الرأي

رسائل من الجحيم

القس موسى كودي كالو

ما هو الجحيم؟ الجحيم أو الجهنم لغةً، هو المكان الشديد الحر، أما روحياً فهو مكان الويل والعذاب الأبدي (النار الأبدية) المعدة لإبليس وشياطينه (مت25: 41، 46)، ويُطلقُ عليه أيضاً “الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي” (رؤيا 21: 8). وبتعبير آخر، إن الجحيم هو مكان وجود الأشرار الأبدي بعيداً عن الله!

ما هو وصف الجحيم؟ كف يبدو الجحيم، وكيف يمكن أن نوصفه قبل حلوله المحتوم؟ إن الوصف الكامل الحقيقي لا يعلمه أحد إلا الله، ولكن الله وبحسب محدودية فهم الإنسان قرب وصف الجحيم للإنسان باستخدام أقرب المفردات والآلات المألوفة في حياة الإنسان والتي غالباً ما تحدث آلاماً وإنزعاجاً للإنسان عند حدوثها. وبناءً على ما ذكر، وصف الجحيم بالنار الأبدية المؤلمة وقدم في سبيل هذا الشرح قصصا بها آلام وصرخات الأشرارمن مستقرهم الأبدي الأليم. ففي قصة الغني ولعازر الفقير يورد لنا السيد المسيح هذه القصة المؤلمة التي لا يتمناها أحد في حياته أو أبديته إذا كان من العقلين، فقال: “كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأُرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهاً.  20 وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوباً بِالْقُرُوحِ، 21 وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ.  22 فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ 23 فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الْجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ ، 24فَنَادَى وَقَالَ : يَا أَبِي إِبْرَاهِيمُ ، ارْحَمْنِي ، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هَذَا اللَّهِيبِ. 25 فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذَلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ.  26 وَفَوْقَ هَذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ هَهُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. 27فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذاً، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، 28 لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هَذَا. 29قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ. لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ.  30 فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ.  31 فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ” (لو16: 19-31). ففي الجحيم حسب هذا الوصف، هو مكان العذاب واللهيب، مكان غير الرحماء، مكان لا يوجد فيه تبريد وتكييف، مكان لا يمكن لأحد أن يخرج منه مهما كانت مكانته في هذه الحياة الفانية! وهو مكان العبيدالبطالين حسب القول: “وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ،هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ” (مت25: 30)، وهوأيضاً مكان النار التي لا تطفأ عن الأشرار، ودودهم لا تموت حسب قول المسيح: “وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ.  44حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ.  45 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلاَنِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ فِي النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. 46 حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ.  47 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ 48 حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ” (مر9: 43-48).

من هم أصحاب الجحيم؟ توجد قائمة كبيرة جداً توضح لنا من سيكونون أصحاب الجحيم، إلى جانب ما ورد في قصة الغني والفقير.فقط هذه القائمة الكتابية على سبيل المثال لا الحصر في (رؤ21: 8؛ رو1: 18-32؛ 1كو6: 9-10؛ غل5: 19-21؛ أف5: 3-5)، وفي هذه القائمة نجد “اللصوص، والشتامين، عبدة الأوثان، الزناة، المثليين، السكارى وتجار المحرمات، خدام البطون وخدام السلاطين، الطغاة والظالمين، السحرة، القتلة، جميع الكذبة، والقائمة تطول!  ولقد لُخِصَت تلك القائمة في العبارات الواضحة التالية: “إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقاً، 7 وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ، 8 فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِياً نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 9 الَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُوَّتِهِ، 10 مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. لأَنَّ شَهَادَتَنَا عِنْدَكُمْ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ” (1تسا1: 6-10). وَقِيْلَ عن تلك القائمة الجهنمية: “وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَاراً وَلَيْلاً لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ” (رؤ14: 11). بتلك القائمة النموذجية تستطيع أن تدخل الجحيم، من أعرض أبوابه، وتصدر منك بسبب العذاب تلك الرسائل الجهنمية!

أما النجاة من ذلك الغضب الإلهي الآتي على جميع العالم، فهوعبر بوابة التوبة من تلك الرجاسات وقبول “الطريق والحق والحياة”، وهوالطريق الأوحد الذي أعده الله للخلاص بالنعمة والحق (يو1: 17؛ 14: 6).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى