الرأي

فصح القيامة

إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. (1كو 5: 7)
لماذا تركت الكنيسة تاريخ عيد الفصح بحسب التقويم اليهودي؟؟ كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح، بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي، كما كان يفعل يسوع والتلاميذ، ويختم بحدث القيامة يوم الأحد. واستمر ذلك طول القرون الثلاثة الأولى. شكك البعض بعدم ذكر موضوع الفصح في كتابات آباء الكنيسة الأولى ولكن ثبت من قبل مؤرخ الكنيسة الأول يوسابيوس القيصري، أنه دار نقاش بين كنيسة روما وآسيا حول الاحتفال بعيد الفصح وإتمام الصيام الذي كان يمارس في أيامهم. وذكر القيصري أن الموضوع كان عن تحديد يوم احتفال العيد في اليوم الرابع عشر للقمر. وكان الاحتفال بعيد الفصح يتم كما أعده المسيح، وبالطريقة اليهودية، ولكن بدلاً من التركيز على طقوس علامة دم الحمل، كذكرى للخروج من أرض مصر، يركز المسيحيون على المسيح يسوع الذي صار هو (الفصح) (لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا)، الحمل والذبيح الكامل، الذي دخل أورشليم قبل خمسة أيام من الفصح سالماً منتصراً، ويصلب ويموت سافكاً دمه، ويدفن كاملاً دون كسر كما ذكر (يوحنا الحبيب)”وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ”. إذاً لقد احتفل المسيحيون من أيام الرسل حتى قبل مجمع نيقية بالفصح ويختم يوم الأحد بذكرى القيامة.
ولكن في القرن الرابع أثناء مجمع نيقية في 325م، تم إصدار قرار بمشاركة بين الإمبراطور، ومباركة آباء الكنيسة آنذاك، بتحديد عيد القيامة، وشريطة أن يكون مستقلاً عن عيد (الفصح اليهودي). وبحسب الموسوعة الكاثوليكية اتسم المرسوم بنوع من العدائية لليهود وبرروا ذلك كانتقام لمشاركة اليهود في عملية صلب المسيح…. !!
ومن ذلك الوقت تباعدت العلاقات، وساءت جداً بين اليهود والكنيسة، إلى ما بعد الإصلاح. ولم يسلم المجتمع الغربي من تداعياته مما أدى إلى (ظاهرة ضد السامية)؛ وتعود جذوره إلى أحداث مفبركة، في بريطانيا وألمانيا وتفشى إلى كل المجتمع. الأسوأ من ذلك تم تغيير اسم (Passover) ويعني حرفياً (العبور) و(نقحرت) باللغة اليونانية بعبارة (Pascha) (باسكا) أو (باسخا) أو (باسكو) كما في اللاتينية حولت إلى اسم (Easter) (إيستر). برغم عدم وجود هذه الكلمة في الأصل العبري ولا اليوناني إلا في الترجمة التي نشرت في عام (1611م) تحت رعاية (الملك جيمس الأول) ملك إنجلترا باللغة الإنجليزية وذكرت مرة واحدة في أعمال الرسل 12: 4). وكلمة “Easter”إستر”، تعني الفجر أو الشروق ويتوافق مع الكلمة اللاتينية (albis) وهي صيغة الجمع للكلمة alba وتعني (“الفجر”)، والاعتدال الفلكي لفصل الربيع، وتسمية للشهر الرابع والاعتدال الربيعي عند بعض الشعوب الأوربية من ضمنهم الألمان والإنجليز. هذا أدى إلى تسمية أسبوع الآلام، (Easter week) أسبوع إيستر. مما سمح لمترجمي نسخة الملك جيمس بترجمة الكلمة اليونانية “Πάσχα” باسخا، باسكا) بالكلمة الإنجليزية ـ “Easter”بدلاً من (Passover) (أي الفصح)، وقد يكون من ضمن أسباب تفضيل مترجمي النسخة الإنجليزية للكتاب المقدس المنسوبة (للملك جيمس)، تعود إلى أحداث (يوم قيامة المسيح) عندما قصدت النساء القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه لجسد يسوع، كان ذلك في (الفجر أو الشروق) كما ذكر القديس لوقا: “ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ، فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ “. الحجر المختوم تدحرج بعيداً، الكفن خالي، الحدث الجديد، واليوم الجديد في تاريخ البشرية، إذ تنتقل الأحداث من يسوع إلى قصة أحداث الشهود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى