الرأي

دوافع الانتقاد

جاكسون يوكي

«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. »
(متى 7: 1)
يفصل بين الانتقاد أو النقد والإدانة شعرة رقيقة، النقد يحلل الدوافع والأهداف من خلال النتائج إن كان أداء لعمل فني مسرحي، سينمائي أو مؤلف شعري أو كتاب، والهدف من النقد هو إظهار الجوانب السلبية والإيجابية أو الأمور الرديئة والحسنة في عمل ما، كل ما كان العمل الفني عميق المعنى تختم معظم الآراء بعبارة المعنى في قلب الكاتب أو الشاعر. الموضوع لا يتعلق بالنقد الأدبي ولكن من أجل توضيح معنى كلمة (نقد) (Critique) (كريتيك) وهي كلمة بلفظ فرنسي يعني فن النقد أي التحليل النقدي، مراجعة أو فحص فني لمقال أو كتاب. كلمة نقد نابعة من الأصل اليوناني لـ (كريتيك) ((κριτική (kritik المقصود بها تمييز قيمة الأشخاص أو الأشياء، النقد الفني (the art of Criticism)، لا يفرق كثيراً عن اطلاق حكم ما أو (إدانة). لا يعني النقد بالضرورة إظهار أو العثور على خطأ، إلا أن الآراء تميل غالبا إلى انحياز ما. كلمة انتقاد تركز على اظهار العيوب بالدرجة الأولى، وكلمة (انتقاد) يقابلها في الإنجليزية (Critic) أو(Criticism) هو شخص بدوافع خبيثة وأحقاد مفرطة دفينة يعبر عن آراء وضيعة تجاه أحدهم، أو يشير إلى أخطاء الناس أو يبحث ولا يجد سوى النقاط السلبية؛ الميل إلى العثور على الأخطاء هي مهمته الأساسية، وهو غالبا ما يكون قاسي ساخر، غامض، يفتقر اللطف واضح في حكمه أو (إدانته).
يبدو واضحا أن كلمات منتقد وناقد أو نقد وانتقاد، لا تستخدم غالبا بدقة نسبة لتقارب المعاني، لذلك يصعب تحديد معانيها لدى غير المتخصصين. أما العامة غالبا ما يستخدمون هذه الكلمات ومجالها بدوافع خاصة لأهداف ذاتية تصب في دائرة الانتقاد (Critic) أو(Criticism) ضد دوافع غير مؤكدة في دواخل الآخرين لذا تأتي أهمية تحذير السيد المسيح الموجهة ضد الأحكام المتهورة والقاسية غير المتسامحة. «لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. » أي ينبغي ألاّ ندين الدوافع، فلا أحد يعرفها، وينبغي ألا ندين حسب الظاهر، كما يجب ألاّ ندين الذين توجد لديهم حيرة وتردد من جهة أمور لا نقدر أن نصنّفها صحيحة أو خطأ، هذا لا يعني أن نكون غير فطنين أو نتخلى عن قدرتنا على التمييز والنقد البنّاء، فالتمييز بين الصالح والرديء، أو بين الأسوأ والأفضل من الأمور المهمة في الحياة العملية. ولكن بأي مقياس توزن الحقائق، قال أحدهم: “مقياس الحكم الملتوي – يجعل حتى الأشياء المستقيمة تبدو ملتوية “. وهكذا فإن الكآبة، والميل إلى الشك في الآخرين ليبدو أشرارا، هو الأكثر خداعًا: فهو يخدع نفسه، ثم يمضي في خداع الآخرين”. الناس يقيسون الحقائق بشكل مختلف خصوصا عندما تكون تلك الحقائق مهددة لهم شخصيًا. يقول، الدكتور بيتر ديتو عالم النفس الاجتماعي: “لدى الإنسان الميل الطبيعي لاختيار الحقائق وتحريفها لتلائم رغباته، آماله ودوافعه. وغالباً ما يقلب الموازين ليجعلها أكثر قبولا وواقع يدعم ما يريد تصديقه” إنه التفكير العاطفي الملتوي الذي يعتمد القفز إلى الاستنتاجات بالتركيز على السلبيات وتكبيرها. لكن ماذا ينتظر المنتقد من الطرف الآخر بحسب القاعدة، أو القياس الذي تحكم به على الآخرين، سيتم الحكم عليك بنفس القاعدة فتتشابه المقاييس. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى