الرأي

 سخرية2

سارة الجاك

أخذت القائمة، قرأت أسماء النجارين المهرة، حفظتهم عن ظهر قلب، في مرة من المرات قبل أن يكتمل العام، كان أبي على فراش الموت، طلب مني أن أخذه إلى مكان عملنا تحت الشجرة، رفضت طلبه عدة مرات، ولكنه ألح كثيراُ هذة المرة، أخذته معي، عانقته الشجرة بأغصانها وعانقها بنظرة عينيه الحانية، عيناه اللتان حاول بهما لفت نظري لكثير من الأشياء، لكني تجاهلتهما عامدا، انتهى من تحيته للشجرة، جلس بمكاني القصي الذي انتبذته سابقاً، أغمض عينيه، وتلى عليّ القائمة التي أعطاني إياها وزير الملك، وجمت ورجفت، وسألت نفسي سراً، كيف علم أبي بأمرها، لم يطل الحديث عنهم، فقط أوصاني بأن أعتني بهم، وأن أصل ودهم لأنهم أصدقاءه وزملاء مهنته، وأخبرني بأن المعلم العجوز، هو من جمعهم ذات يوم، وأورثهم جميعا مهارته في مهنة النجارة، كانت كلماته(عليك أن تحفظ ودهم وتصلهم)، ملكني عناوينهم عنوانا عنوانا، وهذا ما غفل عنه الوزير، مضيت بأبي إلى المنزل، بعد أن ودع شجرته ومكان عمله؛ تلامذته وحياته، تركني لشيطاني المبتسم داخلي، فقد مات من كان يحميني منه ومن أهوائي.

الآن فقط سأبدأ في تنفيذ وصية الوزير، نظر ملياً إلى القائمة اختار التوأم، قابيل وهابيل هكذا أسماهما أباهما ظاناً من أنه سيكون آدم النجاريين، لم يأخذ منه الأمر وقتاً طويلا،ً مشى بينهما بذات فتنة الحسناء، قتل هابيل قابيل، ومضى لزوجته بأن اقتليه فقد قتل زوجك، هكذا تخلص من أول اسمين وأقرب أصدقاء لأبيه في القائمة، بكى تحت ظل الشجرة كل الليل، كاد الندم يفتك بقلبه، عندما ترآت له صورة والده وتردد على مسامعه صوته وهو يقول له صل ودهم، تداخل له مع صوت الوزير بخيلاءه، اقتلهم وسأنتظرك في القصر، ابتسم وهو يتخيل القصر ومايحوي، مسح دموعه حدد هدفه القادم، نفثت فيه أنا كل ثاني أكسيد الكربون المحتقن داخلي، اختنق وفر هارباً من تحتي.

علمّ الوزير بأن النجار الماهر بدأ في تنفيذ مهمته التي كلفه بها، ابتسم وتذكر وقفته المهينة وهو مطأطأ الرأس، أمام العجوز معلم النجارين، عندما طرده من رهطهم؛ فقد كان يمشي بينهم بالفتنة، ومنذها وهو حاقد عليهم جميعاً، لملم ابتسامته الفاضحة لحقده، وبخبث بعث له رسالة عزاء في والده مع رسول من رجاله، وصرة من المال وتهنئة ببداية شروعه في مهامه، قبل الصرة، وأخبر الرسول بأن النجار يوسف؛ في طرف المملكة يدين بغير دين الملك، أخبر الرسول الوزير، أخبر الوزير الملك، الذي زج بيوسف في الجب، فمات لحظة ارتطامه بسطح ماءه غريقاً، وصلت النجار صرة مال أخرى بعد أن ارتسمت الإبتسامة الفاضحة على وجه الوزير، بكى تحت ظل الشجرة كل الليل، كاد الندم يفتك بقلبه، عندما ترآت له صورة والده وتردد على مسامعه صوته وهو يقول له صل ودهم، تداخل له مع صوت الوزير بخيلاءه، اقتلهم وسأنتظرك في القصر، ابتسم وهو يتخيل القصر ومايحوي، مسح دموعه حدد هدفه القادم، نفثت فيه أنا كل ثاني أكسيد الكربون المحتقن داخلي، اختنق وفر هارباً من تحتي.

بعث بخطاب للأخير، مفاده أن الوزير وهبك الأرض التي تجاور أرضك، حمل الأخير الخطاب وذهب لصاحب الأرض، يطلب منه إخلاءها، استغرب صاحب الأرض غضب وقتله، استلم الصرة وأمره الوزير بصنع تابوت، ليجمع فيه الجثث الأربعة، قبل أن يمارس طقس جلد الذات الذي اعتاد عليه، فقد صرت جثته الخامسة، لم يسلم ولم يمسح جذعي، ولم يستأذني قبل أن يعمل علي ّ فأسه، قطعني قسراً وصنع مني تابوتاً، أرسله إلى الوزير، جمع الوزير الجثث الأربعة داخلي وقبل أن يغلقني، أضاف إليّ جثة النجار الماهر.

وجوه نجمية سداسية، ذات ملامح باهتة؛ تؤدي حركات غريبة، يتتابع ظهورها برتابة، أمام ناظري الوزير؛ علي إيقاع فحيحي كئيب، وضعهم في قبو يؤدي إلى الممر الكبير المؤدي إلى بحر القلزم، متوقعا هجمة الملك وعيونه للمكان واكتشافهم لأمره، فمن هناك يسهل التخلص من  التابوت وما يحوي إلى البحر، أحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم أقلقوا منامه ونغصوا صحوه، زارهم مرة في القبو، فتح التابوت نظر ملياً داخله حتى وقع فيه ثم انغلق عليه، أتى حرس الملك تخلصوا من كل ما خُزن في القبو رموا بهم إلى البحر، عند ارتطامهم بالماء خرجوا جميعا من التابوت إلا الوزير، حيث تولى التابوت مهمة إيصاله إلى مثلث برمودا.

لسان وشفتان يرددون لحن الجحيم بصوت فحيحي

أذنان ترقصان رقصة الألم، على اللحن الفحيحي، الذي يتردد على اللسان والشفتان

أنف يستنشق عطن جثث الموتى ورائحة الدم

عينان جاحظتان ترسلان دمعاً أحمراً، أسفاً وندماً تمسحه يدان

يحيطهم وجه نجمي سداسي

اليدان مغموستان في بحر دماء

كلهم داخل النقطة التي تتقاطع فيها أقطار مثلث برمودة

جميعهم يتلاومون ويسبون التابوت، التابوت على الشاطئ يضحك ضحكته الأخيرة، قبل أن تتفكك أجزاؤه، راسمة نجمة خماسية بريئة من نجمتهم، سخرت منهم النجمة قبل صعودها إلى السماء، وأصبحت كل مساء تأتي وتضحك على ما آلوا إليه ناقمة عليهم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى