الرأي

ظاهرة العنف ضد الأطباء

عمار محمد
تكررت في الآونة الأخيرة الاعتداءات على المستشفيات والكوادر العاملة فيها الأطباء خصوصاً هذا التكرار يستوجب التعامل مع الأمر كظاهرة مقلقة تستوجب النظر والتدبر لما لهذه الأحداث من تأثير خطير على بيئة العمل وتقديم الخدمة الصحية مما يهدد بإزهاق مزيد من الأرواح البريئة وانخفاض جودة تقديم الخدمة عند العمل في بيئة تفتقر للأمن.
الخسائر المادية المصاحبة لأعمال العنف داخل المستشفيات لها أيضاً جانب معتبر ومقدر من فقدان للأجهزة الطبية وإتلاف للمنشآت.
إن ظاهرة العنف ضد الدولة والمجتمع والخروج عن القانون والعمل على تحصيل الحقوق والعدالة باليد هي أحداث ينبغي النظر إليها بقلق فهي تشير إلى خلل سلوكي واجتماعي أو وظيفي من جانب الدولة من الممكن أن يتطور إلى إحداث عنف أوسع بفعل تقاطع عوامل ثانوية أخرى. إن أحداث تاريخية جسيمة كالحرب العالمية الأولى والربيع العربي وغيرها بدأت بأحداث فردية المظهر.
غالباً ما نكتفي في السودان بالعلاج المسكن ونحصر الظاهرة في إطارها الشكلي المعزول ونقنع بالمقاربة الأمنية والقانونية للظاهرة ونرد الأمر برمته إلى تقصير الأجهزة الأمنية وعدم تطبيق عقوبات رادعة لكن دائما لا يكون هذا كافياً للتعامل مع هكذا ظواهر.
إن العنف بكل أشكاله مرفوض ولا ينبغي التعاطف معه أو تبريره لكن يجب معرفة أسبابه للتعامل معه.
يجب أن يتم تشكيل لجنة تتقصى الحقائق حول الظاهرة عموماً تتكون من أطباء ومحامين وكتاب ورموز مجتمعية يكون من ضمن مهامها البحث إن كانت توجد علاقة سببية بين ازدياد حالات العنف في المستشفيات ووجود أو ازدياد الأخطاء الطبية والإهمال .
وفي حالة وجود هذ الارتباط ينبغي تشريحه وبيان خلفياته هل يرتبط ذلك بعدم توفر معينات العمل الطبي من أجهزة وأدويه وكوادر طبية كافية أم هي أخطاء بشرية تتعلق بجودة التدريب وكفاءة الإدارة الطبية.
كما يجب تقييم المسار القانوني والإداري الموجود في حفظ مسار تحصيل حقوق المرضى ومدى نجاعته وعدالته وثقافة الجمهور والكوادر الطبية به.
كذلك لابد من تمويل بحوث سوسيولوجية وطبية حول الظاهرة والاستفاده من نتائحها في تقويم النظام الصحي.
من الظواهر السلبية كثرة مرافقي المريض وتداخلهم في العمل الطبي كحفظ مواعيد الجرعات ومراقبة المحاليل الوريدية. وزيارات المريض في السودان وإن كانت تعبر عن التضامن السوداني المعهود إلا أنها تتناقض مع العزل الصحي وراحة المرضى وسلامتهم وتسهم في نقل العدوى من وإلى المستشفيات. ومن جانب آخر فإن التجمعات تساهم في إثارة التوجهات غير العقلانية مثل العنف.
ينبغي منع ظاهرة كثرة المرافقين حول وداخل المستشفيات والزيارة حتى وإن صارت أحد موارد المستشفى المالية يجب إيقافها أو تضييقها لابعد حد لأنها عمل غير صالح.
تحسين التواصل بين الكوادر الصحية والمرضى عملية مطلوبة عن طريق التدريب ووضع بروتوكول لتطوير التواصل والعمل تحت الضغط في بيئة العمل غير المناسبة والاكتظاظ.
إن الأطباء في السودان يعملون في ظروف بالغة التعقيد ويتعرضون لإجحاف كبير لأنهم واجهة النظام الطبي يتحملون سوءاته من انعدام المعينات ونقص التدريب والكوادر وبيئة العمل المنهارة وإرث الإنقاذ الذي أفضى إلى نظام صحي منهار ومعتل يحتاج إصلاحه لصبر ومعاناة وهو لا ينفك مثأتراً بالانهيار في كافة المجالات الأخرى كالتعليم والاقتصاد والأمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى