الرأي

خـير أمـــةٍ

القس موسى كودي كالو
[email protected]
مصادر كتابية:
1.اليهود: لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لهُ شَعْباً أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ. فَاعْلمْ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ اللهُ الإِلهُ الأَمِينُ الحَافِظُ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلى أَلفِ جِيلٍ وَالمُجَازِي الذِينَ يُبْغِضُونَهُ بِوُجُوهِهِمْ لِيُهْلِكَهُمْ. لا يُمْهِلُ مَنْ يُبْغِضُهُ. بِوَجْهِهِ يُجَازِيهِ. فَاحْفَظِ الوَصَايَا وَالفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ التِي أَنَا أُوصِيكَ اليَوْمَ لِتَعْمَلهَا (تثنية 7: 6 ، 9-11).
2.المسيحيين: وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. 10 الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْباً، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ (1بط2: 9).
3.المسلمين: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (آل عمران 110).
في ظل حكومة الثورة المجيدة، صار الأمر أكثر من جلي بأن بالسودان خليط بل كشكول وطني جميل، في تعدد أعراقه ومعتقداته، التي تعتبر بحكم كتبها، ومرجعياتها الإيمانية، من أقدس وأخير الأمم والشعوب على كل وجه الأرض! وفي مقدمة تلك الأمم هم اليهود (المصدر1)، والمسيحيين (المصدر2)، والمسلمين (المصدر3). كل هؤلاء وحسب مصادرهم الإيمانية خاطبهم الله فيها بأخص وأروع الأوصاف التي تميزهم عن بقية الأمم. ومن خلال تلك المزايا التي لا أجد فيها اختلافاً من حيث الشكل والجوهر، كلفهم الله جميعاً بأطهر وأقدس المهام الإنسانية والأخلاقية، التي تقود الأمة التي تعمل بها إلى الفلاح الذي يمجد الله! فهل قام المنتمون لهذه الفئآت بمهامهم الربانية التي كُلِفوا بها؟!
في تقديري إن أمر التطبيق مهم وخطير للغاية، ويتطلب من كل أتباع تلك الأديان بتلك الأوصاف الرائعة، أن يسألوا أنفسهم: “هل حقاُ نستحق عملياً هذه الأوصاف والتميز الفريد؟!”هل نحن قدر المكتوب عنا، أم أصبح الواقع في علاقته مع هذه الجماليات الروحية مجرد حبر على ورقٍ؟ هل نتعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان، أم بطوننا وأحزابنا وقبائلنا هي شريعتنا، وهي التي أوصلتنا لما انتهينا إليه من مصير مخجل ومجهول؟!
أحبائي السودانيين من اليهود والمسيحيين والمسلمين، هل ننقاد بروح تلك الصفات في أقوالنا وتصرفاتنا؟ هل نحب الله حقاً؟! هل نحن حقيقةً خير أمة وأقدس شعب أخرج للناس؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فمن أين وكيف سيطر الشر علينا من جهةٍ؟ من أين سيطر الفساد والإفساد، هل يعقل أن يلد الخير شراً، والقداسة فساداً؟؟!! انظروا في صفوف الخبز والوقود وتوزيع غاز الطبخ وفي الأسواق، كيف يتعامل الناس مع بعضهم البعض؟ إن المشكلة ليست في الصفوف أو أمورٍ أخرى يضيق الوقت لذكرها هنا، ولكن المشكلة في الأخلاقيات الغريبة التي يتعامل بها المواطنون مع بعضهم البعض في عدم احترامهم حتى لتلك الصفوف التي نظمت لأجلهم! يقول الكتاب: “لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِلٍ، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الأُمُورِ يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ. فَلاَ تَكُونُوا شُرَكَاءَهُمْ. لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ. لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرٍّ وَحَقٍّ. مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ. وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا”(أف5: 6 – 11). هل نأمر الناس بالمعروف وننهى عن المنكر، وننسى أنفسنا، أم الأخلاقيات الربانية قد خرجت من قواميس شعب السودان الذي يصفه حتى الأجانب بأطيب شعب؟! هل نحن فعلاً ” شَعْبُ اقْتِنَاءٍ” أي “مملوكين لله” أم الشيطان قد ملك السودان وشعبه؟! إن كل ما يسمى في السودان ديناً، أصبح مجرد شعارات ميتة ليست لها علاقة بالواقع المعاش بيننا كسودانيين، متدينين كنا أم ملحدين الكل سواء إلا من رحمه الله وخاف ربه، وعمل لآخرته. وأما الآخرين فطبقوا أمثالاً جهنمية غريبة على أنفسهم كالقول: ” إذا كنت في روما فاعمل عمل الرومان” أو الغاية تبرر الوسيلة، ليس دعاة القديسين: “سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي!”.
لستُ من دعاة تبني الإلحاد وإنكار فضل الله علينا، ولكن من يتبنى تلك المبادئ الكتابية المقدسة ومع ذلك يدوسها في نفس الوقت برجليه، خير له أن يتبنى له منهجاً آخر، ولا يلعب بالنار مع الله الذي يستحيل على أي مخلوق أن يشمخ عليه تعالى شأنه ومجده! يقول السيد المسيح: “وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلاَ بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!” (مت18: 7). إن من يعتبر الدين مجرد لعبة، أو شماعة للوصول لمآرب أخرى، فليسمع الكلمات الختامية التالية والله يستر علينا:
“وَلِلشِّرِّيرِ قَالَ اللهُ: “مَا لَكَ تُحَدِّثُ بِفَرَائِضِي وَتَحْمِلُ عَهْدِي عَلَى فَمِكَ 17وَأَنْتَ قَدْ أَبْغَضْتَ التَّأْدِيبَ وَأَلْقَيْتَ كَلاَمِي خَلْفَكَ. 18إِذَا رَأَيْتَ سَارِقاً وَافَقْتَهُ وَمَعَ الزُّنَاةِ نَصِيبُكَ. 19أَطْلَقْتَ فَمَكَ بِالشَّرِّ وَلِسَانُكَ يَخْتَرِعُ غِشّاً. 20تَجْلِسُ تَتَكَلَّمُ عَلَى أَخِيكَ. لاِبْنِ أُمِّكَ تَضَعُ مَعْثَرَةً. 21هَذِهِ صَنَعْتَ وَسَكَتُّ. ظَنَنْتَ أَنِّي مِثْلُكَ. أُوَبِّخُكَ وَأَصُفُّ خَطَايَاكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ. 22افْهَمُوا هَذَا يَا أَيُّهَا النَّاسُونَ اللهَ لِئَلاَّ أَفْتَرِسَكُمْ وَلاَ مُنْقِذَ. 23ذَابِحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ” (مز51: 16-23). ارجع أيها السوداني المحبوب إلى خصالك وأخلاقياتك الكتابية، فأنت خير أمة وأقدسها، لأن: “اَلْبِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ الأُمَّةِ وَعَارُ الشُّعُوبِ الْخَطِيَّةُ” (أمثال 14: 34).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى