صفحات متخصصة

نجوى فتح.. تميزت وحجزت موقعها وسط مقهي القاهرة بقوة .. ولم يكن ذلك يسيراً

تبدأ قصص النجاح بخطوة تصحبها عزيمة، فإرادة وتنفيذ جيد، ليسجلها التاريخ بأحرف من نور “إثبات ذات”
القاهرة – زهرة عكاشة
سودانية الهوية.. شرقاوية السحنة.. جميلة الملامح هادئة الطباع، في شارع “قولة” بحي عابدين القاهري، اختارت نجوى فتح مطعم وقهوة سوانية المذاق والهوى، بقوة وصبر اقتحمت السوق المصري وحجزت وموقعها بين المقاهي والمطاعم الشعبية، في هذا الحي الشعبي العريق، ذاع صيتها رغم عمرها التجاري القصير، لمذاق طبخاتها اللذيذة جيدة الصنع وقهوتها الشهية، وترتيب المكان رغم تواضع محتوياته محاط بعبق بخور التيمان وبخور الجبنة.
مرت بجميع المراحل الدراسية بنجاح دون انقطاع، لكنها لم تتمكن إكمال إدارة الأعمال عندما التحقت بالجامعة، وحاولت بعد وفاة زوجها إكمال دراستها والالتحاق بجامعة السودان المفتوحة لكنها لم تفلح، فالظروف لم تكن مواتية لذلك.
* قرار حاسم
في العام “2018”، فكرت ملياً ثم حسمت أمرها وقررت حزم حقائبها لتختار قاهرة المعز مقراً لإقامتها لعلها تجد الملاذ والمأوى الجيد ويطيب لها الاستقرار في جو آمن ومؤمن لأبنائها الصغار، في ذلك تقول نجوى: “توفي زوجي ولم يترك لنا ما يعيننا على الحياة، حاولت العمل وإكمال دراستي لعلي أجد عملاً يكفيني الحاجة، لكنني لم أفلح في ذلك، وكانت الضغوط تحاصرني من كل جانب، فكرت في الهجرة من البلاد عدة مرات وعدلت عن الفكرة”، صمتت برهة ثم أضافت: “لكنني في النهاية قررت الهجرة شمالاً واستقر بي الحال بحي عابدين الشهير في القاهرة”.
* صمود على المعناة
وفي القاهرة لم تسر الأمور على ما يرام بادئ الأمر وهذا أمر طبيعي، تشير نجوى إلى أن الأشهر الأولى عدت بمعاناتها وعنتها، لكنها بسلام. وقالت: “صرفت كل ما جمعت من مال في الإجارات والصرف اليومي ومستلزماته، وكنت أخاف أن تنقطع بي السبل وبرفقتي أبنائي الصغار، لكن بتوفيق من الله استطعت الحصول على عمل، كفاني وأبنائي شر الحاجة”.
لم تجد عملاً لكنها بالتأكيد لن تتهاون في مستقبل أبنائها، وقالت: “بحثي عن عمل لم يشغلني من ضمان مستقبل أبنائي والاطمئنان على تلقي تعليم جيد، فاخترت لهم الانضمام للمدارس السودانية الموجودة هنا، والحمد لله يتقدمون بصورة مرضية”.
* فرصة عمل
في نفس العام وبعد ثلاثة أشهر من وصولها للقاهرة وجدت نجوى عملاً بمطعم “محسكو” بالقرب من سوق الاثنين، حيث استأجرت جزءاً منه خصصته للشاي والقهوة، اجتهدت وقدمت فيه أطيب المشروبات الساخنة التي تصنعها بالطريقة السودانية، حيث إن السودانيين المقيمين هنا وغيرهم يبحثون دائماً عن مذاق ورائحة السودان في الأماكن لا سيما المأكولات والمشروبات الساخنة والباردة.
لفتت نجوى إلى أن إيجاد عمل ومكان تستقر فيه لم يكن سهلاً بالتأكيد لكن بتوفيق الله وتسهيله وجدته وعلى مقربة من مقر إقامتها، وتقول: “كانت سعادتي غامرة وفرحتي لا تعد عندما وجدت فرصة عمل، وقلت في نفسي أخيراً فُتِحت أبواب الرزق”، وتابعت: بدأ إيجار المكان بـ”70″ جنيهاً لليوم، وبعد عدد من الأشهر ارتفع لـ”100” ثم إلى “150” جنيهاً يومياً، وتوقف عند هذا الرقم قرابة السنة ويزيد، وسارت الأمور كما ينبغي وأكثر”.
* عمل خاص
استقرت نجوى بمطعم “محسكو”، وطاب لها المقام هناك، وبعد عامين من العمل المتواصل واستقاء خبرة في عمل جديد بالنسبة لها قررت إنشاء عمل خاص، تقول: “تمكنت من معرفة كل ما يحيط بالعمل واكتسبت خبرة ممتازة، كذلك استطعت جمع قدرٍ كافٍ من المال، وفكرت في الاستقلال وإنشاء عمل خاص بي، بحثت عن مكان لأستأجره لبيع المأكولات السودانية الشعبية والمشروبات الساخنة، وأخيراً وجدت محلاً على مقربة من مكان عملي القديم”، وأضافت: “كان من السهل تجهيز المكان فهنا كل شيء موجود ومتاح وبسهولة ويسر يمكن شراء كل احتياجك. لم تواجهني مشكلات في ذلك، فخصصت مكاناً لطهي الأطعمة السودانية وتناولها، وآخر لإعداد الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة الأخرى”.
* وجود سوداني كثيف
لم تواجه نجوى أي مشكلات في التعامل مع السودانيين والمصريين كذلك، لا سيما وأن المنطقة منذ زمن بعيد يتواجد فيها السودانيون بكثافة، فاعتادوا على بعضهم وتعارفوا فحدث اندماج ثقافي واجتماعي، وهنا تقول: “لم أحس بغربة في هذه المنطقة فهي تعج بالسودانيين بجميع سحناتهم واختلافاتهم الظرفية، تمكنت من خلال عملي بـ”محسكو” معرفة أمزجتهم وطبائعهم وهم كذلك خبروني، فكونت معارف وعلاقات طيّبة مع الزبائن”. وأضافت: “لم تواجهني أي مشكلات في ذلك”.
بدأ إيجار محل نجوى الجديد بـ”250″ جنيهاً لليوم، لكنه لم يستمر لوقت طويل وسيزيد بحسب زيادة أسعار سوق العقارات، تشير إلى أن الإيجارات كلها بالشهر إلا أنها اختارت إيجار اليوم لأنه أهون وأسهل بالنسبة لها، وقالت: “المكان هنا رحب والزوّار كُثُر بجانب المقيمين، وتمكنت من جذب ثقة الأسوانيين التي تقترب أمزجتهم من السودانيين مع أصدقائهم المصريين”، وتابعت: “المكان يسع الجميع فهو ليس حصرياً على الرجال، كما أن هناك زبائن من الفتيات والسيدات يترددون باستمرار على المكان”.
* فنانون وممثلون
لم يكتف المكان برواد الحي، بل بات قبلة للكثيرين ومكان للالتقاء فهو في وسط البلد، وأشارت إلى أن الفنانة السودانية الكبيرة سمية حسن زارت المقهى الأسبوع الماضي وشدت بصوتها الرائع عدداً من أغنياتها الجميلة، ووعدت بإعداد جلسات أخرى، تقول نجوى: “استقبل المكان عدداً من الفنانين والممثلين والتشكيليين السودانيين كانت الفانة الرائعة سمية حسن آخرهم، ووعد عدد من الفنانين بإقامة جلسات فنية مسائية، فقط ننتظر أن تمر جائحة كورونا بسلام وسيستمتع الجميع”. وأضافت: “بالرغم من أنني لم أضع لافتة تحمل اسم المطعم والمقهى إلا أن زبائني كثر متوسط عددهم أكثر من المئة في اليوم، نستقبل الزبائن ليلاً ونهاراً، وتأتي الأغلبية ليلاً ليعج بالزبائن.
* طلبات ومرونة
تلفت نجوى إلى أن هناك من يطلب صنفاً محدداً نعده له، وهناك من يأخذ وجبات للمنزل، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على “الكسرة والعصيدة”، وتقول: “هناك مرونة في التعامل وتقديم الخدمات فهناك زبائن يأتون بلحومهم وخضارهم ويطلبون إعدادها لهم بطريقة محددة، وهناك من يأتي ليشتري “الكسرة” فقط وهكذا تسير الأمور ونكسب العديد من الزبائن.
نجوى كانت حياتها طيبة في ظل زوجها، وعند وفاته تعلمت أن الحياة اجتهاد وتعاون، ولابد من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وتحمل تبعاته، والصبر على جني أفضل الثمرات.
* بطاقة شخصية
نجوى إبراهيم حامد، ولدت بمدينة بورتسودان، نشأت هناك وتزوجت كذلك، والدتها آمنة محمود هي من أسرة كبيرة، توفي زوجها وترك معها ولدان وبنت، كبيرهم وصل المرحلة الثانوية أما الصغار في الصف الخامس والسابع الابتدائي.
**

على جدران مقبرة الوزير (إمري).. صناع شراب الملك وأبقار وزهرة النيل

القاهرة – الديمقراطي


إهرامات الجيزة، لا تحتوي فقط على إهرامات الملوك الثلاثة المعروفين “خوفو، خفرع ومنقرع”، هناك أيضاً أبو الهول ومقبرة “إمري”. وإمري هو الوزير المسؤول من قصر الملك “خوفو”، وكان ذلك بحسب محدثي منذ أربعة آلاف وخمسمائة سنة.
لقب “إمري” بعدد من الألقاب، حاكم “عمدة” المقاطعة العظيمة، محبوب سيدة وكاهن خوفو والمشرف على القصر”، عاش مع الأسرة الخامسة حملت مقبرته كل تاريخ عمله في القصر، حيث رسم على جدرانها كل ما كان يقوم به ويشرف عليه.
ما كتب ولكن…
تبدأ المقبرة بمدخل يؤدي إلى صالة صغيرة، تقود إلى صالة أكبر ذات سقف مقبى، في أقصى اليمين مدخل يؤدي إلى صالة مكشوفة بها باب وهمي وفي آخر المقبرة حجرة القرابين. هذا ما كتب على اللافتة التوضيحية للمقبرة، لكن يبدو أن يد الصيانة والتعديلات طالت المكان. حيث تبدأ المقبرة بصالة صغيرة تقود إلى طرقة طويلة تنتهي بالحجرة التي وضع بها جثمان الوزير بعد وفاته.
الشاهد على المكان يجد أن جدران المقبرة وثق لتاريخ عمل الوزير “إمري” بقصر خوفو، برسومات متناهية الدقة ورائعة الجمال، يقول حارس المقبرة حاج محمد: “إن الجدران خطت به رسومات توثق لما كان مسؤولاً عنه الوزير في القصر من مهام، وواجبات”.
* الطبيب والبقرة
وأشار إلى رسم يظهر فيه رجلان، الأول يلجم البقرة بلجام، والثاني يحاول إخراج شيء ما، يقول العم محمد: “كان يستخدم البقر وسيلة توصيل للخضر والفاكهة إلى القصر، لذلك هم يهتمون بحملها وولادتها، وهناك طبيب مختص يقوم بذلك الأمر، فيظهر على الجدران الطبيب وهو يشد الجنين من بطن البقرة وهي في حالة وضوع ويقف آخر على إلجامها بوضع شيء في فمها حتى لا تصرخ من الألم”.
* عمال وفلاحين
تابع الحاج محمد حديثه وقال: “يظهر هنا كذلك عمال القصر وهم يحملون الذهب للقصر”، وأشار إلى رسم آخر هؤلااء الطباخين وأمامهم أواني من الفخار يطبخون عليها وجبات الملك توضع على نار مضرمة بحطب الشجر”.
أما هؤلاء ووضع يده على رسم، فهم الفلاحون الذين يقومون بزراعة أراضي الملك “خوفو”، وتظهر اللوحات التعبيرية التي رسمت بدقة الآلات الموسيقية التي كانوا يستخدموها آنذاك فمنذ أربعة آلاف وخمسمائة سنة كانوا يستمعون لنغمات الناي والمزمار. كذلك لم تغفل الرسومات عمال القصر الذين قاموا بنقل الحجر من القصر إلى أسوان الذي بنيت به الإهرامات واتخذ كل هرم “20” عاماً حتى اكتمل بناؤه.
* الملك وشرابه
وعن شراب الملك هناك مختصون يقومون بذلك الأمر، فقد أظهرتهم الرسومات وهم يقومون بعصر العنب والتفاح والرمان للملك، وكذلك صائدي الغزلان ومربي البط، فضلاً عن الكتابة الهروغلوفية التي كتبت بوضوح ويصل عمرها لسبعة آلاف سنة، وأخيراً كان هناك رسم للملك “خوفو” يجلس جوار زهرة النيل المعروفة بـ”زهرة اللوتس”.
**

عين على الطريق
المتتبع للمواطنين وحركتهم في الشارع، في ظل انتشار جائحة كورونا “الموجة الثانية”، يجدهم يتعاملون معها باستهتار بالغ الخطورة، ومع كل فقد عزيز نتوقع أن يتراجع الناس والتعامل مع الأمر بجدية ومسؤولية، لاسيما وأن هناك أطفالا وآباء وأجداد ينتظرون عودتنا بسلام.
مع كل تجمع فرح أو ترح أو الذهاب لمجاملة اجتماعية تأتي بالكورونا على الأكف والأعناق، لنأتي ونحمل الحكومة وزر ما اقترفت أيدينا وأرجلنا.
وزارة الصحة هددت بإغلاق المدارس حفاظا على صحة أطفالنا في حال انتشار المرض وعدم الالتزام بالاشتراطات الصحية اللازمة، وهذا بالتأكيد انهيار تام للعام الدراسي الذي انتهى قبل أن يبدأ، وحتى لا يضيع ما تبقى منه وينفرط العقد من الآخر، نرجو من وزارة الصحة والجهات ذات الصلة فرض عقوبات رادعة على المستهترين حفاظا على حياة المواطنين أولا ثم محاولة اللحاق بالعام الدراسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى