الرأي

خطاب وزيرة الخارجية لمجلس الأمن

ترجمة لبنى أحمد حسين (ترجمة غير محترفة)
جمهورية السودان
وزارة الخارجية
الوزير
21 يونيو 2021
أصحاب السعادة،
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بأحر تحياتي لكم ولأعضاء مجلس الأمن المحترمين.
عقب رسالتي المؤرخة 12 إبريل 2021 والرسالتين السابقتين من سلفي إلى مجلس الأمن بتاريخ 2 و24 يونيو 2020 بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، أكتب إليكم بخصوص آخر التطورات المتعلقة بنزاع سد النهضة والضرر الجسيم الذي يواجهه السودان في مواجهة الملء الثاني أحادي الجانب لسد النهضة الذي تنوي إثيوبيا تنفيذه اعتبارًا من شهر يوليو القادم.
مع الأسف، أبلغكم أنه بعد مرور عام على الملء الأول الأحادي الجانب، تمضي إثيوبيا بإرادة منفردة في ملء وتشغيل ثاني لأكبر سد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى دون اتفاق مع دول المصب على القواعد التي تحكم الملء والتشغيل، وبدون إدارة بيئية مناسبة عبر الحدود وتقييمات الإدارة الاجتماعية وخطط للتخفيف من الأضرار والمخاطر التي يتعرض لها الناس والبيئة، بما يتعارض مع الممارسات الدولية ومبادئ القانون الدولي والتوصيات المحددة الصادرة عن فريق الخبراء الدوليين المعني بسد النهضة الذي أصدر تقريره في عام 2013. ويمثل هذا تهديدًا واضحًا لأمن السودان وعاملًا إضافيًا يساهم في انعدام الأمن الإقليمي في ضوء الصراع الحالي في إثيوبيا. كما هو مفصل في الملحق المرفق، تم استنفاد العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي ولم تعد منتدى صالحًا لهذا النزاع في شكله الحالي. ومع ذلك، يكرر السودان موقفه بأنه، مع الإرادة السياسية المطلوبة، يجب أن يكون سد النهضة مصدرًا للتعاون والتنمية الإقليمية والأمن. وانطلاقا من هذه الروح، ونظراً لخطورة الموقف، فإن السودان يدعو مجلس الأمن، باعتباره الهيئة التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن السلم والأمن الدوليين، إلى النظر في هذه المسألة بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
معالي السعادة،
استندت العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي، كما هو موضح في بيان مكتب الاتحاد الإفريقي لمؤتمر رؤساء الدول في 26 يونيو 2020، إلى حسن نية السودان ومصر وإثيوبيا للبناء على تسعين في المائة من القضايا التي تم الاتفاق عليها بالفعل في الجولات السابقة، وحل المسائل القانونية والفنية العالقة. ومع ذلك، فقد رفضت إثيوبيا مرارًا وتكرارًا التعامل مع طريقة التفاوض التي اختارها مكتب الاتحاد الإفريقي “اللجنة المعززة”، والتي تنص على دور نشط للمراقبين والخبراء المستقلين المعينين من قبل الاتحاد الإفريقي لدعم الأطراف الثلاث في التوصل إلى اتفاق شامل. من خلال فرض قاعدة حظر النشر على المراقبين والخبراء في وقت مبكر من العملية، حددت إثيوبيا نبرة المحادثات التعميمية غير الفعالة، بينما تمضي في نفس الوقت مع إنشاء سد النهضة وأول ملء أحادي الجانب له في يوليو 2020 دون إخطار مسبق أو تنسيق مع السودان، ودون اتباع الممارسات والأعراف الدولية لملء السدود على مراحل تدريجية.
في مواجهة هذا التعنت، تقدم السودان، بحسن نية، بطلبات متكررة خلال الأشهر الماضية للتوفيق/ التسهيل/ الوساطة مع الشركاء الدوليين في إطار عملية يقودها الاتحاد الإفريقي لإبرام اتفاق شامل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، رفضته إثيوبيا أيضاً. وبدلاً من ذلك، سعت إثيوبيا إلى إدخال مواقف ومفاهيم تفاوضية جديدة مثل “اتفاق جزئي” محدد زمنياً بشأن الملء والتشغيل من أجل ربط الاتفاق الشامل باتفاق مصاحب “لتقسيم المياه”. هذا المقترح لا يعالج مخاوف السودان، والتي لا تتعلق فقط بالملء، ولكن أيضًا بالتشغيل العادي وسلامة السد. إن الاتفاقية المجزأة المستخدمة لتقديم قضايا لا علاقة لها بسد النهضة هي الشكل النهائي لسوء النية، لأنها تختلف تمامًا عن موضوع وهدف إعلان المبادئ الذي وقعته السودان وإثيوبيا ومصر في 23 مارس 2015. هذا، بالإضافة إلى الإجراءات الأحادية الجانب في يوليو 2020، يقوض بشكل خطير مصداقية إثيوبيا كشريك تفاوضي جاد. دليل آخر على سوء نية إثيوبيا، هو رفضها للاستدعاء الأخير للسودان للمادة 10 من إعلان المبادئ لإحالة الأمر إلى رؤساء الدول.
أصحاب السعادة:
ينتهز السودان هذه الفرصة للتأكيد على الأضرار الكبيرة والمخاطر الجسيمة التي يواجهها أكثر من عشرين (20) مليون مواطن سوداني يعيشون مباشرة في اتجاه المصب من سد النهضة نتيجة استمرار ملء وتشغيل سد النهضة من جانب واحد دون أحكام مفصلة وقابلة للتنفيذ ودون التنسيق الوثيق اللازم مع السودان. تعتبر المتطلبات الإجرائية والموضوعية المنصوص عليها في الممارسات الدولية والقانون الدولي بشأن تشارك إدارة المياه العابرة للحدود، لا سيما فيما يتعلق بالسدود الكبيرة مثل سد النهضة، ضرورية لمنع نوع الضرر الذي يواجهه السودان اليوم. يتراوح التهديد الذي يواجه السودان بين السلامة التشغيلية للسدود السودانية والبنية التحتية للمياه (على سبيل المثال، يقع سد الروصيرص على بعد 100 كيلومتر فقط في اتجاه المصب سد النهضة)، إلى سدود الطاقة الكهرومائية (أكثر من 50٪ من كهرباء السودان)، واستخدام المياه المنزلية، وأكثر من 70٪ من الزراعة المروية، وفقدان أكثر من نصف زراعة الري الفيضي، والآثار الضارة المصاحبة الأخرى، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتي تم تلخيصها في الملحق المرفق.
أصحاب السعادة، إن مطلب السودان العادل والمشروع هو حماية حقوقه ومصالحه كدولة مصب نهرية. تم إثبات مستوى الإرادة السياسية والالتزام والتعاون المطلوب لتقاسم المنافع على مجرى مائي عابر للحدود في التجارب الإقليمية الأخرى، مثل حوض نهر السنغال وحوض نهر النيجر، من بين العديد من أحواض الأنهار الأخرى في جميع أنحاء العالم. بالتالي فإن مسألة التنمية وتقاسم المنافع هذه ليست مقصورة على نهر النيل. ومع ذلك، فإن السلوك الأحادي الجانب لإثيوبيا يهدد بإنشاء سابقة غير مقبولة في إفريقيا، ولن يقبل السودان هذا باعتباره الوضع الراهن، وسيسعى إلى حماية مصالح شعبه الحالية والمستقبلية.
بعد استنفاد العمليات المذكورة أعلاه، يسعى السودان الآن إلى اللجوء إلى مجلس الأمن ويطلب من المجلس اتخاذ إجراءات للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة من خلال:
(1) عقد جلسة حول نزاع سد النهضة لمناقشة تأثيره على سلام وأمن الملايين. من الأشخاص الذين يعيشون على طول النيل الأزرق والنيل الرئيسي في السودان ومصر وإثيوبيا.
(2) التوصية بأن يلتزم كل طرف بالتزاماته بموجب القانون الدولي والامتناع عن اتخاذ تدابير أحادية الجانب، ولا سيما دعوة إثيوبيا إلى الامتناع عن ملء سد النهضة من جانب واحد، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم النزاع، مما يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.
(3) دعوة الأطراف إلى السعي إلى الوساطة أو غيرها من الأشكال المناسبة لتسوية المنازعات السلمية لحل القضايا العالقة المتبقية في مفاوضات سد النهضة.
(4) دعوة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والكيانات الإقليمية والدولية الأخرى للمساعدة في دفع مفاوضات سد النهضة إلى الأمام من خلال تقديم مساعيهم الحميدة وخدماتهم كوسطاء.
صاحب السعادة، إن الهدف النهائي للسودان هو الانخراط في عملية فعالة لتسوية المنازعات لحل المسائل المعلقة وإبرام اتفاقية ملزمة ومنصفة ومستدامة ومقبولة لجميع الأطراف الثلاث. أرجو أن تتقبلوا أسمى آيات التقدير.
د. مريم الصادق المهدي
وزيرة خارجية جمهورية السودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى