الرأي

مفوضية مشاريع الشباب فكرة يجب أن تكتمل

لولا الشباب لما تحرر السودان من سطوة عصابة النظام المخلوع، وما كان للكيانات السياسية بجميع أنواعها أن تزحزحه ولو قضت مائة سنة، وكذلك لا يمكنها أن تنجح في بناء السودان وإحداث التغيير الذي ينشده الشعب بعد ثورة ديسمبر، إلا باستيعاب الشباب وتبني أفكارهم التي اتضح أنها أفضل من أفكارهم؛ لأن نظرتهم دائماً تتجاوز الماضي والحاضر إلى المستقبل، ولا شيء يوقفهم لأن ما يحركهم هو الطموح والإرادة، وهذا ما يظهر على أرض الواقع الآن، ونحن نرى الشباب يدفعون الحكومة دفعاً إلى الأمام، ويقدمون المبادرات والأفكار من أجل دعم التغيير، ويقدمون لها الخطط الطموحة، ودعونا نقف على خطة واحدة ولدت منذ أكثر من عام ويحارب الشباب من أجل إقناع الحكومة بتبنيها وهي الآن موضوعة أمامها تنتظر الموافقة ألا وهي فكرة إنشاء مفوضية لمشاريع الشباب.
الفكرة نبعت من الشباب ومن رغبتهم في دفع عجلة التغيير التي توقفت 30 سنة بسبب سياسات النظام المخلوع، حتى الحكومة الانتقالية ما زالت مشغولة عنهم، ولم تنتبه إليهم بشكل خاص، وقد يطول انتظارهم؛ ولذاك فضلوا أن يبادروا بأنفسهم فجاءوا بهذه الفكرة التي تثبت قدرتهم على التفكير المتقدم في ظل أحلك الظروف واستعدادهم لمساعدة الدولة.
الهدف الأساسي للفكرة هو وضع الشباب في مكانهم الطبيعي في مقدمة عجلة التنمية، وهم الدينمو المحرك لها، وحقيقية هم قدموا للحكومة مساعدة كبيرة واختصروا عليها مشواراً طويلاً، وما عليها إلا أن تدعمهم بقوة، وأنا أعرف أن قادة هذا العمل عانوا من أجل توصيل الفكرة إلى مسئولي الحكومة وإلى كل الشباب في كل الولايات التي وصلوها بأنفسهم وصبروا وثابروا ولم يصابوا باليأس والإحباط، حتى أصبح الأمر واضحاً للجميع.
بدأت الفكرة تتحقق على أرض الواقع، ويوم الجمعة الماضي تم تدشين نموذج الخرطوم لمشروعات الشباب الإنتاجية بحضور عدد من أعضاء مجلس السيادة ووالي الخرطوم ووزير العمل وعدد من أعضاء حكومة ولاية الخرطوم وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الوطنية، وحقيقة هذا الأمر سيعكس صورة مشرقة أخرى عن الشباب السوداني ويفتح الأبواب أمام الدولة لإيجاد الدعم من كثير من الجهات التي تهتم بدعم الشباب في الدول النامية، والي الخرطوم أيمن نمر تبنى نموذج الخرطوم ونرجو أن يوفق في أن يقدموا تجربة مميزة..
بلا شك المضي قدماً في هذه الفكرة العظيمة سيكون له مردوده الكبير، وهي خطوة عظيمة إلى الأمام بل قفزة، فتوفير مشاريع للشباب يعني الاستفادة من طاقة أعظم فئة في المجتمع وأكثرها تضرراً من الظروف التي مر بها بالسودان، وسيسهم الأمر في تحسين الأحوال الاقتصادية والخروج من معضلة العطالة وسيئاتها المدمرة، فبناء أي دولة يعتمد في المقام الأول على قدرتها في توظيف طاقات الشباب.
الفكرة ليست محصورة الخرطوم فهي وصلت الولايات ويجب على كل والٍ تبني نموذج ولايته، ولكن على الحكومة الانتقالية أن تسرع في قبول الفكرة وتبنيها وإنشاء مفوضية مشاريع الشباب وجعلها مؤسسة قومية مكتملة الأركان، وأن تجعل الشباب الذين تقدموا بالفكرة نواتها الأولى، وحمايتها من القرصنة السياسية والفساد والتشريعات والقوانين اللازمة حتى تتمكن من أن تتطور في مناخٍ سليم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى