صفحات متخصصة

معارك نوال السعداوي التي أغضبت المتطرفين.. لماذا شمتوا بوفاتها؟

فاطمة ناعوت: الراحلة حملت مشعل التنوير ومواجهة الأفكار الظلامية وحيدة كسيدة في زمنها وعصرها
***
لم تكن شماتة المحسوبين على التيارات المتطرفة والمتشددة لوفاة الكاتبة المصرية الكبيرة الدكتورة نوال السعداوي، والتي عبروا عنها بوضوح على مواقع التواصل، عقب إعلان رحيلها ورفضهم الترحم عليها، نابعة من اختلاف أو خلاف فكري أو ديني، فهذا ما يتعارض مع أبسط تعاليم الإسلام التي يزعمون أنهم يحملون راية الدفاع عنها، ولكن كانت نابعة من مواقف وأفكار وحجج انتصرت بها عليهم الكاتبة الراحلة وفنّدت فيها أكاذيبهم وسلوكياتهم المرفوضة، وكشفت زيفهم وخواءهم الفكري والديني بل الإنساني.
كانت الكاتبة الراحلة ضمن أول التنويريين في مصر الذين نادوا بتجديد الخطاب الديني، وكانت ترى، أن الأديان كلها في حاجة إلى التجديد، وليس الإسلام فقط، كما كانت ترى أن تلك المهمة يفترض ألا يقوم بها الرؤساء وعلماء الدين فقط، بل الشعوب والنخب، وهو ما فتح نيران الغضب عليها من الذين يرون أن التجديد الديني هدم لثوابت الدين، ومحاولة لتغيير العقائد الثابتة والراسخة وكانت الراحلة ترد على ذلك بالححج والأفكار القوية.
واجهت نوال السعداوي ظاهرة الختان في مصر، وأصرت على أن هذه الجريمة التي تنتهك جسد المرأة ليس لها ما يدعمها من القرآن والسنة، ولا تمارس إلا لفرض وصاية على النساء وأجسادهن وعقولهن.
وكتبت عن تجربتها من العمل كطبيبة في قرى مصر، وقالت: “إن هذه الجريمة كانت في أحيان كثيرة تودي بحياة الفتيات وتسبب لهن عاهات نفسية”، وواصلت حملاتها حتى استجابت السلطات المصرية وأصدرت قانونا يجرّم ختان الإناث وقامت بتعديله أمس لتغليط العقوبات أكثر وأكثر، ووصلت إلى السجن 20 عاما، وتصادف ذلك أنه كان في نفس يوم وفاة السعداوي، لترقد الراحلة في سلام بعد أن انتصرت لقضيتها وهو ما أزعج المتطرفين والمتشددين أكثر وأكثر منها.
هاجم الإسلاميون والمتطرفون الراحلة أيضا بسبب معاركها ضد النقاب والذي كانت تعتبره من صور العبودية وضد الأخلاق، كما حاولوا تشويهها في حياتها وعقب وفاتها، بسبب معاركها من أجل انتزاع وترسيخ حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، ولذلك شنّت تلك الجماعات معارك قانونية ضدها ورفعت عليها دعاوى قضائية مثل قضية الحسبة للتفريق بينها وبين زوجها، وتعرضت لتهديدات بالقتل، من الجماعات المتطرفة، وأُدرج اسمها في إحدى قوائم التصفيات والاغتيالات اضطرت على إثرها للسفر لخارج مصر لفترة من الزمن.
كما تعرضت لمحاولات إسقاط الجنسية المصرية عنها، حيث رفضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في 12 مايو 2008، إسقاط الجنسية عنها بسبب أفكارها في دعوى رفعها ضدها أحد المحامين.
وتقول الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت إن أكثر ما أزعج المتطرفين والمتشددين من نوال السعداوي وجعلهم يتبارون في تشويهها حية وميتة، هو دفاعها عن الأخلاق والشرف بطريقة كشفت أكاذيب هولاء ونزعت عنهم ورقة التوت التي كانوا يتسترون بها، كما هدمت ذكورية مركزيتهم، وحاولت أن تضبط الموازين كما أرادها الله، وهي أن الإنسان رجلا كان أو امرأة مكلف ذو عقل، وليس تابعا أو ناقصا، وأن الله لم يخلق شيئا ناقصا، وهو ما حاول المتطرفون إلصاقه بالمرأة للوصاية عليها وعلى جسدها وعقلها.
وتضيف لـ”العربية.نت” أن الراحلة كانت تدافع عن شرف المرأة وعقلها وجسدها، ونجحت في مواجهة الذين يحاولون احتكار جسد المرأة وعقلها، تحت لافتة الدين، وكانت تواجه ذلك بأفكار ترسخ فكرة أن المرأة إنسان، وأعادت تعريف ومفهوم الشرف الذي اختصره واختزله الذكوريون من المتشددين في الأعضاء التناسلية للمرأة، ونسوا أن مفهوم الشرف يتسع للكثير وليس قاصرا على هذا المفهوم الرخيص. وقالت إن شرف الإنسان رجلا كان أو امرأة هو الصدق، فحاربت بذلك النفاق الديني والمجتمعي، فهاجمها المتشدون لذلك لأنها هدمت هذا الحصن الذي كانوا يتحصنون به للنيل من المرأة.
وذكرت أن الراحلة حملت مشعل التنوير ومواجهة الأفكار الظلامية وحيدة كسيدة في زمنها وعصرها، ودافعت عن حق المرأة في ارتداء الحجاب من عدمه، وكانت تقول إنه ليس شرطا أن ارتداء الحجاب يعد دلالة على سلوك المرأة وعفتها، بل كانت تؤكد أن الحجاب يدل على النظرة للمرأة كجسد فقط مثلها مثل المرأة التي تتعرى أيضا، وترى أنها مجرد جسد. وأشارت إلى أن أغلب من هاجموا السعداوي لم يقرأوا لها كتابا واحدا وتجمعهم عدة خصال، وهي الجهل وعدم الثقافة والنظرة الدونية والجنسية للمرأة وعدم الفهم الصحيح للدين وتعاليمه.
كوتيشن:
أغلب من هاجموا السعداوي لم يقرأوا لها كتابا واحدا وتجمعهم خصال الجهل والنظرة الدونية للمرأة وعدم الفهم الصحيح للدين وتعاليمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى