الرأي

متى نخرج من قائمة الدول الأكثر تعاسة ؟

في تصنيف أكثر الدولة سعادة دائما ما تكون فلندا في المقدمة أو الأولى، أتعلمون لماذا؟ لأنها تدار بسياسات تنم عن احترام عميق وكبير لحقوق الإنسان. فهي إحدى أفضل الأماكن في العالم لكي تكون المرأة أماً، وتمتلك أحد أفضل نظم التعليم في العالم. وهي مميزة بشكل واضح في سياساتها المتعلقة بالبيئة والمساواة بين الجنسين والتوازن بين العمل والحياة، وهذا دليل على أن حكوماتها تركز على توفير الاستقرار لمواطنيها وتحرص على توفير الحياة الكريمة لهم، وهذا دليل على أن حكوماتها ظلت تعمل بنزاهة ونكران ذات .
الأمم المتحدة تريد لكل دول العالم أن تكون مثل فلندا ولذلك تطالبها ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﺈﺩﺭﺍﺝ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ جدﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎلها باعتبار ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺗﻌﺪ البداية ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ وتحقيق الرفاهية، وهذا يمكن أن يتحقق ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺛﺮﺍء الدولة ﺃﻭ ﻓﻘﺮﻫﺎ فالأمر يعتمد على ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ الظلم ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺎﺳﻚ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وتوفير العمل المجزي والاستقرار السياسي، وقد ﺃﺛﺒﺘﺖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ أﻥ ﺃﻛﺜﺮ الشعوب سعادة ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻰ يتوفر لها العمل والأمن ﻭﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ الاجتماعي والبيئة الجيدة فقط، وفي الحقيقة دول كثيرة تمكنت خلال السنوات الماضية من نقل شعوبها من الأتعس إلى الأسعد .
اليوم 20 مارس يحتفل العالم باليوم العالمي للسعادة ، وقد أقرته الأمم المتحدة من أجل لفت ﻧﻈﺮ ﺤﻜﻮﻣﺎﺕ الدول لتدارك اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ التي تسبب التعاسة لشعوبها مثل العطالة والفقر ورداءة البيئة وعدم الاستقرار السياسي، وهو الواقع الذي يعاني منه الشعب السوداني اليوم ما يجعله فعلا واحدا من أكثر الشعوب تعاسة، أنا الآن أكتب في هذه الزواية وأشعر بالتعاسة والاستياء بسبب انقطاع الكهرباء والمياه وأعتقد كل سكان العاصمة يشاركونني هذا الهم فهو ليس جديدا ويزداد في ظل كل حكومة جديدة .
يعتمد مقياس سعادة الشعوب على مؤشرات علمية تعتمد على ﺳﺘﺔ ﻋﻮﺍﻣﻞ، ﻭﻫﻲ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻲ ﻭﻣﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺳﺨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻊ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ، وما لا يمكن إنكاره أن الشعب السوداني منذ فجر الاستقلال لم ينعم بحكومة نزيهة وكريمة معه وحنينة عليه، ولذلك هي سبب تعاسته الأساسية، وخاصة النظام المخلوع الذي تفنن في إتعاسه وحتى الحكومة الانتقالية لم تسطيع فعل شيء رغم مرور أكثر من عامين على الثورة، بل أداؤها رفع من درجة تعاسة الشعب إلى درجة غير مسبوقة، رغم أنه ثار ليتخلص من رحلة التعاسة هذه .
تحقيق الاستقرار السياسي هو القاعدة الأساسية لتتحقق ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ، ولانعدامه أمسكت التعاسة بتلابيب السودان ولم تفكها على مدى تاريخه بعد الاستقلال فهو خضع 52 سنة لحكومات عسكرية عاجزة و13 سنة حكومات حزبية متصارعة تعاني من مراهقة سياسية مزمنة، ويتجلى المشهد اليوم في أوضح صوره، ونتمنى أن تتحرك الحكومة الانتقالية لإخراجنا من قائمة الدول الأكثر تعاسة التي تربعنا على صدارتها وليتقوا الله فينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى