الرأي

كلام في القاهرة عن (انقلاب اليرابيع)..!!

مسألة

د. مرتضى الغالي
جمعتنا بالقاهرة جلسة مع صحفيين وإعلاميين مصريين كان فيها بعضهم من المتعاطفين مع السودان في حدود ما تسمح به طبيعة انتمائهم المهني والوجداني مع حكومة بلادهم (وبالذات) مؤسسة الرئاسة فيها..!! وقلنا لهم أن عليكم مصارحة صانع القرار المصري بحقيقة موقف السودانيين تجاه الدولة المصرية في هذه الآونة..ذلك أن إغفال مشاعر الشعب السوداني لصالح قادة الانقلاب فيه ضرر كبير على مستقبل أي علاقة بين البلدين بالإضافة إلى المشاكل المعلقّة المعروفة التي لا يمكن القفز فوقها بالتجاهل و(الصهينة).. وان كنتم لا تعلمون فإن مشاعر السودانيين الآن تحتشد بكثير من الغضب لموقف الإدارة المصرية من انقلاب البرهان.. والمحاولات التي يقوم بها هذا الرجل من اجل تسويق نفسه للإقليم وللدول الأخرى ومنها الإدارة الأمريكية وأوروبا..وهي محاولات عقيمة بطبيعة الحال مدموغة بوصمة الفشل ومختومة بختم الخذلان (بإذن الله) طال الزمن أم قصر..ّ فهذا الرجل قام بهذا الانقلاب مع (شراكة سوء) كل منهم يسلك (سلوك القنفذ) أو اليربوع..ويحاول أن يحفر لنفسه حجرة أو حفرة أو نفقاً أو مخرجاً سرياً مموهاً في اتجاه مغاير…حتى يلجأ إليه أو (يندس فيه) أو يهرب عبره عند الضرورة..! وهذه الحجرة الخفيّة أو (الجُحر التمويهي) أو الممر السري الذي يحفره القنفذ (أو الجربوع) ولا يُظهره للآخرين هو ما يسمى في لغة العرب (بالنافقاء)..وتمّ منها لاحقاً اشتقاق كلمة النفاق…و(كلو من بعضو)..!!
قلنا لهم إنكم تظنون أن حال البرهان وبقية جنرالات الانقلاب هو مثل النموذج المصري؛ ونحن لا نريد أن نتحدث عن قيادتكم وطبيعة السلطة فيها فهذا من شأنكم ..ولكنكم لا تعرفون كيف كان المخلوع يقوم بمنح ألقاب الفريق..وكيف كان يتم تصعيد الفرقاء في عهد الإنقاذ الأغبر..!! والخطأ التاريخي الأفدح هو أن تحاول الرئاسة المصرية دعم هذا الانقلاب وتحكيمه على رقاب السودانيين..!! ألا ترون كيف يقتلون الشباب والأطفال في الشوارع وينتهكون الحرمات وينهبون البيوت..؟!..أنتم صحفيون وإعلاميون ترون وتسمعون ولا بد أنكم تعلمون موقف الغالبية الساحقة من الشعب السوداني تجاه هذا الانقلاب الذي قطع الطريق على حياة السودانيين ومستقبلهم ومعيشتهم وكرامتهم ومستقبلهم..وهو انقلاب (بالمختصر المفيد) وضع السودان على حافة الهاوية وفي أسوأ موضع يمكن أن تخيله من أسوأ سيناريوهات البلاد الفاشلة المُهددة في وجودها.. ومتى تم ذلك..؟! تم في وقت بدأ فيه السودان (يا دوب) يضع أقدامه على (التراك الصحيح) في كتابة ميثاق اجتماعي وسياسي جديد يقوم على المواطنة الحقة ومدنية الدولة والسلام الاجتماعي ويرد غوائل الاقتتال والدماء ويؤاخي بين السودانيين تحت ظلال التعددية الباهية ويهزم دعاوي العنصرية ويعمل على إبطال القنابل الموقوتة التي خلفها الاخونجية ونظام الترابي-البشير؛ مصدر الشر والطاعون ومباءة الفساد التي تتلوى فيها ديدان الخراب وتنعق فوقها غربان الشؤم..!!
قلنا لهم إن حديثنا معكم لم يكتمل ولكن ألا تعلمون أنه انقلاب اخونجية صريح..أم أنكم تعلمون ولا تهتمون..وتظنون إن التعامل مع الشيطان يمكن أن تنتج عنه مصلحة للدولة الجار.. ما دام الشيطان يعيث فساداً داخل حدوده..!! هذه نظرية صفرية ستعلمون عنها ولات حين مندم…! ولم يفرغ حديثنا معهم في تلك السانحة التي جمعتنا في شرفة على شارع قصر النيل بوسط القاهرة..ليس بعيداً عن قصر عابدين والميدان الذي وقف فيه عرابي أمام الخديوي توفيق وهو يخاطبه من صهوة جواده قائلاً: لقد خلقنا الله أحراراً ولم يخلقنا تراثاً أو عقاراً.. فوالله الذي لا اله إلا هو سوف لا نُورّث أو نُستعبد بعد اليوم..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى