تحقيقات

من دفع بالقرار؟.. بيع الخبز بالكيلو الهروب إلى الأمام

الديمقراطي ـــ أم زين آدم

صباح الخميس الماضي، اقتادت دورية من الشرطة صاحب مخبز بضاحية الكدرو، مخفوراً إلى القسم، بعد القرار الولائي القاضي ببيع رغيف الخبز المدعوم بالكيلو، وإلزام مخابز الخبز المدعوم بعدم البيع التجاري، بزعم مخالفة المخبز للقرار، بيد أن لجان مقاومة المنطقة، احتشدت وتظاهرت أمام القسم إلى أن تم الإفرج عن صاحب المخبز، وعدت أمر القبض تربص ومكيدة من الولاية بسكان المنطقة، والرغبة في حبس صاحب المخبز نهاية الأسبوع تشفياً لا غير.

لا ضرر ولا ضرار 

منذ أن بدأت ندرة رغيف الخبز الحادة منتصف العام الماضي، اجتمعت لجان المقاومة والتغيير والخدمات بضاحية الكدرو، في مسعى لتوفير الخبز بالمنطقة، بأصحاب المخابز، وتم الاتفاق على أن يتم زيادة وزن القطعة إلى (110) جرام، وأن تباع القطعة بواقع جنيهين، وقتها كان سعر القطعة في عموم البلاد جنيهاً واحداً، وقال ممثل لجان المقاومة والتغيير والخدمات مصطفى إمام الكدرو كان اتفاقاً عادلاً يغطي التكلفة لأصحاب المخابز ويوفر الخبز للمواطن، ووجد ذلك إشادة من الجهات المعنية، وروى مصطفى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني أشاد بالتجربة واقترح أن يتم بيع الخبز بالكيلو بواقع (22) جنيهاً وقتها، بيد أن القرار لم يمض. ويرى مصطفى أن المشكلة الكبيرة التي عمقت أزمة الخبز، ترجع إلى ازدواجية الشغل مثال أن قرار الوالي القاضي ببيع الكيلو بواقع خمسين جنيهاً يعني (16) قطعة من الخبز، مع خصم عشر جنيهات ثمن الكيس الذي يباع فيه الخبز، في الواقع أن هناك فرقاً عشر قطع من الخبز قلت من حصة المواطن، لذا التزمت لجان المقاومة والتغيير والخدمات بتوفير الدقيق المدعوم للمخابز، على أن يتم التغاضي للمخبز في إنتاج الخبز التجاري بعد انتهاء وردية الخبز المدعوم، وقال جادلنا الدورية التي اعتقلت صاحب المخبز بأنه ملتزم باشتراطات القرار المتعلق بالخبز المدعوم، وعلينا مراعاة جوانب أخرى أغفلها القرار متعلقة باصحاب المخابز وزيادة مدخلات الإنتاج

ولاية الخرطوم تستهلك نصف حصة رغيف الخبز المنتج في البلاد، قررت بيع رغيف الخبز المدعوم بالكيلو، بكل وحداته، بمبلغ خمسين جنيهاً، في واحد من المساعي لتوفير الخبز المدعوم وإيقاف التلاعب في وزن قطعة الخبز، وإحداث وفرة. وإلزام القرار أصحاب المخابز بالبيع بالكيلو وتوفير ميزان الإكتروني رقمي ومنع بيع الخبز لغير المواطنين. وتوعد القرار أصحاب المخابز والمطاعم والكافتريات بعقوبات رادعة حال مخالفته.

حالة اشتباك

خلال الأيام العشرة الماضية؛ منذ العمل بقرار البيع بالكيلو؛ الطوابير أمام المخابز لم تختفِ، وتحرك سعر القطعة الواحدة من الخبز المدعوم إلى خمسة جنيهات، والتجاري عشرة و(15) في المناطق الطرفية، وفي مناطق شرق الخرطوم الرياض والمعمورة بلغ سعر القطعة الواحدة (23) و(30) جنيهاً، وتوالدت مشاكل جديدة وطلت برأسها، صاحب مخبز الوالدين الآلي بضاحية الكدرو خاطر معلناً، اعتبار تجربة بيع الخبز المدعوم بالكيلو فاشلة، وقال لـ(الديمقرأطي) إن الحكومة عاجزة عن تأمين الحصة المطلوبة من الدقيق للمخابز، وهذا القول يتطابق مع تصريحات صلاح مناع مقرر لجنة إزالة التمكين لصحيفة (السوداني) بأن وزارة المالية تسدد لمطاحن الدقيق بالعملة الوطنية، مما يدفع المطاحن لتوفير العملة الصعبة بالشراء من السوق الموزاي، وإن حصة المخبز تراجعت من (210) جوالات في الأسبوع إلى (60) جوالاً، ونتج عن ذلك خفض ساعات العمل من (24) ساعة إلى (8 أو7) ساعات في اليوم، وإن زيادة مطردة في أسعار مدخلات الإنتاج لم تضعها الولاية في الحسبان، فعبوة الخميرة زادت أربعاً أضعاف من (3) الآف جنية إلى (12) ألف جنيه، والكهرباء تجارية (90) كيلو واط بمبلغ (1100) جنيه لا تكفي استهلاك اليوم الواحد، بجانب أن هناك وقتاً كثيراً مهدراً في وزن الخبز، وارتفاع يومية العمالة العجان يتقاضى (200) جنيه، والفران (100) والطاولجي(70) جنيهاً بحساب الجوال، والجوال الواحد يحتاج إلى خمسة من العمال، ويرى خاطر نه من الأسلم للحكومة وأصحاب المخابز والمواطن أن تحدد الحكومة بيع الخبز بالقطعة وليس الوزن بالكيلو

تحرير الخبز

من رفض أصحاب المخابز إلى تذمر المواطن، توفير خبز اليوم للأسرة بات الهم المعيشي الأبرز. الإعلامي والباحث في الشأن الاقتصادي سنهوري عيسى، قال إن قرار بيع الخبز بالكيلو، التفاف في الحكومة على تحرير سعر الخبز وزيادة الأسعار، وبيع الكيلو بواقع خمسين جنيهاً، سعر قطعة الخبز الواحد من جنيهين إلى خمسة جنيهات، بزيادة (150%)، وهي ذات السياسة التي طبقتها الحكومة البائدة حين لجأت للإلتفاف على تحرير سعر السكر وأصدرت قراراً قضى بإبطال البيع بالرطل إلى البيع بالكيلو وهي عملية تحايل على إعلان زيادة سعر الخبز، وذهبت ماجدة محمد أحمد ربة منزل إلى ما ذهب إليه سنهوري بأن البيع بالكيلو تحايل من الحكومة على زيادة سعر الخبز المدعوم، وقالت في ضاحية المعمورة، حيث تقيم يباع بدون ميزان وتباع (20) قطعة خبز بسعر مئة جنيه وببطاقة أو من غير بطاقة حصة الشخص عشرون قطعة.المواطن إسماعيل عبدالله من منطقة صابرين بالثورات أفاد في حديثه مع (الديمقراطي) بألا وجود للبيع بالكيلو في تلك الأنحاء، وأن المخابز تشتغل الخبز التجاري وهو متوفر في متناول اليد بسعر خمسة وعشرة و(15) جنيهاً، واعتبر أن حجم القطعة من الخبز معقولة ومقبولة، بيد أنه أبدا تخوفه من التفاف أصحاب المخابز على وزن الخبز، بعد أن تثبت الأسعار يعمدون على تقليل ونقصان الوزن

ما يراه المواطن

احتجت اللجنة التسييرية لأصحاب المخابز بأن حكومة الولاية لم تستشرها في قرار البيع بالكيلو، الذي يكبد أصحاب المخابز خسائر فادة، ويرى مصطفى المدرو، أن قرار الخبز يجب أن تراعى فيه الولاية مصلحة المخابز والمواطن (مش تقرر أخنق فطس) وعلى المحليات أن تتشاور مع لجان المقاومة والتغيير بوصفها الحكومة المصغرة في أي منطقة بجانب أصحاب المخابز وبعد التشاور والاتفاق يرفع الأمر للولاية، وأوضح أن هناك (32) مطعماً شعبياً و(9) كافتيريات تستخدم الخبز الفاخر، إضافة إلى الطريق الرئيسي بالمنطقة، وهو طريق سفري والكثافة السكانية العالية وكثير من المناطق المجاورة تمدها مخابز الكدرو بالخبز (13) مخبز بلدي وخمسة مخابز آلية، لذا على الولاية أن تراجع قرار بيع الخبز للمواطن، كما عليها أن تسمح للمخابز التي تنتج الخبز المدعوم في ظل نقصان حصصهم بالعمل في الخبز التجاري. فيما ذهب سنهوري إلى أنه على الحكومة حل مشكلة مدخلات الإنتاج على مستوى المنتج المحلي من دقيق القمح أو المستورد وتوفير العملة الصعبة وتسديد فاتورة استيراده، والمدخل الثاني النظر في توفير الغاز الذي تسيطر عليه الحكومة والخميرة والزيت الذي ارتفع سعره بصورة مطردة لجهة أن الثلاثة أعلاه يمثلون ما بين (40%) (60%)، من تكلفة إنتاج الخبز، وقال إن التكلفة الإدارية تؤثر في صناعة الخبز بصورة مباشرة، خاصة وأن أكثر المخابز مؤجرة بجانب حصتها من الكهراباء تجارية، لذا كل ما كان الإنتاج أوفر ويغطي حاجة واستهلاك المواطن ويتناسب البيع مع تكلفة التشغيل، يحقق أصحاب المخابز الربح المرتجاً، وبالتالي لن يلجأوا إلى التحايل وبيع جزء من حصصهم من الدقيق لتغطية فروقات الربح، أو أن الحكومة تحرر سعر الخبز بصورة مباشرة أو تتحمل الدعم وتعالج كافة مدخلات الإنتاج.

المظاهرات الأخيرة التي شهدتها شوارع الخرطوم، علا هتاف (عيش الكيلو ما بنشيلو) لججهة أن بعض الأسر في بعض المناطق اشتكت بإن حصتها قليلة بالنسبة لأفراد أسرهم فالاسرة المتوسطة التي تتكون من سبعة أفراد، وتحصل على اثنين كيلو من الخبز المدعوم في اليوم أو كيلو واحد كما في بعض المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، تحتاج إلى خبز تجاري قد يصل إلى (500) جنيه في اليوم بحساب أن سعر القطعة من الخبز التجاري جيدة الصنع يتراوح سعرها ما بين (25) و(30) جنيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى