الرأي

فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟

وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ (متى 5: 47)
أطبع بصمتك الشخصية في الحياة لا تكن نسخة من الآخرين، لقد أعطى الله لكل فرد على وجه الأرض هوية مختلفة،إلا أن الكثيرين لا يتوقفون عن تقليد وتكرار صور الآخرين دون أن يعيشوا على طبيعتهم. لا يستهويهم جذب الأمور التي تغير من روتينهم، لأنهم لا يقتفون آثار المبدعين ويعجزون عن الصعود على أكتاف العملاقة، مهما كانت صورة وشكل المرء صغيرًا أو كبيرًا ظاهراً أو غامضاً هناك شيء مميز فيه، عليه أن يعرف قيمته، لقد خلق الله كل فرد لهدف ما. إنها نعمة أن يقبل الإنسان نفسه بالضبط كما خلقه الله، إنها نعمة أن تكون مختلفًا عن الآخرين. الاختلاف في البشر لا يكمن في الأجيال التي يعيشون فيها، أو في الزمان والمكان اللذين يعيشون فيهما، ولكن الاختلاف الهائل في الناس موجود في شخصياتهم، في نوعية طبيعتهم. نمو المعرفة ونضج الخبرة يعتمد على وجود الاختلاف، صحيح أن مجتمعنا لديه قناعة مفادها: الاختلاف في الرأي قد يؤدي إلى النزاع والعنف، لكن من ناحية أخرى الاختلاف قد ينتج نقاشاً وحجة ونقداً متبادلاً فلا ضير من أن تكون أصولياً أو منفتحاً تقبل الحوار والاستماع لرأي الآخر مما يؤدي إلى احترام الذين يختلفون عننا.
الكثير من المؤثرين لا يجيدون سوى صنع شخصيات مماثلة لهم، أكثر من تحريك الطاقة المفجرة لا إمكانيات أتباعهم، ثمة من يستطيع أن يصنع من المرء شخصاً. كانت عائلة كنيدي من المتميزين في عصرهم منهم “جون كنيدي 1917- 1963” الذي يعتبر ثاني أصغر رئيس بعد “الرئيس ثيودور روزفلت” يجلس على كرسي البيت الأبيض للولايات المتحدة الأمريكية(1960-1963)، واقتيل في فترة رئاسته، حينذاك لم يتجاوز عمره 46 عاماً. يقال إن والد “كنيدي الأب” كان يعمل سفيرًا للولايات المتحدة لدى بريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية أنه كان يربي أولاده كي يكونوا رؤساءً للجمهورية. فعلاً حقق ابنه جون كنيدي حلم والده وحكم البيت الأبيض، وأخوه روبرت كنيدي أعلن ترشيح نفسه لنيل ثقة الحزب الديمقراطي وخوض تجربة الانتخابات الرئاسية عام 1968، لكن الغدر لم يمهل روبرت فرصة الوصول لمقعد الرئاسة بسبب اغتياله في ذات العام. أصبح شقيقهم الأصغر” إدوارد كنيدي” شخصية مرموقة من رجالات الحزب الديمقراطي، لقب “بأسد مجلس الشيوخ”، وأحد المدافعين بقوة عن الحريات المدنية الأمريكية في الكونجرس، ويعتبر ضميراً حياً لحزبه، وأعظم زعيم في مجلس الشيوخ في التوصل إلى حل وسط بين الأطراف المختلفة. إذا لم يقل تأثيره عن الرؤساء إلا عدم تقلده لمنصب الرئاسة. حياة أولاد كنيدي الآب تثبت صحة تأثير العباقرة من خلال بث روح التمييز والاختلاف في الآخرين قال أحدهم: “ليس المهم أن يكون المرء عظيماً حتى يمسي ناجحاً يذكره التاريخ أبد الدهر، لكن المهم أن يحاط المرء بعدد من العباقرة الذين يسهرون على تحقيق أحلامه وطموحاته ويمدونه بالأفكار النيرة”. بالمقابل الذين يسيرون تحت ظل الآخرين. قد لا يتوقفون عن مقارنة حياتهم بالآخرين، لا يتحررون من الإحساس والشعور بما يقوله الآخرون عنهم. يتغاضون عن حقيقة عدم توقف الناس أبدًا في إصدار الأحكام على الآخرين. مما يجعلهم أسرى لحالة عدم اليقين والفشل في تنصيب العقل سيداً لتقبل نفسه. نعم أنت لديك قصة مختلفة تماماً، اتبع خطواتك ولا تدع المجتمع يحدد من أنت.
في أيام السيد المسيح حيث العقائد المتنافرة ما بين الوثنية والمتدينين المتطرفين، لا يسعى الناس من أجل التفكير خارج الصندوق حتى إذا كان المرء يمتلك قدرات التغيير، كان في سياقهم الثقافي ينفرون من إلقاء التحية لغير المعروفين أو المعارضين لتوجهاتهم. المبدأ الذي أراد تعليمه لتلاميذه في قوله: وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ هو التميز في التفكير والتوجه عكس التيار العام الذي يضع الإنسان في إطار يحكمه لدرجة التقليد ألأعمى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى