حتى لانجعل الشر يتغلب علينا
رؤى مغايرة
صباح محمد آدم
في تغريدة لسفير السودان لدى واشنطن نور الدين ساتيبشّر فيها بأن الولايات المتحدةأزالت اسم السودان من قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال، ورفعت من تصنيفه في موضوع الاتجاربالبشر. نستطيع أن نقول بأنالبشير وجماعته قد جعلوالدولتنا وجوداًدائمًا في أسوأ قوائم انتهاكات حقوق الإنسان.
بمراجعة سريعة نجد أن قوائم كثيرة تلك التي ضمت السودان كواحدة من أكثرالدول انتهاكاًلحقوق الإنسان وغيرها،فأصبح اسم السودان في ذيلقائمة الفساد والشفافية لما ظل ينتهجه من سلوك ممنهج خارج إطار العمل المؤسسي الذي ظل بعيداً عن المحاسبية، وفيقائمة التمييز ضد المرأة بفضل القوانين المنتهكة لحقوق النساء وعدم توقيعه على اتفاقية(سيداو) وفيالإبادة الجماعية في كل من دارفور وجبال النوبة..اعتبر السودان من الدول الراعية للإرهاب لجلبه مطاريد الدول من كل أنحاء العالم، وكاذب من يقول إنه بهدف حماية المسلمين الذين تعرضوا للاضطهاد في بلادهم فلم يكن أولئك مفكرين أو سياسيين بل كانوا إرهابيين أحلوا قتل الأبرياء من خلال تفجيرهم لمقار ودور عبادة من كنائس وغيرها فكان طموحهم حكم العالم ومن ثم إعادة جذوة دولة الخلافة المتخيلة في أذهانهم المعطوبةفكانتبتدبير منهممحاولةفاشلة لاغتيال الرئيس المصرى السابق حسني مبارك، ومشاركة عصبة الإسلامويين في التخطيطلتفجير المدمرة كول وظلت تلاحقه تفجيرات لوكربي التي دفع السودانضريبتها المالية من خزينة الدولة التيأفرغوها نهباً وسلباً،والسفارتان الأمريكية في نيروبي وتنزانيالقد كان حلمهم ببناء دولة إسلامية تفوق أي رغبة لديهم في بناء وطن فتخلقت منهم داعش وفتحوا الباب لتجنيد طلاب/ات الجامعات وقبضوا الثمن مالاً.
أما القوائم الأخرى التي تندرج تحت الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية؛ نجد أنَّ الصحة والتعليم هما الأسوأ حيث ارتفع معدل الفاقد التربوي والمتسربين من المدارس من الأطفال كان يزيد عاماً بعد عام، كنا نشاهد ونراقب ذلك، نراهم يتطاولون في البنيان يبنون الفلل والقصور وبلدنا تتداعىومستشفياتنا تفتقر للدواء، يقف مأمون حميدة أستاذ الطب ووزير الصحة مهدداً بهدممستشفى للأطفال شيّدها بدعم أهلي، طبيب زميل له. يسخر من الشعب السودانيبأن يأكلوا الضفادع وأن الدولة غير مسؤولة عن علاجهم.ونسأله إذن عمّاذا هي مسؤولة، هل هيمسؤولة عن إدخالهم الجنة؟لقد جعلنا الشر يتغلب علينا على مدى ثلاثين عاماً، وعلى الرغم منكل ذلك فإن البعض منّا لا يعونالدرس،فالعسكر متربصون بالسلطة لأنهم غير مقتنعين بأن زمن حكمهم قد ولى وسيطرتهم على الشعوب انتهت ولن تعود بقرار دولي وإقليمي وما زالوا يضعون المتاريسوالإسلامويون واتباعهم يراودهم الحلم بالعودة إلى مزيد من الخراب وغير مقتنعين بأن الشعب لفظهم وكشف عوراتهم الكثيرة لأنهم بلا كرامة ولاشرف،فالجشع والنهم لايتركان لصاحبه فرصة مراجعة لأن الاكتفاء لن يجد إليه سبيلاً، ومن يتبعونهم فهم يرضون بالقليل عشماً في الكثير القادم دون أن ينتبهوا إلى أنه لايوجد المزيد، لكنهم يفتقدون للبصيرة ويركضون وراء لقمة ملوثة بدماء الأبرياء منزوعة من أفواه الجوعى من الأطفال والنساء. والفرقاء السياسيونالذين أتوا على أعناق الشهداء لازالوايتحاصصون في دولة فقدت كل مقومات البناء المؤسسيوتطغىرغبتهم في تولي المناصب والدفع بها إرضاءً لمن هم أقل كفاءة وقدرة على عملية البناء معتقدين أن الأمور تمضي هكذا وإن صبر الناس لن ينفذ. ما يسعى إلى تحقيقه رئيس الوزراء حمدوك على المستوى الدولي يحتاج دعماً ومساندة. قرارات موازية تعيد للدولة مؤسساتها وتبني نظاماًإدارياً ومالياً شفافاً تحتاجإلى تعليم يبنيأجيالاً جديدة متصالحة مع نفسها ومجتمعها، ينمو فيها حب الوطن فلايكفيأن ينطلق نشيدالعلم من أفواه الأطفال بل من قلوبهم وأفئدتهم لذا نحتاج لمناهج تخاطب عقولهم لا عواطفهم تنقلهم إلى رحاب العالم فنحن بتنا في ظل جهالةحيث ساد الجهل النشط طيلة العهد البائد وأصبح أصحاب ضيقي الأفق يسودون صحفنا ووسائل إعلامنا، لا يكفيأن نتندر على الإسلامويين وندّعي استحالة عودتهم مرة أخرى فالحرباء لها أكثر من لون.
القوى السياسية لاتمارس دورها في رفع وعي الناس بالقضايا ولاتعقد فعاليات كما ينبغي لها أن تفعل في ظل حريات متاحة، كثير من القضايا يحتاج الناس لمعرفةإيجابياتها وسلبياتها يحتاجونإلى تحليل عميق من خبراء متخصصينيفكرون خارج الصندوق يضعون الخطط ومعها البدائل، الرجل العادي من حقه أن يعرف ما يدور حوله وأثر ما يصدر من قرارات على حياته، موضوعات مثلالإعفاء من الديون، رفع السودان من قائمة الإرهاب،إلىسد النهضة، ماهي بدائلنا إذامضى الأمر على ماهو عليه؟ وهل سنظل عالقين في أن تستمر إثيوبيا مثلاً فيما هي ماضية فيه وهو الملء الأحادي؟ وماذا يعني الإيبان كود وماذا سيغير في وضع السودان الاقتصادي؟.
إن مسؤولية ذلك تقع على أحزابنا السياسية التي لا نراها مشغولة ببنائها الحزبي وتوعية جماهيرها بقدر ماهي مشغولة بأمور سطحية فلم نسمع عن ندوة في حيأو قرية وعلىإعلام لم يتخلَ معظم صحفييه عن التفكيربذهنية شمولية تلكالتي جعلت من البعض منهم مجردموظفين كُسالى فكرياًينتظرون المسؤول ليأخذوا منه تصريحاً مثيراً للجدلغير مفيد لايعني القارئ أوالمستمع في الشيء تغيب عنه المعلومة بينما المعلومةأمامهم ويقع على عاتقهم البحث عنها.