الرأي

من يخدم الإنسان يخدم الله

المصدر الإسلامي:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص): يا ابن آدم مرضت فلم تعدني! قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده! يا بني آدم استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي.

المصدر المسيحي:

يقول السيد المسيح: “31 وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، 33فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. 34ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَي. 37فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِليِنَ: يَارَبُّ ،مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقَوُلَ لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ”.   41ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 42لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي 43 كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَاناً فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضاً وَمَحْبُوساً فَلَمْ تَزُورُونِي. 44حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضاً قَائِليِنَ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ 45فَيُجِيبُهُمْ قَائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. 46فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ”. (مت 25: 31-46).

في هذه المصادر المسيحية والإسلامية، وبغض النظر عن التفاسير المحتملة، التي يمكن أن يقدمها البعض في سبيل شرح هذه المصادر، إلا أننا جميعنا، مسلمين ومسيحيين، لا نستطيع أن ننكر بأن المعنى الواضح لهذه النصوص هو: إن ما نقدمه لإخوتنا في الإنسانية يكون كما كنا قد قدمناه لله!

وبلغة الحساب والجزاء، فإن جميع تصرفاتنا من الخير والشر، والتي نقوم بها تجاه إخوتنا في الإنسانية، سوف تشهد علينا، سلباً أو إيجاباً أمام الله في يوم الحساب. إن كلينا يرغب في معرفة وتنفيذ مشيئة الله وما يطلبه منا تجاه بعضنا البعض. إن من ضمن أهم ما يطلبه الله منا، يندرج في تلك القائمتين الإسلامية والمسيحية الواردتين أعلاه. يقول الكتاب المقدس: “قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلَهِكَ” (ميخا 6: 8). وقد جاء في سورة النساء 135 هذه الآية التي تدعو إلى العدل والقسط بين الناس: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن لا تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعلمون خبيراً”!

يريدنا الله أن نتمثل به في العدل وفعل الخيرات لجميع الناس، سواءً كانوا صالحين أوطالحين! يقول السيد المسيح وهو يتكلم عن صلاح الله الكامل لجميع الناس: “سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّك،  وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ فَأَيَّ فَضْلٍ تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا؟ فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ” (مت 5: 43-48).

إذاً، إن السيد المسيح هنا، يُعطي، بل  يوسع من دائرة وامتداد أعمال الرحمة والمحبة، لتشمل لا الأحباء والأصدقاء فقط، بل حتى الأعداء أيضاً. هذه المحبة الفضلية تشرح لنا موقف الله الرحيم، وما يفعله مع كل البشر، لا لإحسانٍ أو استحقاقٍ فيهم، بل فقط نعمةً وفضلاً منه، لأن الله كلي الرحمة ونعمته تسع كل البشر في هذا الوجود. من أجل ذلك، ومهما ظننت إنك أفضل القديسين أو الصالحين، فإنك لا ولن تستطيع أن تدَعي على الله بأي استحقاق أو جدارة على نعمه العديدة في حياتك إذ أن إشراق الله للشمس وإنزاله للماء من السماء، هي كلها مدفوعة من فاتورة نعمته ورحمته المجانية التي يتساوى فيها الصالح والطالح، المؤمن والملحد حيث لا مجال للتمييز والتفريق بينهم في الحياة الحاضرة! يقول الكتاب: “فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ.لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ” (دومية12: 20-21). فهل نتخذ من الله قدوة في هذا الأمر، فلا نفرق بين الناس في أعمال الرحمة بسبب الجنس أو اللون أو الدين، بل أن نتعاون ونحب جميع خلق الله، لأن الله هو للجميع؟!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نعم الدين واحد ولكن المسيخية تم تخريفها فليس لله ولد لانه غير محتاح له ورحمته وحكمته وعلمه اكبر من ان يجعل له ولد ويعذبه بذنب لم يرتكبه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى