الوقت غير مناسب فالسودان مشغول بنفسه ولن تكون الزيارة  مجدية بالنسبة له بأية حال من الأحوال، ولكنها  تستغل الظرف  لتصطاد في الماء العكر من خلال التظاهر بالعمل على انعاش العلاقات السودانية المصرية التي لا يمكن لها أن تنتعش ما دامت مصر تنظر إلى السودان كحديقة خلفية ولا تتعامل معه بندية، وما دام السودان يروح تحت حكم العسكر.
في رأيي الشخصي، زيارة الوفد المدني المصري للسودان لا يجب النظر إليها بحسن نية، ولا يجب  النظر الى الوفد الا في إطار أنه وفد امني بامتياز حتى لو بدأ شكلا مدنيا، فهذه الايام ليس هناك أحد في مصر يتنفس دون اذن السيسي فكل يسبح بأمره، والملاحظ أن الوفد اهتم جدا بمقابلة السياسيين ولم يسأل حتى عن حال المجتمع المدني في السودان والذي مات وشبع موت منذ عهد البشير الذي باع واشترى فيه، ومن قابلهم الوفد  من أفراد أو جماعات لا يمثلون المجتمع السوداني سواء كانوا مدنيين أو سياسيين، بل هم تجار مصالح يعملون مع الانقلابيين، ولو لاحظتم الوجوه التي قابلت الوفد ستعرفون ان الزيارة ستنتهي بضرر كبير على السودان.
لا اشك ان الوفد المصري عرف كيف يرمي بسنارته ويأخذ الكثير من المعلومات التي سيستفيد منها الأمن المصري، فالشخصيات التي قابلها من السياسيين وغير السياسيين مؤكد تبارت في شرح حال السودان واحواله واحوالهم الشخصية، ولم يتركوا شاردة ولا واردة الا وحكوها له حتى تلك التي تعتبر اسراراً، وبلا شك اي معلومة عن السودان تعرف مصر كيف توظفها لصالحها، خاصة في ظل حكم العسكر الذين عرفت كيف تستغلهم تاريخيا ومنحوها أجزاء عزيزة من الوطن. فقد سبق وأن أغرقوا حلفا و اهدوا لها السد العالي ثم حلايب وهي بلا شك تطمع في المزيد وهذه فرصتها الذهبية.
خلاصة القول دائما الحكومات العسكرية ضعيفة وفي ظلها يصعد إلى الساحة  السياسية كل من هب ودب، الذين لا يهتمون بسيادة بلد ولا كرامة شعب ولا تحكم علاقاتهم الخارجية دبلوماسية ولا حدود ولا نظام، وبسببهم فقد السودان قيمته واحترامه بين العالم واصبح مجرد دمية تتلاعب بها الدول، ولذلك لا حل الا من خلال استمرار الثورة حتى نتخلص من كل ارث العسكر وحالة اللادولة التي نعيشها الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى