الرأي

عاصفة الهوس لا تمر بالانحناء

هادية حسب الله
فى الخريف الماضي، تداولت السوشالميديا صورة لمجموعة شبان يحاولون درء فيضان النيل بأجسادهم الغضة. جسدت هذه الصورة حرص هؤلاء الشبان على مناطقهم وعلى حماية الآخرين، فى فدائية قد تبدو متهورة ولكن اقتضتها اللحظة. وفى تقديري هي إحدى صور ألبوم العطاء العظيم لثورة ديسمبر.
لذلك يجب على من يقودون الفترة الانتقالية أن يكونوا بقدر هؤلاء المتسدرين/ات الشجعان والشجاعات.
الانحناء أمام عاصفة الهوس ليس “حكمة” بقدر ماهو تخاذل. فالحكمة تعتمد على قراءة ذكية للسياق، وتتجنب السيناريوهات الأسوأ لصالح سيناريو أقل كلفة.
والسؤال هل تجنب المعركة مع الهوس الديني والظلاميات ممكنة؟ وهل يمكنك بناء ديمقراطية مستقرة بتأجيل هذه المعركة الحتمية؟!
بالتأكيد هي معركة لا يمكن تجنبها لأنها تمثل أهم مهام الفترة الانتقالية: وهي تصفية دولة الفساد والاستبداد. وأهم عناصر هذا الاستبداد المشروع الفكري المتطرف والإرهابى للإسلاميين. هذه المواجهة تشمل كل المجالات: الإعلام والمؤسسات العدلية وخلافه، ولكن من المؤكد أن التعليم أهمها.
ولقد أكدت كل الدراسات أن مواجهة التطرف العنيف مدخلها التعليم. وهو ماحرض كل المنظمات العاملة فى مجال التعليم وعلى رأسها اليونسكو لتنبيه واضعي السياسات التعليمية على توخي الحرص بوضع المناهج حتى لا يتسرب مايدعم الغلو والتطرف. مظاهر التطرف أوجدتها الإنقاذ طوال سنوات حكمها بممارستها السياسية وبحكم مشروعها الآيدويولوجي الإقصائي نفسه.
بكل الحسابات الممكنة لا يمكن لقيادة ثورة ديمقراطية ترفع شعارات الحرية والعدالة والسلام تقديم تنازلات لجماعات الهوس الديني، أو لميراث الإنقاذ الفكري المخرب للعقول.
الاستنارة هي المدخل الأوحد لاستقرار سياسي واقتصادي مستدامين، وهي معركة تستدعي مواجهة الفكر الظلامي أياً كانت نتائجها، فهى معركة لا يجدي التهرب منها. بل كلما تخاذل عنها مقاتلوها ومقاتلاتها كلما ازدادت تعقيداً وكلفة.
ماقام به حمدوك لا يشبه الصدور التى واجهت السيل. والنهوض بالبلاد يحتاج لركب ثابتة تحمل عبء البلاد بلا “تراجف”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى