الرأي

رائد فضاء الأسرة

عبدالماجد عليش

كلما سرحت، تذكرت- كذا وكذا- لأن وجودنا، كي لا أقول – حياتنا- هو أنواع مختلفة الأحجام من مختلف أنواع الأوهام. كل زول يتقلب في خليط أوهام، وما بين سرحان مرغوب ومطلوب الواقع المطلوب تنكشف الوهمة، فيزداد العناد ويصل السرحان بالزول إلى حد تحديد العدد الكامل لأغنام إبليس. الكلام ده ما شخصي، وما طعين لي زول إنو الكلام ليك يا المغمض عينيك، أبداً والله، الكلام عن يقين الذات بتاعتنا إنها الوحيدة المافي زيها! وإنها ست الفريق اللادن قوامها، وإنو مدرج العاطلة وكثير كثير.
السرحة طالت واستطالت ومرقت من الزول ووصلت للدولة: وسرحة سلة غذاء العالم، ومع السرحة ضربت المجاعة والتهمت الدولة وسلتها، واتقدمت الصحراء برمالها، والسرحان ماشي زايد،، البنيات ضيقن اللبس والوليدات خففن الوقود، سرحة جد، ويتراجع النيل، والبلد امتلئت وهمات وخرشات فاتت الحرباشات.
في أواخر الستينات وأوائل السبعينات، السرحان كان موجود، بس كان بحسن نية: الزمن داك الأمريكان وصلوا القمر، وقبلهم الروس عملوا قمر صناعي، سرحة أبدع فيها الخيال بتاعنا من واقعنا ما من أكثر: طوالي مزاجنا وسرحتنا عمل أغنية رقصة تعليمة العروس (الروك أند رول يا القمر الروسي) وكان القمر السوداني يتقلب في مداره عجيبا، وعجيبا جعل القمر قمرين والهزة هزتين.
أسرح أكثر فأتذكر فقرة في برنامج ( جنة الأطفال) سرحة برضو، لا بداية ولا نهاية إذ لم يكن بالسودان يوما مطلقاً أطفال ناهيك عن جنة لهم، لكن ومالو!؟ الجنة تتضمن فقرة ترسل فيها الأسر صور أطفال مواليد: غالبية الأسر أطلقت اسم نميري على الأولاد، وطبعاً انتوا عارفين الكراهية اللي حصلت بعد ما الفي الطبق اندلق، السرحة الثانية كانت أن كل أسرة تسرح في التمني فتتمنى لابنها حين يكبر أن يصبح رائد فضاء(حتة واحدة كده).
وأسرح أكثر وأكثر في جيوش أبناء سائقي الرقشات، من حملة مختلف الشهادات، مختلف التخصصات، وأسرح الآن أكثر في ضحايا لقاح الكورونا ممن لم يكن معهم مايكفي مناعة ولا مال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى