حوارات

حوار مع المدير التنفيذي لمحفظة السلع الاستراتيجية

 

  • عبد اللطيف عثمان محمد صالح لـ(الديمقراطي):
  • الشعب السوداني هو صاحب المصلحة الأكبر من إنشاء محفظة السلع الاستراتيجية لكونها تعمل على  إنهاء الأزمات ومحاربة السوق السوداء وتخفيف المعاناة في الحصول على السلع الأساسية.
  • لا نمارس علميات بيع وشراء السلع وإنما نُخصص لها الموارد النقدية اللازمة من العملات الصعبة دون أن نستخدم السوق السوداء للنقد الأجنبي.
  • ما يُشاع أنّ المحفظة تنشط في عمليات شراء الدولار، محض شائعات، فكيف لها أن تفعل أموراً أُنشئت من أجل محاربتها، ثم إننا نستخدم حصائل صادرات المحفظة لتمويل الواردات الأساسية، فكيف نشتري عملات صعبة من السوق السوداء؟
  • ليس صحيحاً أنّ ترسية عطاءات البترول، تسببت بارتفاع سعر الدولار، وكيف مجرد ترسية عطاءات ترفع سعره؟
  • وفرت المحفظة للدولة ما يربو عن (30) مليون دولار شهرياً!
  • أبواب المحفظة مفتوحة لكل رجال الأعمال ومنتجي ومصدري الذهب وكافة الشركات السودانية الكبيرة حكومية وغير حكومية.

////////

ما مِنْ حوارٍ أكثر تعقيداً في ظل الأوضاع الراهنة، مِنْ ذلك المتعلق بـ(معيشة الناس)، بيومياتهم ولهثهم المحموم في سبيل توفير (لقمة) كريمة و ماء نظيف وعلاج مُيسرْ ومقعد في المواصلات العامة وكهرباء لا تنقطع.

هذه التعقيدات التي  تصبغ  مشقة ومكابدة على حياة المواطن السوداني اليومية، ليست وليدة اليوم ولن تنتهي في الغد، لكن بالعمل معاً والإخلاص والتفاني وتعاضد عزائم النساء والرجال معاً، والاستفادة من الحالة الثوريّة العارمة التي لا تزال تسري في دماء السودانيين ولا تزال تنبض بها قلوبهم من أجل بناء وطن خير ديمقراطي وافر الخيرات مبسوطة يديه للجميع على أساس المواطنة والعدل والكفاءة والخبرة والجهد، نستطيع أن نحقق أحلامنا المنشودة والمشروعة، وأول ذلك أن تتوفر للسوداني احتياجاته الأساسية بيسر وسهولة، هذا ما ننشده ونصبو إليه جميعاً، وهذا ما تخطط له وتعمل من أجله محفظة السلع الاستراتيجية، فلنطلع  إذاً على خططها وبرامجها والصعوبات التي تواجهها وكيف تعمل على التغلب عليها، وذلك من خلال هذه المقابلة غير المسبوقة مع مديرها التنفيذي عبد اللطيف عثمان محمد صالح .

السيد عبد اللطيف، بدايةً نرحب بك في صحيفة (الديمقراطي)، ثُمّ هل لنا بتعريفٍ مُختصر عن المحفظة؟ متى ولماذا أُنشئت؟

شُرعَ في إنشاءها في يونيو 2020م بموجب أمر وقرار من اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، بهدف العمل على توفير الموارد اللازمة لاستيراد السلع الاستراتيجية كالقمح والمحروقات والدواء ومدخلات الإنتاج، وقد لعب السيد صلاح مناع رئيس لجنة حشد الدعم الداخلي والخارجي في آلية الطوارئ الاقتصادية دوراً مُقدراً في ذلك.

إذاً، من هم أصحاب المصلحة، ومن هم المساهمون في إنشاءها وتشغيلها؟

بالتأكيد، الشعب السوداني هو صاحب المصلحة الأكبر؛ باعتبار أنّ على المحفظة توفير نسبة مُقدرة من السلع الأساسية والعمل على إنهاء الأزمات ومحاربة السوق السوداء وتخفيف المعاناة اليومية للمواطن من أجل الحصول على السلع الأساسيِّة.

بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فإنّ المحفظة أُنشئت برأسِ مالٍ خاصْ من خلال شراكة تُسهم فيها رؤوس أموال تجارية ومصرفية وشركات تأمين والجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، وشركة الجنيد التي تُعتبر المساهم الأكبر فيها، إضافة إلى مساهمين آخرين من شركاتِ مُخلفاتِ الذهب وغيرها، بجانب الوزارات الحكومية المعنية المساهمة في الإدارة والتخطيط والعمل المشترك.

لكن دعوني أن لا أفوت هذه السانحة، لأدعو من خلال منبركم الجميع بالمساهمة في هذه المحفظة والانضمام إلى تحالف القطاع الخاص من أجل توفير السلع الحيوية للمواطنين والتسهيل عليهم وتخفيف الأعباء عنهم، فمثل هذا الحمل العظيم يجب أن نحمله جميعاً مع وزارة المالية ووزارة الطاقة ووزارة الصحة ومستوردي الأدوية والمحروقات والمدخلات الزراعية، وكافة الجهات ذات الصلة، وكما هو معلوم فإنّ التئام مثل هذه التحالفات أمرٌ بالغ الأهمية من أجل توفير السلع الاستراتيجية الضرورية.

حدثنا عن الوضع القانوني للمحفظة؟

المحفظة آلية ذات غرض خاص، أي أنها ليست شركة بالمعنى المفهوم، وإنما شراكة مؤقتة بين الأطراف المكونة لها بهدف توفير رأسمال من أجل استيراد وتصدير سلع أساسية، ومن هذا المنطلق يمكننا أن نقول إنّ وضعها القانوني يتمثل في أنها “شراكة مؤقتة ذات غرض خاص، وعمرها الافتراضي عامٌ واحدٌ، يُمْكن تمديده؛ إذا ما رأى مُلاكها ضرورة لذلك”، وهذا  بموجب الأمر الصادر عن لجنة الطوارئ الاقتصادية ولائحة المحفظة، أما عملها القانوني فإنه يعتمد بكامله على القوانين السارية الخاصة بالعمل المصرفي والتصدير والاستيراد والتأمين وغيره.

هل تمتلك آليتكم هذه هيكلاً إدارياً مُحدداً، أوجز لنا، لو سمحت؟  

نعم، وتعتبر جمعيتها العمومية أعلى سلطاتها، كما أن لها مجلساً مكوناً من سبعة عشر عضواً يمثلون الأطراف المشاركة فيها، بالإضافة إلى اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، أما لجنتها التنفيذية وهي المطبخ الحقيقي لعملها، فتعتبر الذراع التنفيذية لجميع عملياتها، وتتكون من  المساهمين وممثل للجنة العليا للطوارئ الاقتصادية، كما تمتلك لجنة مستقلة للعطاءات والمشتريات ومجلساً استشارياً يضم خبراء من عِدة وزارات كالمالية والطاقة والزراعة والتجارة والبنك المركزي، وقد تقرر حديثاً انضمام الشركة السودانية للموارد المعدنية كعضوٍ أصيل في مجلس الإدارة نسبة للحاجة الماسة لخدماتها الحيوية؛ ولأنّ هناك تحالف قائم أصلاً بين منتجي الذهب والمحفظة.

هل تعقدون صفقات تجارية، أم توفرون التمويل والموارد فقط، فصل لنا في هذا الصدد؟

دعني أوضح لك بدهية أولية لأزيل بها اللبس والغموض فيما يخص هذه الجزئية، وهي أنّ المحفظة ليست تاجراً. هناك فهمٌ خاطئٌ لهذه الناحية، أما الصحيح فهو أننا لا نمارس علميات  بيع وشراء السلع وإنما نُخصص لها الموارد النقدية  اللازمة من العملات الصعبة دون أن نستخدم السوق السوداء للنقد الأجنبي، بمعنى أن المحفظة تعمل على حشد مواردها الذاتية بالدولار من رأسمالها ومن خطوط التمويل المصرفي لتمويل الاستيراد، ومن حصيلة بيع سلع الاستيراد عن طريق الشركات المستوردة بالجنيه السوداني نقوم بتصديرِ سلع أساسية  وتتكرر هذه العملية بهذه الطريقة عبر حساب ضمان خارجي تجميعي دوار.

بجانب ذلك، تُصدر المحفظة خطابات الإئتمان الخارجية بالنقد الأجنبي وتترك للبنوك مهمة  تمويل عمليات الصادر عبر مواردها (موارد المحفظة) وخطوط تمويلها.

إذا طلبنا منك الإشارة  إلى مصرف محدد، وتسميته رائداً في التعامل مع المحفظة، هل يُمكنك ذلك؟

قطعاً نعم، إنه بنك البركة الذي يقود الآن (27) بنكاً مشاركاً في المحفظة. ليس ذلك فحسب، بل أنّ الفكرة الأساسية لإنشاء هذه المحفظة صدرت عن مكتب الرشيد عبد الرحمن المدير العام لبنك البركة في مارس المنصرم، وشارك فيها نفر كريم من أبناء الشعب السوداني، قبل أن ترى النور بتبنيها من قِبلِ اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية. وتتلخص مهمة البنك الرائد (البركة) في توزيع موارد المحفظة على البنوك المشاركة في عمليات الإستيراد والتصدير، بجانب إدارة الحسابات الرئيسة بالمحفظة وإصدار شهادات المشاركة لملاكها و القيام بعمليات تأمين الصادرات وجميع العمليات الحسابية، وبالتالي فهو يلعب دوراً حيوياً ومفصلياً في المحفظة. كما أن نظام (البنك الرائد) ظلت تتبعه المصارف السودانية عندما تشرع في تأسيس محافظٍ للسيولة، أما فيما يتعلق  بمحفظة السلع الاستراتيجية وهي أكبر محفظة في تاريخ السودان، فإن البنك الرائد يقوم  بجانب دوره التنسيقي بين مصارف المحفظة بدور آخر في اللجنة التنفيذية ومجلس إدارة المحفظة.

يُشاع هذه الأيام، أن محفظتكم تنشط في عمليات شراء الدولار، هل هذا صحيح؟

كيف يكون صحيحاً؟! والمحفظة أُنشئت أصلاً لمحاربة وتجنب مثل هذه المعاملات، هذه محض شائعات أنفيها نفياً قاطعاً وجازماً. ثم إننا نستخدم حصائل صادرات المحفظة لتمويل الواردات الأساسية، فكيف نشتري عملات صعبة من السوق السوداء؟ هذا لم نقم به أبداً ولن نفعله مستقبلاً. ما أود التنويه إليه أيضاً أن البنك المركزي أصدر مؤخراً منشوراً بتخصيص حصائل صادر الذهب لشراء السلع الاستراتيجية، و رغم أن لائحة المحفظة لا تسمح لها بذلك في الوقت الحالي إلاّ أنّ هذا المنشور ربما يفتح مستقبلاً نافذةً  للمحفظة للاستفادة من هذه الحصائل وفقاً لموجهات وقرارات ومنشورات المركزي، لكننا حتى اللحظة لم نستخدم ذلك.

ولكن قبل أيام انتشرت أحاديث مفادها أن ترسية عطاءات البترول من قبل المحفظة، تسببت بارتفاع سعر الدولار الأمريكى في السوق الموازي، ما قولكم ؟

نعم اطلعت على ما ذكرت، وهذا قول يجافي الحقيقة، وتقدير خاطئٌ تماماً، حيث إنّ مجرد ترسية العطاء دون إجراء أية عمليات لن ترفع سعر الدولار؛ خاصة وأنّ المحفظة توفر النقد الأجنبي من مواردها وليس من السوق السوداء كما ذكرت لكم. الشخص الذي نشر هذا الحديث يدعو صراحة إلى عدم طرح عطاءات فى السلع الاستراتيجية ولا أعرف لمصلحة من كل هذا؟

هناك اتهام آخر للمحفظة بالفشل في توفير 78 مليون دولار لصالح وزارة المالية في يوليو الماضي، من أجل شراء محروقات؟

هذا لا يُحسب فشلاً، لأن وزارة المالية لم توافق على شروطنا، رغم أن المحفظة تجاوزت شرط طرح العطاء تقديراً للحاجة الملحة آنذاك، ثم إن مثل هذه المعاملات خاضعة لمبدأ الرضا والقبول، ولا يوجد فاشل هنا في حال عدم الاتفاق. ولتعويض وزارة المالية فيما ذكرتم قامت المحفظة بزيادة التغطية على المحروقات من 6 أشهر إلى 7 مضيفة شهر سبتمبر.

طرحت المحفظة مؤخراً عدة عطاءات، أحدهما محلي يغطى حاجة البلاد من المحروقات لسبتمبر، وآخر دولي من أكتوبر حتى مارس 2021، لماذا تأخر عطاء سبتمبر، ما المشكلة؟

نعم تأخر تنفيذ عطاء سبتمبر، بسبب مشكلة فيما يتعلق بالوفاء بشرط المحفظة بدفع المقابل بالجنيه، حيث إن المحفظة اشترطت في لائحتها التنفيذية دفع 110% من قيمة خطابات الاعتماد بالجنيه السوداني، كما برزت مشكلة أخرى متصلة بتوفير هذا المبلغ من قبل الشركات؛ لكننا في طريقنا نحو حل هذه المعضلة بالتعاون مع وزارة المالية خلال الأيام القادمة، عقب تدخل كريم من سيادة رئيس الوزراء بواسطة مستشاريه الدكتور آدم حريكة و الأستاذ الشيخ خضر.

هل صحيح أن طرحكم لهذه العطاءات وفر للدولة ما يربو عن (30) مليون دولار شهرياً، وكيف؟

نعم صحيح، لكن دعني أفصل لك في ذلك. لدينا الآن سفينتان محملتان بشحنتي بنزين، وست سفن جازولين، ومثلها من غاز الطبخ. قبل العطاء المشار إليه، كانت سفينة البنزين تباع بـ (18.5) مليون دولار، وسفينة الجازولين بـ(17.5) مليون دولار، وشحنة سفينة محملة بغاز الطبخ بـ(3,5). بموجب العطاء الذي قدمناه أصبح سعر سفينة البنزين (16) مليون دولار، والجازولين (15) مليون دولار، وغاز الطبخ (2,2) مليون دولار. هذا على سبيل المثال فقط.

هل تريد أن تقول  إنّ المحفظة أسهمت في إلغاء عمليات السمسرة في السلع الاستراتيجية الأساسية؟ 

نعم لم يعد هناك سماسرة، لأن العطاء طُرح محلياً ودولياً وتنافست فيه شركات تجارية لها سمعة عالمية كبيرة وتملك مصافٍ معروفة ومؤهلة، كشركة فيتول وغيرها، وهذا ما أسهم في توفير ما  يزيد عن (30) مليون دولار شهرياً في المحروقات وحدها.

ذكرت في حديثك  أن هناك مساهمين في المحفظة، فهل تحققون أرباحاً توزع عليهم؟

نعم هذا نموذج عمل المحفظة وعائد رأس المال كما هو معلوم الربح، لكنه ليس هدفاً وحيداً للمحفظة، إنما الهدف هو توفير السلع الاستراتيجية بسعر التكلفة إضافة لمبلغ التمويل المصرفي فقط، فالمحفظة لا تتاجر في هذه السلع ولا تكسب في الاستيراد، لكن يمكنها أن تكسب في سلع الصادر، وهذا حق مشروع.

كيف؟

مثلا إذا مولت المحفظة عملية لتصدير الصمغ العربي بالجنيه السوداني فإنها تبيعه للعالم الخارجي بالدولار وبسعر أعلى بطبيعة الحال،  وذلك يحدث مع أي سلعة محلية أخرى،  وأغلب أرباح المحفظة تتحقق بهذه الطريقة .

كم تبلغ تكلفة التمويل للمصارف التي تتعامل معها المحفظة، كمقابل لفتح خطابات الاعتماد بالنقد الأجنبي؟

تكلفة التمويل هى التكلفة العادية التى يحددها البنك المركزي للمصارف السودانية بالإضافة للرسوم المصرفية العادية وهي تكلفة معتدلة جداً، بينما يقدم سماسرة هذه المحروقات تكلفة عالية جداً، هذا إضافة الى العلاوة العالية جداً فوق السعر العالمي.

هل توفر المحفظة ضمانات لرأس المال للمساهمين؟

فيما يخص البنوك دخل بنك السودان كضامن، لكنه فعلياً لا يستطيع أن يكون ضامناً للقطاع الخاص، ونحن نعمل مع شركات التأمين الموجودة في المحفظة على إصدار بوليصات تأمين لرأس المال الخاص ضد التعدي، لكن الضامن الأساس لرأسمال المحفظة هو كفاءة العمليات الخاصة بالتصدير والاستيراد وإدارة عملية المخاطر المتعلقة بتذبذب سعر الصرف وهذا ماتقوم به اللجنة التنفيذية والبنوك.

لاحظت أن للبنك المركزي وجوداً كبيراً (في عمليات) المحفظة، ما هي مسؤوليته تجاهها، وما علاقته بعملها؟

اسمح لي أولاً أن أوجه الشكر للبنك المركزي ممثلاً في السيد المحافظ ونائبه وإدارته، وقد ظل يرعى المحفظة بشكل حثيث منذ أن ظهرت كفكرة في أبريل الماضي وحتى الآن، وهناك تسهيلات كبيرة قدمها لنا؛ بينها إعفاء البنوك المشاركة في المحفظة من نسبة 3% من إحتياطي رأسمالها الموجود في المركزي لكي تساهم في إنشاء المحفظة، وكذلك  إعفاء المحفظة نفسها من تركزات السقوف الائتمانية في عمليات الصادر والوارد من أجل تركيز الموارد في الصادر والوارد، وهذا لا يمكن لعميل واحد القيام به، وهذا أمر غاية في الأهمية، فالبنوك السودانية جميعها محكومة بسقوف معينة للعملاء. كذلك ساعدنا في حشد المصارف للمساهمة في المحفظة، كما أن حسابات المحفظة الرئيسة توجد في البنك المركزي ، وأيضاً أتاح لنا استخدام حصائل صادراتنا في توريد السلع الأساسية تحت رقابته بصفته داعماً للمحفظة.

وهل للحكومة دور في المحفظة، ما هو “إنْ وجد”؟

الحكومة ممثلة في اللجنة العليا للطوارئ لعبت دوراً أساسياً في إنشاء ورعاية وتكوين المحفظة، وإذا عملت المحفظة بصورة صحيحة ومثالية، فهي بلا شك ستوفر مالاً وجهداً كبيرين للحكومة.

هل أغلقت المحفظة أبوابها في وجه المساهمين؟

الباب مفتوح لكل رجال الأعمال السودانيين ومنتجي ومصدري الذهب وكافة الشركات السودانية الكبيرة حكومية وغير  حكومية، فضلاً عن شركات الاتصالات وصناديق المعاشات وهؤلاء جميعا مدعوون للمساهمة في رأسمال المحفظة ودعمها فكلما توسع رأسمالها كلما استطاعت أن تدير عملياتها بكفاءة أكثر، فالسودان يحتاج لما لا يقل عن مليار (800) مليون دولار للمحروقات سنوياً، ولـ(600) مليون دولار سنوياً للأدوية، ويحتاج لما بين ( 250 ــ 300 ) مليار دولار لمدخلات الإنتاج الزراعي وغيرها، ولما لا يقل عن (15) مليون دولار لمدخلات إنتاج التعدين، ولـما لا يقل عن (500) مليون دولار لسد الفجوة في القمح؛ لأنه يستهلك ما يقارب (3) مليون طن منه سنوياً فيما ينتج حوالي (900) ألف طن، وبالتالي فإن هناك عجزاً سنوياً يبلغ (2) مليون طن من القمح تكلف (500) مليون دولار تقريباً، مثل هذه المبالغ الكبيرة لا تستطيع المحفظة تغطيتها كلها؛ لذلك نناشد كافة الشركات الكبرى العامة والخاصة والحكومية وشبه الحكومية للمشاركة، والتعامل والتعاون  والباب مفتوح على مصراعيه وليس هناك حجرٌ على أحدٍ.

جيد أن تقولوا لا حجر على أحد، لكن في الواقع تحتكر محفظتكم السلع الإستهلاكية في الصادر والوارد؟

أبداً أبداً، هذا غير صحيح، فالمحفظة لا تقوم باحتكار السلع الاستراتيجية لا في الصادر ولا الوارد، لكن حجم رأسمالها يتيح لها المساهمة بقدرٍ أكبر من غيرها في استيراد وتصدير هذه السلع، كما لا يوجد أي قرار أو قانون يخول لها هذا الاحتكار.

السيّد عبد اللطيف: انتشرت في الآونة الأخيرة أقاويل فحواها أن المحفظة تشترط دفع 110% بالجنيه السوداني مقابل فتح اعتمادات بالنقد الأجنبي للمستوردين، بين لنا الحقيقة؟

هذه ليست أقاويل أو شائعات هذه حقيقة، وهذا شرط من شروط التعامل مع المحفظة من أجل تلافي العواقب الوخيمة الناتجة عن التضخم المتصاعد وتذبذب سعر الصرف، لذا كان لابدّ من وجود مثل هذه الشروط، لكننا نعمل مع الجهات المعنية على إيجاد حلول ومخارج أخرى، وهذه من الشروط المصرفية العادية، وفي الختام لابدّ من توفر الضمانات المالية اللازمة.

على ذكر الأقاويل، لماذا نجد المحفظة دائماً على تختِ تصويباتها؟

في البدء هناك بعض من يجهلون طريقة عمل آلية المحفظة، وبينهم صحافيون للأسف، وبعض من يعتقدون أنهم خبراء اقتصاديون، يدفعون بعض الناس للهجوم على المحفظة عبر تحليلات ومعلومات خاطئة، وفي تقديري أن من يقف خلف ذلك هم السماسرة والفئات الطفيلية التي كانت تتحكم في أقوات الشعب، فهم من تضررت مصالحهم بشكلٍ كبير، خاصة بعد طرح العطاءات.

وأيضاً هناك من اعتادوا على مهاجمة أي مباردة من أي جهة صدرت وأياً كان نوعها، مبادرة خيرية أو تنموية أو مجتمعية أو حقوقية أو غير ذلك، وهؤلاء في الغالب سدنة وفلول النظام البائد الذين” لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب”، وكذلك لن يعجبهم بالضرورة نظام الحوكمة والشفافية والمؤسسية الذي تتبعه المحفظة في عملها لجهة أنه أحد مكاسب ثورة ديسمبر الظافرة، ولابدّ أن يكون له أعداء.

تتحدث المحفظة عن تغطية استهلاك البلاد للمحروقات حتى 31 مارس من العام القادم، ماذا بعد ذلك، هل نتوقع أزمة أخرى؟ 

مدة عطاء المحروقات سبعة شهور ثم بعد ذلك ينظر في الأمر ورأسمال المحفظة دوار وعموما وزارة المالية والطاقة لا تميل للتعاقد بشكل سنوي بسبب التغيرات الكبيرة التي تحدث على أسعار المحروقات لكنها تعتمد على معادلة سعرية واضحة في هذا الشأن، ويمكن التجديد المدة لستة أشهر أخرى، خاصة حال نجاح المحفظة في الستة أشهر الأولى، وذلك ينطبق على القمح والأدوية حيث يتم تجديدها كل ستة أشهر أو ثلاثة أشهر، حسب ما هو متاح من رأسمال المحفظة، وحسب ما هو مطلوب في السوق فهناك مستوردون ومصدرون آخرون كما تعلمون.

ما هو مستقبل المحفظة؟

عمر المحفظة (12) شهراً، تبدأ من إعلان تشغيلها منتصف سبتمبر 2020م، والأمر متروك لمجلس إدارتها ليقرر بعد ذلك تمديد أجلها أم لا؟، ولكن هناك فرضيات أخرى مطروحة مثل أن يتم تحويلها صندوقاً تجارياً كبيراً بعد انتهاء العام الأول أو تتم تصفيتها، كله وارد.

تتداول وسائل التواصل الاجتماعي، أن رأس مال المحفظة يبلغ مليار دولار، هل تؤكد لنا ذلك أم تنفيه؟

ما يتم تداوله ليس بالضرورة صحيحاً، فرأس مال المحفظة أقل من مليار دولار،  إلاّ أن حجم أعمالها السنوي أكبر من ذلك ، حيث إنّ دورة رأس مالها السنوية واستخدامها لخطوط الإئتمان المصرفى الخارجية يتيح لها العمل فى مبلغ أكبر مليار دولار، ودونك عطاءات المحروقات التي تتجاوز قيمتها المليار، لكّن مواقع  التواصل هذه تعج وتضج بمن يجهلون ألف باء الاقتصاد والمال، فلا يفرقون بين حجم رأس المال وحجم التسهيلات المصرفية وسرعة دوران رأس المال مع دورة الأعمال.

هل هناك مساهمون لم يلتزموا بدفع حصصهم فى رأس المال؟

هذا صحيح، وهم يمثلون جزءاً من قطاع الذهب، إلاّ أن الغالبية قامت بتسديد ماعليها، ورأس مال المحفظة الحالي وخطوط الإئتمان الخارجى الحالية تُمكنها من الوفاء بالتزاماتها الراهنة وفي الوقت نفسه ستسعى بجدية ودأب لزيادة رأس مالها.

ما هي المنافع التي توفرها محفظة السلع الاستهلاكية للمواطن، اشرح لنا بشكل مبسط ومباشر؟

المحفظة عبارة عن مؤسسة لتوفير السلع الاستهلاكية الاستراتيجية، وهذه منفعة كبرى وصاحب المصلحة الحقيقية هو الشعب السوداني، لذلك تعمل على تحييد مبالغ كبيرة بالنقد الأجنبي لكي لا تبتلعها السوق السوداء، كما أنها تعمل على توظيف الصادرات لخدمة الواردات، وبهذا تقلل العجز في الميزان التجاري، وهذه منافع مباشرة للمواطن، وإذا نجحت المحفظة في القضاء على السوق السوداء -على الأقل- في مجال المحروقات؛ فإنّ ذلك يحسب لها كثيراً، لأن الاقتصاد السوداني يعتمد بشكل أساسي على الطاقة الأحفورية، وباتجاه آخر لم يستورد السودان دواءً منذ  أكثر من سبعة أشهر وهناك سعي حثيث من المحفظة بالتعاون مع الشركات ووزارة المالية التي تقدم الدعم لاستيراد دواء يكفي لثلاثة أشهر، وهذه كلها مجتمعة فوائد يجنيها المواطن السوداني وتحسب للمحفظة.

  • شكراً لك على هذه الإفادات التفصيلية، ونتمنى أن نرى نتائجاً ملموسة لعمل المحفظة على الحياة اليومية للمواطن السودان.
  • الشكر لكم في صحيفة (الديمقراطي)، ونتمنى لها النجاح والتقدم والاستمرار بقوة، وأن تصبح لسان حال الثوار والثورة، وكل الشكر والتقدير للدكتورة هبة محمد علي وزيرة المالية على رعايتها للمحفظة وموقفها الداعم لها، والشكر كل الشكر والاحترام للشعب السوداني الصابر ونتعهد له بمواصلة العمل وتذليل الصعاب من أجل توفير السلع الاستراتيجية بصورة مستدامة و إنهاء المعاناه في هذ الجانب، والشكر لله من قبل ومن بعد.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى