الرأي

طبقة المجرمين الاجتماعية

سياسات النظام المخلوع الاقتصادية والاجتماعية كلها بنيت على باطل بنفس طريقة وصوله الى السلطة، فجاءت النتيجة مؤسسات دولة فاسدة ساهمت بشكل فاعل في نشر ثقافة الفساد في المجتمع، سواء كان عبر كوادره العاملين في الدولة أو عبر إمبراطورياتهم الاقتصادية التي جذبت اليها الكثيرين، او من خلال الضغط الاقتصادي الذي مارسه على المجتمع بتدميره للقطاعات الاقتصادية وتشريد من كانوا يعملون بها وحرمانهم من العمل الشريف، وكثيرون أيضاً امتهنوا أعمالاً غير قانونية أو أصبحوا يستغلون الأزمات والظروف التي تمر بها الدولة من أجل الحصول على المال ما خلق لنا طبقة اجتماعية من المجرمين، وإن قمنا بعمل دراسة سنجد أنها سامهت بقدر كبير في زيادة الضائقة الاقتصادية والأزمات.
أصبحنا يومياً نطالع في الصحف الكثير من أخبار الإجرام التي كادت أن تتفوق على الأخبار الأخرى فمثلاً في يوم واحد حملت الصحف العناوين الآتية: (ضبط مصنع عشوائي لمعالجة مخلفات التعدين ببحري)، (ضبط كميات ضخمة من الخمور والمخدرات بإحدى المدن)، (ضبط شبكة إجرامية تعمل في تزوير معاملات الأجانب)، (ضبط وقود ودقيق مدعوم وسُكّر منتهي الصلاحية وقمح إغاثة ببورتسودان)، (ضبط شبكة تخصصت في تشليع المركبات وبيعها)، (ضبط شبكة تقوم بتهريب الدقيق والوقود عبر الحدود)، وهذا قليل من كثير يقع يومياً والقانون يأخذ مجراه ويحاكم الناس والأمر لا يتوقف بل هناك أعداد من المجرمين الجدد يلتحقون بهذه الطبقة. هذا غير عصابات النظام المخلوع التي تقوم بأعمال أكبر بكثير .
الملاحظ أن أغلب الذين يمثلون هذه الطبقة هم من الشباب والأسباب معروفة، ولو فكروا بصور إيجابية في أي مشروع قانوني لاستطاعوا أن يصبحوا رجال أعمال في زمن وجيز ولكن بيئة البلد ومناخها لايساعدانهم، ولا أشك لحظة أن كل فرد فيهم كان يحمل فكرة مشروع حقيقي ولكن بسبب سياسات النظام المخلوع والمعاكسات، تخلى عنه والحكومة الحالية لم تنتبه لهم بعد؛ رغم أنها تعاني وتشكو منهم، وفي الحقيقة ظهور هذه الطبقة يؤكد عداء النظام المخلوع للشعب وأنه لم يكن يريد له أن يعيش حياة كريمة ومستقرة.
واحدة من أسوأ المشاكل التي تواجهها الحكومة الانتقالية الآن هو وجود هذه الطبقة في المجتمع واتساعها اليومي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية و إن لم تجد لها الحكومة حلاً سريعاً فإنها قد تفرخ عصابات لا تستطيع مقاومتها مستقبلاً، ولذلك عليها أن تستعجل الإصلاح الاقتصادي وتفتح أبواب الاستثمار والتجارة المشروعة وتقدم للشباب التسهيلات لتحقيق مشاريعهم حتى توقف رفد هذا القطاع بمجرمين جدد ومساعدة الآخرين على تصحيح مسارهم، والأهم من كل هذا هو وقف الطريق أمام عصابات النظام المخلوع التي تقوم بنشر الفساد والإجرام مع سبق الإصرار والترصد.
أعتقد أن الحكومة بحاجة الى العمل على تذويب هذه الطبقة وجرها الى المهن القانونية المشروعة قبل أن تتوسع وحتى تخلص الدولة من مشكلة كبيرة تُفقدها وتفقد المجتمع يومياً ما لا يمكن أن يعوض بسهولة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى