تقارير

وحدة قوى الثورة .. الطريق إلى الأمام

رصد – ياسر عوض

نظمت لجان مقاومة الصافية ندوة تحت عنوان (وحدة قوى الثورة.. الطريق إلى الأمام)، استضافت فيها وجدي صالح ممثلاً للحرية والتغيير، وطارق عبد المجيد ممثلاً للحزب الشيوعي، عن وحدة قوى الثورة، أدار الندوة د. هشام عمر، تحدث حول أهمية وحدة قوى الثورة ووصفها بأنها شرط لازم لإسقاط الانقلاب، وأكد أن الدعوة للندوة ليست للتناظر والرد على بعضهما البعض، وإنما لطرح كل منهما موقفه من وحدة قوى الثورة ورؤيته لها.

طقس ساخن

بدأ ممثل الحزب الشيوعي طارق عبد المجيد حديثه مداعباً الحضور، بقوله: “الجميع مع هذا الطقس الساخن يتوقعونني والأستاذ وجدي أننا سنزيد الجو سخانة على سخانته، لكنني أؤكد أن هذا لن يحدث، فأنا ووجدي أولاد زنزانة واحدة”، في إشارة إلى أنهما سبق لهما أن اعتقلا في زنزانة واحدة على أيام الإنقاذ. وكانت هذه بداية موفقة جداً في اتجاه مسار الندوة الذي ابتعد المتحدثان عن إثارة أي مسائل خلافية فيه، حيث أكدا على إيمانهما بضرورة الوحدة، لأنها البوابة الحقيقية لإسقاط الانقلاب.

قال الأستاذ طارق عبد المجيد إنهم يعترفون بأنهم أثناء وجودهم داخل الحرية والتغيير ارتكبوا خطأ قبول الحوار مع اللجنة الأمنية، ويطالبون قوى الحرية والتغيير أيضاً بالاعتراف بهذا الخطأ. وكان رد المنصة على هذه النقطة أنه طالما هناك اعتراف بأن موقفكم كان خاطئاً فمن الممكن أن يكون الآن خاطئاً أيضاً، مما يستلزم ألا يتصور أحد أنه في الموقف الصحيح مطلقاً.

كان رد وجدي أيضاً أن الحرية والتغيير سبق لها أن أكدت وتؤكد الآن أن هناك أخطاء كثيرة شابت أداءها، هم يعترفون بهذا، وأن هذا الأمر ليس جديداً، لكنهم يتحدثون حول ضرورة أن يتم تقييم شامل للتجربة، وتحديد هذه الأخطاء بالتفصيل، وأن هناك لجنة تعمل على ذلك.

وفي محور آخر، تحدث طارق عبد المجيد حول اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير، والتي لم تكن قاصرة على القوى اليسارية وحدها، وإنما كان فيها ممثلون لكل قوى الثورة، قدمت برامج وسياسات متكاملة متوافق عليها من الجميع للحكومة، وقد كان رئيس الوزراء يوافق عليها لكنه كان يتبنى سياسات أخرى تماماً. وبرأ المتحدث الحرية والتغيير من السياسات التي أجرتها الحكومة بوصفها أنها لم تكن سياسات الحرية والتغيير، والتي كانت ضعيفة على حد وصفه، مؤكداً أنهم في الحزب الشيوعي ليسوا ضد صندوق النقد الدولي ولكنهم ضد روشتته.

هنا قال وجدي صالح: “السياسات التي أفقرت الناس ليست سياسات الحرية والتغيير، والتي أعلنت رفضها لها في وقتها”. وفي هذا السياق أكد وجدي على ما ذكره طارق عبد المجيد حول ضعف الحرية والتغيير. أضاف: “زاد من ضعف الحرية والتغيير خروج الحزب الشيوعي ومطالبته بإسقاط السلطة الانتقالية عبر شعار تسقط تالت بدلاً عن تقويتها والمطالبة بتصحيح الأخطاء كما كنا نفعل، إضعاف قوى الثورة كان لمصلحة الفلول والعسكر، مما مكنهم من الانقلاب على الثورة لاحقاً”. وهنا قال الأستاذ طارق إنهم لم يكونوا يقصدون بـ (تسقط تالت) إسقاط الحرية والتغيير وإنما إسقاط العسكر.

الآلية الثلاثية

تحدث ممثل الحرية والتغيير وجدي صالح حول موضوع التسوية، حيث أكد أنه لا توجد تسوية مع أحد، وإنما جلسوا مع الآلية بنفس الطريقة التي جلس بها الحزب الشيوعي حسبما طرحه في بيانه، قدموا رؤيتهم للآلية الثلاثية، وتبدأ بأنه ليست هناك عملية سياسية يمكن أن تقوم ما لم تتأسس على إسقاط الانقلاب، وأنه يستحيل أن يكون هناك حديث عن عمل سياسي وفي هذه اللحظات تمارس آلة الانقلاب العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين، وحالة الطوارئ سيف مسلط على رقاب الشرفاء، والمعتقلات ممتلئة بالمناضلين.

وأكد أنه بعد إسقاط الانقلاب لابد من إلغاء كل قراراته سواء المتعلقة بإعادة الفلول إلى وظائفهم السابقة، أو إعادة الأموال المنهوبة التي استردت وأعيدت لسارقيها بعد الانقلاب.

وفي محور آخر، وبعد أن أكد ممثل الشيوعي عدم ممانعتهم في وحدة قوى الثورة، تساءل عن الأساس الذي سيتوحدون عليه: هل لإنتاج شراكة جديدة وتسوية مع العسكر؟! فكان رد ممثل الحرية والتغيير: “لا توجد تسوية، نؤكد أن الحرية والتغيير تطالب بسلطة مدنية كاملة، وأن ينأى العسكر عن السلطة والفعل السياسي تماماً، وأن تكون القوات المسلحة تحت قيادة سلطة مدنية كاملة ليس منقوصة”. أضاف: “علينا -وحتى لا يكون حديثنا مرسلاً- أن نكون عمليين، وأن ننطلق مما اتفقنا عليه، وهو الآتي:

أولاً: إسقاط الانقلاب وتصفية كامل تبعاته.

ثانياً: سلطة مدنية كاملة، وأن تكون المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية بالكامل، وأن ينأى الجيش عن العمل السياسي، وألا يصبح حزباً سياسياً.

ثالثاً: إلغاء كل قرارات الانقلاب، سواء المتعلقة بإعادة الفلول إلى الوظائف التي أبعدوا منها، أو إعادة الأموال المنهوبة والمستردة منهم، وإيقاف إعادتها إليهم من جديد.

رابعاً: تحقيق مطلوبات الثورة المتوافق حولها”.

إسقاط الانقلاب

وفي سؤال للطرفين حول آلية إسقاط الانقلاب، أوضح وجدي صالح أنهم طرحوا تشكيل جبهة شعبية واسعة تضم كل القوى الثورية دون شروط أو إقصاء لأحد، فقط شرط الإيمان بضرورة إسقاط الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية كاملة على أنقاضه، وهذا ما أمن عليه الأستاذ طارق بالقول إنهم يرون تشكيل جبهة عريضة لإسقاط الانقلاب تضم كل القوى الثورية.

أما فيما يتعلق بالمواثيق التي طرحت، أكد ممثل الحرية والتغيير أنهم يرحبون بالجهد المبذول في هذه المواثيق، وأنهم لا يمانعون الجلوس لمناقشة رؤيتهم ورؤى لجان الخرطوم ومدني والدويم وعطبرة، وأنهم منفتحون جداً حول الأمر، وحول الجبهة الواسعة التي طرحوها، ولا يهمهم الاسم طالما أن الهدف واحد، ولا يهمهم اسم الميثاق الذي سيتبناه الجميع طالما سيتم التوافق عليه، وأكد ممثل الشيوعي بدوره احترامهم لكل اللجان التي قدمت مواثيقها، وأنه لا اعتراض لهم على ذلك.

وأخيراً طالب مدير الندوة، بعد أن رأى أن المزاج العام للحضور والذي كان متحمساً ومؤيداً لقضية وحدة قوى الثورة ومتفاعلاً معها إيجاباً، ومطالباً بها في هتافاته وتحيته كلما جاء ذكرها، المتحدثين بإعلان مبادئ باسم لجنة مقاومة الصافية استثماراً لهذا الاتفاق.

المتحدثان -رغم عدم اعتراضهما- إلا أنهما طالبا بعدم الضغط على الآخرين من رفاقهما غير الحاضرين، ولكن لم يفوت وجدي صالح الفرصة، حيث أكد أنه عليهما ولجان مقاومة الصافية إطلاق مبادرة للعمل على وحدة قوى الثورة ابتداءً من اليوم، وجمع المفتت منها، مثلاً محاولة توحيد تجمع المهنيين، وأن الحزب الشيوعي يستطيع أن يساهم في ذلك. قال وجدي: “نحن في الحرية والتغيير نستطيع أن نساهم في ذلك، وأن نجلس سوياً لمناقشة المواضيع التي نختلف حولها”.

لعل أهم ما في هذه الندوة أنها أكدت أن روح الحوار تستطيع أن تفرض الخيارات الصحيحة متى كانت الإرادة حاضرة والوعي مكتملاً، وأنه يمكن التأسيس على هذه الخطوة والمضي قدماً في هذا الملف دون حرج من أسئلته الساخنة، طالما اتفق الجميع أن الوحدة هي الطريق الوحيد لإسقاط الانقلاب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى