الرأي

خروج اليونميد وعودة المسؤولية

أيام قليلة ويبدأ تنفيذ انسحاب بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي المشتركة بدارفور “يوناميد” بعد أن قضت 13 سنة ونصف، تم فرضها بقرار من الأمم المتحدة ووضع السودان تحت البند السابع، والسبب كان هو الحرب الضروس بين الحركات المسلحة وحكومة النظام المخلوع التي أدت الى انتهاكات واسعة في حقوق الإنسان وهددت المنطقة، ويجيء خروجها بعد سقوطه بعامين ولاستجابة الأمم المتحدة لإنشاء بعثة سياسية جديدة تدعم الفترة الانتقالية والتي ستبدأ عملها بالتزامن مع الانسحاب في يناير 2021، وبعد ثلاثة أشهر من توقيع اتفاق سلام مع نفس الحركات التي خاضت الحرب مع نظام البشير وعودة كوادرها، وهذا وحده رسالة لها لتخرج.
تظاهر النازحون في بعض المعسكرات رفضاً لقرار خروج اليونميد بحجة أن الأوضاع الأمنية ما زالت تهدد استقرارهم، والقرار اتخذ قبل أشهر من الآن، وحينها هناك جهات مدنية كتبت للأمم المتحدة تطلب تأخير خروج اليونميد لأن دواعي وجودها ما زالت باقية. قد تكون تلك المبررات منطقية الى حد كبير ولكن خروج اليونميد بعد سقوط البشير أصبح أمراً ضرورياً وخاصة بعد توقيع اتفاق السلام وعودة جزء كبير من حركات دارفور، وعليه نظرياً مشكلة دارفور انتهت حتى وإن لم تكتمل فالمناخ تهيأ لمعالجة كل المشاكل وهذا يعني أنه على السودان استرداد مسؤولياته.
أعتقد أن الحركات التي وقعت على السلام وعادت كان يمكنها أن تلعب دوراً مهماً مع الحكومة في هذا الشأن من خلال الشروع الفوري في الترتيبات الأمنية وتشكيل قوات بمواصفات خاصة تغطي أي فراغ، ولكن الحكومة منشغلة بالكثير من الأمور وكلها أولويات ومالم تجد من يقدم لها الخطط والأفكار لن تتحقق الحلول بسرعة، وكان من المتوقع أن تقوم الحركات بهذا الدور ولكن ما أكثر اللواكن التي تجعلها حركات لا تتحرك بسرعة.
الأمم المتحدة لديها تجربة ثرية جداً من مشكلة دارفور تجعلها تقرأ الوضع وتنفذ الانسحاب في الموعد ولا تتنازل، وهي بعد اليوم ستتعامل مع مشكلة دارفور بهدوء جدا لأنها فهمت أن الأمور تمضي نحو الأفضل وهي تعرف أن الأمر ليس سهلاً ولكن هي مرحلة فطامة وستمر، وحقيقة آن الأوان لأن يتحمل السودان المسؤولية ويطلق سراح البعثة القديمة ليستقبل البعثة الجديدة التي ستسهم في خروج البلاد من المستنقع الذي اضطر الأمم المتحدة أن تضع السودان تحت البند السابع.
عموماً خروج اليونميد قد يكون صعباً ولكنه أمر مفيد لأنه يضع القوات المسلحة أمام مسئولياتها، أي نعم هو عبء جديد يقع على عاتقها ولكن لم يعد هناك مفر، ومثلما هي الآن تستعيد سيطرة السودان على حدوده الشرقية التي فرط فيها النظام المخلوع، كذلك عليها أن تستعيد دورها في حماية المدنيين في كل مكان ويجب أن تنجح، فهي اليوم بإمكانها بناء جيش كبير وبسرعة بقليل من التنظيم والتأهيل والتدريب وإعادة التوزيع.
إن خروج اليونميد يعتبر بشريات خير وبالرغم من تخوف المواطنين وهو تخوف مبرر ومشروع ولكن يجب أن يكون هذا التخوف سبباً للتماسك والمضي قدماً في رحلة السلام.
ولايات دارفور يجب أن تكون لها خطة واضحة تمكنها من أن يتم الأمر بسهولة ويسر وأمان لأن وضع البلد هش جداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى