سوق مواسير الرتب العسكرية
تأسيس الحركات المسلحة في دارفور شابته الكثير من الأخطاء الجسيمة، أهمها هو أنها لم تكن لها رؤية،كما أن الوقت لم يكن مناسباً لأن النظام المخلوع كان قد فخخ المنطقة كلها.صحيح أنهم اتخذوا رفع التهميش شعاراً لهم، ولكنه كان مجرد شعار لزوم المهمة إذ ليس هناك إيمان به،ولذلك دبت فيها خلافات عنيفة منذ وقت مبكر منذ تأسيسها أدت إلى انشقاقات وانقسامات كثيرة،ومع مرور الزمن ضعفت وهزمت نفسها بنفسها وأصبحت مجرد شراكات عائلية تصر على أنها تناضل باسم دارفور، إلى أن جاءت ثورة ديسمبر فتلملمت وعادت تحت لواء الجبهة الثورية وأصبحت تفرض نفسها فرضاً دون رؤية .
أردت أن أقول من هذه المقدمة إن الحركات لم تتحرَّ الصدق والأمانة والشفافية في’تاريخها، ولم تتعظ وتستفيد من أخطائها المتكررة والمستمرة حتى بعد توقيع سلام جوبا والمشاركة في الحكومة،وما زالت تتعامل بنفس الأنانية وعدم الصدق والأمانة وتحاول استغلال الظروف بنفس النظرة الضيقة، وليس أدل على ذلك أكثر من ما تقوم به الآن من توزيع للرتب العسكرية من أجل تكبير كومها بالحق والباطل استعداداً للترتيبات الأمنية.
قائد الدعم السريع النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو،تحدث في مخاطبة في مدينة الجنينة عن سوق مواسير الرتب العسكرية، ويبدو أن عساكر الحركات لفتوا نظره فكثيرون يحملون رتباً رفيعة،وقال(العلامات المركبة ليكم في أكتافكم دي مواسير ساي) الرتب لا تمنح إلا بعد استيفاء شروط الترتيبات الأمنية.
حميدتي قال هذا الكلام لأنه على علم بأن الحركات المسلحة تحاول حشد أكبر عدد من الجنود ومنحهم رتباً دون أي إجراءات،فأية حركة تريد أن تكون لها نسبة في الجيش،والآن الانضمام إلى جيوش الحركات مفتوح،وهذا ليس افتراءً على الحركات.أنا أعرف أشخاصاً يقومون بهذه المهمة،العمر والمؤهلات غير مهم ويقال لك لن تكون مشاركاً في العمل العسكري ومرتبك سيصلك كل شهر، وهذا يفتح شهية صغار السن،ولهذا السبب حذرت جهات دولية من عودة تجنيد الأطفال في السودان،وحقيقة هذا التصرف يؤكد ضيق نظر الحركات وغياب الرؤية.
عموماً الحكومة يجب أن يكون لديها منهج واضح لاستيعاب جيوش الحركات في الجيش القومي، ويجب أن يكون لديها طريقة تعرف بها الجنود الذين جاءوا معها وهم مقاتلون قدامى والذين تم استيعابهم مؤخراً،فحقيقة الأمر من الخطورة بمكان ويجب مواجهة الحركات بهذا وإلزامها بالشفافية والوضوح، ويجب تحذير المواطنين.
ما أود أن أقوله لقادة الحركات المسلحة اتقوا الله كفاكم (لولوة) واستقيموا فالخطأ لن يقود إلا إلى نتائج سيئة،اتعظوا مما حدث لكم واحمدوا الله أن جاءت ثورة ديسمبر ووفرت لكم فرصة العمل مع الجميع،انتبهوا لدارفور فهي لا تريد إقحام أبنائها في الجيش فلديها ما يكفي، وإنما تريدهم هناك في دارفور للعمل في التنمية والاستقرار والسلام،تريدهم في مجالات أخرى مهمة .