ثقافة ومنوعاتصفحات متخصصة

ثمة ضوء

ثمة ضوء
أنت على حق “جوزف غوبلز”
إيمان آدم خالد
تُطل الذكرى الخامسة والستين لاستقلال البلاد ونحن في ظل ثورة أقل مايُقال عنها أنها ثورة عظيمة لشعب لا يُمكن أن نصفه بغير مذهل وحليم؛ يرقب بصبر كل الذي يدور، لكن غضبة الحليم مزلزلة. جسدتها الثورات كلها وأبدها الشعر والأدب،كشف عنها وكشفها، عبّد لها الطرق وبشّر بها الكلمة مخيفة؛ قادرة ومبهرة، في “البدء كانت الكلمة” .. وفي المنتهى.
الكلمة شرارة إما أن تُحرق أو تُضيء.. وفيها من فتنة الخلق والخلود ما يجعل الناس يسعون خفافاً وثقالأً قاصدين محرابها، مالئين بهوها بالضجيج والعجيج، متدافعين بالمناكب والأقلام ليجدوا موطئ “لسان” سعيد من يفوز فيه بمتكأ، أو سانحة يهتبلها ويحرص عليها حرص البخيل على نقوده، والجبان على حياته؛ حياته! نعم حياة المثقف كلمته وكلمته حياته دونها هو محض هباء وعدم، للكلمة إشراق حين ترتبط بقيم الحق والخير والجمال وحين تؤسس لدولة العدالة، الحرية والديمقراطية، وتورق حين تشيع الرحمة بين العالمين وتكرّس لإقامة الإنسانية على سوقها هكذا في منتهى البهاء واللطف. غواية الكلمة، وفتنتها وقدرتها انسحبت على كامل الأدب والثقافة؛ كان على حق “جوزف غوبلز” وزير الدعاية النازيّ وحقّ له أن يخاف ويرتعب ويطلق مقولته الشهيرة “كلما ذكرت الثقافة تحسست مسدسي”.
الشعر هو الحياة والشعر الثوري ليس على قطيعة مع الحياة بقدر ما هو مرتبط بتحقيق الحياة الكريمة في أبهى تجلياتها والتي لا يمكن أن تستقيم مع القهر والظلم والديكتاتورية.
لذا هو سادنها؛ نارها نورها؛ الشعُر فضيحة الظلاميين لذا يخشونه، يهز عروشهم ويقزّم جبروتهم، لذا كان افتراع أغلب البيانات بأبيات ثورية تبشر بالصباح الجديد بالغد المنشود رغم أنف البؤساء من الذين لا يريدون خيراً لهذي البلاد وهذا الشعب.
قالها الشاعر محمد مدني وهو يعلم سطوة الكلمة، جبرة الشعر
ويعبسُ عباسُ
ثم يولي شطرَ الذي لستُ أدري
لماذا مجردَ قول يقودُ إلى القارعة
لماذا تساءلت يا وارداً كدراً والجواب لديك!
وصفو الجواب لدى القامة الفارعة
أحبُّ الخلائق للناس عباسُ .. رغم العبوس
لأن اليربي أبناءهم بالحديد
سيأتون بالحيلة البارعة
وعباسُ يفتح للناس أبوابه
مثل شرطي المرور تماماً
كما يشتهي يفتحُ الشارعَ
وعباسُ عباسُ يا أيها الناسُ
عباسُ عباسُ
صرتم قطيعاً لهذا رعى
شكراً محمد مدني ..
احذروا عباس.. ينتظر تحقق ذاكرة القطيع ليرعى.

**

المكان في رواية عربة الأموات للروائي منصور الصويم
الدكتور مصطفى الصاوي
يؤدي المكان / المهجر دور العنصر المحرك الأساسي للأحداث التي تنطلق منها صراعات الذات وذاتها والذات مع الآخرين، احتوى النص على اثنين وعشرين فصلاً جسدت حياة مجموعة من السودانيين يقيمون في السعودية ويعملون في مهن مختلفة، إضافة إلى التكيف مع الواقع الجديد (مكان المهجر) ويتبدى في هذا تركيز الراوي العليم غير المشارك في الأحداث عبر تركيزه على المكان الذى تجاوز في النص حدوده الاصطلاحية المحدودة ضمن إطار مادي صوب أبعاد داخلية ذات السمات تتعلق بمشاعر شتى (تجانس ، إلفة ، توتر) كل ذلك تم التعبير عنه عبر تأثير المكان.
(أ) يلاحظ التبئير على عنصر المكان إذ سعى المؤلف لخلق نقطة مكانية تشتغل كمرجع للأحداث.
(ب) يلج الكاتب بداية بالعنوان الرئيسي وبعض العناوين الداخلية:
(1) عربة الأموات: العربة فضاء مكاني متنقل.
(2) حارس المقابر.
(3) الطريق إلى اليمن.
(4) كهف وسجن وبار مهدم وقصر مشيد.

إذن يمكن القول بأن المكان الإطاري الواسع للنص هو (السعودية) ومنه تنبثق أمكنة فرعية (شوارع، بيوت، قصر، مستشفى، مقر صحيفة، عربة الأموات وهي بؤرة أزمة (توقفت عربة الأموات، عقب تدحرجها البطيء من طريق الدائري…. أخرج فضل رأسه من شباكها… كانت عربته محملة بأربع جثث من مغسلة الأموات عليه إيصالها إلى مقابر المجهولين) الذين لن ينتظرهم أحد.
⮚ الشوارع: في أكثر من موضع يرد الشارع المكان المفتوح، أبرز صفاته: الازدحام، أبواق السيارات، الضجيج… كل ذلك من خلال التعويل على إبراز صورة السائق فضل الله والغراب الذي يرافقه موضحاً استباقاً سردياً (الموتى عمالة سائبة).
⮚ البيت: أبرز البيوت وضوحاً في النص ومشبعة بالدلالات بيت فضل الله السائق (بيت قديم متداعي الجدران من الخارج/ مكون من دورين طينيين على الطراز القديم للبيوت العربية).
● وصف المقطع في خمسين سطر
● وضح عودة عربة فضل الله للبيت يرافقه الغراب
● للبيت أكثر من حضور في النص، إذا وصفت البيت فقد وصفت ساكنيه.
وبيت فضل الله وإن كان في الغربة (مكان الإلفة ومركز تكثيف الخيال)
(أ) يسكن فيه فضل الله، ويتردد عليه بانتظام الطبيب مكي الفكي في نهاية كل أسبوع في الإجازات.
(ب) غرفة للضيوف غالباً محرر الموقع الإعلامي لمكتب الدعوة ويرتاد المنزل أيمن فخري بالسوداني هذا بيت العزابة.
(ج) غرفة فضل الله احتوت سريرا ودولاب ملابس خشبي وأربع خزانات ممتلئة بالجلاليب السودانية وتأتي للبيت بعض العشيقات العابرات اللائي يجلبهن أحياناً ويبذل لهن العطاء مع اشتراطه عليهن استخدام عطور سودانية قبل مطارحتهن الغرام تصدر البيت بصورة عامة السرد الروائي وأبرزت طبائع وسلوك الشخصيات ووضح تأثير المكان على ساكنيه وتباين نمط العلاقات وأصداء الأحداث بين المغتربين أنفسهم ومع الآخرين واستضافة أيمن فخري عندما يتمرد على مشايخه بالمكتب.
(د) ثمة بيت آخر يسترعي الانتباه و هو بيت سمية أرملة الرجل الحي كما وصفها سارد النص العليم ( وجد الباب موارباً كالعادة مر من أمام غرفة الزوج الميت الحي فأحس ببعض الوخز الطفيف بيد أنه عبر إلى غرفتها، أبعدت صورته منعكسة من المرآة يتسلل بخفة كأنه قط سارق قبل أن يغلق الباب وراءه ويندفع نحوها… حيث وثب عليها وحملها إلى الفراش/ الحب صلاتهما الجسد ودعواتهما السرية ومسراهما ومعراجهما والفراش بيتهما المقدس) ترى من صار في هذه الغرفة الجسد الأنثوي هو الخارطة للوطن ( لولا سمية لما استطعت أن أتحمل جدب هذه البلاد، ظلم، قسوة كفيلها ونفاق ملتحيها).
فالمكان يستقطب الآخر، ويلبي احتياجاته ومن ثم يصبح فاعلاً في الإنسان وارتبطت سمية ببيت آخر عقب موت زوجها وشقة والشقة في حي راق، كما أنها شقة فخيمة (لم تفاجئه غرفة النوم الفخمة… كل شيء مبهر ومدهش والشقة مشبوهة) إذن المكان الثاني أي الشقة دال على تحولات الشخصية بأثر معاناة المهجر هذا شغل آخر، أوفرتايم لزيادة الدخل… أنا لا أرفض ما تتصوره… أنا أوفر لهم أجواء للسهر البريء… أساعدهم ولا يقصرون معي).
(ه) أشير بإيجاز إلى غرفة أحمد عبد المجيد خلال في القصر غرفة واسعة مريحة بها بلازما ضخمة، أشرطة فيديو وسيديهات، أفلام بورنو هوايته المفضلة وبالمقابل أشير إلى غرفة فوق السطح يساكنه أيمن فخري لدرجة أن سريرين بها يكادان يتلاصقان… تنتج على سطح فارغ مجرد فضاء تسلق فيه الأجساد في الصيف وتتجمد في الشتاء.
انتفت عن هذه الغرف الحميمية وارتبطت لدى كل شخصية بمشاعر مختلفة إذ ينغمس أحمد عبد المجيد هلال في مشاهدة أفلام البورنو، واعتبرها أيمن جزءا من شراك المكان حسبما رآها أبو البراء السوداني ضربا من الجهاد والصبر.
أخيراً أشير للقصر وأجمل النتائج: –
❖ للقصر في هذا النص مكانة عظيمة لتأثيره على الشخصيات ومصائرها والقصر يشغل (مساحة أرض تتعدى الألف كيلومتر محاطة بأسوار فداناً وحول القصر بيوت صغيرة داخل أحواش كبيرة تطوقه من جهاته الأربع تسكنها العمالة من المربيات والممرضات والخادمات والسائقين والحرس الداخلي… وبعض أصحاب المهن المجهولة إضافة إلى الزوار الغامضين وللقصر سطوته على الشخصيات السردية وفي مصائرها وأخطر ما فيه مشاهد القسوة والفعل الجنسي الفاضح ( فقرة مشاهد الجنس رجالي جماعي… ثم تجهيز غلامين سلبيين من طاقم العنصر مع إحضار إثنين أو ثلاثة إلى الخارج.
❖ نقل الروائي (الغراب) تلك المشاهد (أصبت بما يشبه الدوار وبحالة من الغثيان حادة) لاحظ الجمال الخارجي والداخلي للقصر والأفعال القبيحة صار القصر فاعلاً مطلقاً في حياة بعض شخصيات الرواية ومصائرها.
الشخصية المكان مصير الشخصية
الصادق سليمان القصر سجن في حفرة جهنم
الغلام متوكل القصر شارك في مهرجانات الجنس الجماعي – انتحر
عبد المجيد هلال القصر استمر في العمل
فريد كبير شواذ القصر القصر يخطط للهروب للولايات المتحدة

تبدى الفضاء المتحرك في عربة نقل الأموات وارتبطت بسائقها فضل الله، وتنقلات أيمن فخري وانتهت بها الرواية في طريق هروبهم إلى اليمن وارتبط هذا الفضاء المتحرك بمشاعر التوتر وبات مكان الأزمة (تحركت العربة… كان يقود سيارته كالتائه أو الغريب… كانت العربة تسير بارتباك واضح.
بصدد البيوت نجد في بيت سمية زوجة الرجل الميت الحي الأول وفي البيت (الشقة) الثانية بعد موت زوجها دلالات عن شخصيتها وتحولاتها وارتبطت علاقتها في المكانين بالارتواء الجنسي وانهيار القيم (الشقة) مشبهوة.
– أما بيت فضل الله جاء جاذباً لأصدقائه وملاذاً لهم (لمه سودانية) مع احتفاظ كل واحد منهم بغرفة أسراره.
– أشير للمستشفى ومعاناة الطبيب علي الفكي والممرضة الفلبينية باعتبارهما وافدين عانيا من المراقبة والتربص بهما على الرغم من تفانيهما في واجبهم الإنساني عانيا من الحصار الذي بدأ بضربه حولهما حراس المستشفى لمراقبه حركتهما في الدخول والخروج وعد خطواتهما وأنفاسهما داخل المستشفى وخارجه.
– إضافة للمستشفى ثمة أماكن عمل أخرى بالقصر والصحيفة الدعوية، وسكرتارية القصر.
❖ بل إن الأعمال اتسمت بالوضاعة خاصة داخل القصر (اختارني كشاف خاص بالأمير، بعثه لينتقي له الغلمان) ويعبر عن هذا الصحفي بصحيفة الدعوة في موضع آخر عن الاجتماعات، وتناقش آليات العمل وتراجع منها الأخطاء التي حدثت خلال أسبوع مع تصويبها وتوبيخ مرتكبيها وفضحه أمام الآخرين ليكون عظة وعبره وهذه هي الفقرة المفضلة لدى الشيخ أبو عبد الله.
❖ وظل القصر مكان طارداً أو غير أليف (لا إلفة في القصر) وارتبط بـ(انتحار الغلام متوكل + شحن فضل الله + تخطيط فريد للهروب) أما فخري كان القصر مكاناً طارداً + وكان يلوذ ببيت العزابة ويجد السلوى والارتياح في بيت سمية.
فضاء المقبرة
ويتضمن عشرات القبور المنسية + أرقام + صفقات مشبوهة + مخدرات + سلاح وهو مكان الرقدة الأبدية حتى يوم البعث.
الخاتمة
وإجمالاً أقول تبدا فيما أشرنا إليه تأثير المكان على شخصيات النص ولكونه قد حمل الفعل الروائي وإضاءة مضامين الرواية (أثر المهجر) وهذه رواية مكانية بامتياز إذ أظهرت الجو المناسب وعكست العلاقات في الفعل الروائي وأظهرت صراع الذات مع الذات وصراع الأنا مع الآخر وانتهت مثلما بدأت بعربة الأموات التي هربت فضل الله وآخرين إلى اليمن.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

“عبد الكريم الكابلي” تواشيح تبقى
مهدي يوسف إبراهيم
توطئة
“لم أكُنْ على وعي بمكنون هذه الشخصية، ولكن بكثير من الصبر، والمثابرة، استطعت التوصُّل إليها، وهي شخصية تستلهم القديم، ولا تُقلِّده، وتستشرف الحديث دون أن تفقد هويَّتها وأصالتها”.
“عبد الكريم الكابلي”
قضية التراث
أتيح للكابلي أن يبدأ تنقُّله بين بقاع شتَّى السودان وهو لم يزل بعد صبياً يتعثَّر في أثوابه، فهو ولد في “بورتسودان”، وكان يذهب إلى “سواكن” حيث الأقارب وحيث قصر جده الكبير، وزار “القلابات ” حيث ولدت أمه، ودرس في خلوة جده لأمه في “القضارف ” كما زار “دوكة”. وحين عمل موظفاً بالسلك القضائي، استمرَّ في التنقُّل أيضاً. فتحت هذه الأسفار عيني المبدع الكبير على قضية التراث وأهميتها ليقدِّم أول محاضرة أكاديمية له في هذا الشأن في العام 1960. ومنذ ذلك الوقت ظلَّ الرجل مهتماً بالتراث، ودوره في تشكيل وعي الإنسان وهويته. ويرى الكابلي أنَّ التعرُّف على شعب ما، إنَّما يتأتَّى أوَّلاً عبر نافذة تراثه الخاص. التفت الكابلي إلى أشعار التراث السوداني، ليس فقط لأنَّها تتغنَّى بفضائل الأخلاق من كرمٍ ورجولةٍ وفروسيةٍ وإيثار، وإنَّما لأنَّ هذه النصوص غنيةٌ بصورٍ شعريةٍ توقفها على ساق المساواة مع النصوص العربية الفصحى، قديمها وحديثها. وللرجل عشرات القصائد التراثية التي نحفظها عن ظهر قلب، ترنَّمنا معه عشَّاقاً وهو يردِّد:
“يا خالق الوجود أنا قلبي كاتم سرُّو
وما لقيت من يدرك المعنى بيهو أبِرُّو
قصبة منصح الوادي المخدِّر درُّو
قعدت قلبي تطويهو وكل ساعة تفرُّو”.
واحتفينا معه بآبائنا وكرمهم في رائعة:
“يا خريف الرتوع
أب شّقة قمر السبوع
فوق بيتو بسند الجوع
يا قشَّاش الدموع”
وهدهدت الأمهات صغارهنَّ وهنَّ يتغنَّين لهم مردِّدات
“متين يا علي تكبر تشيل حملي
إيَّاكا علي الخلَّاك أبوي دخري
لي الجار والعشير الكان أبوك حامي
لي الغني والفقير الكان أبوك بدّي”
واحتفى كل واحدٍ منا بصديقه صادحاً
“جيتك بي امتثال صاحبي المتمِّم كيفي
إبراهيم ثبات عقلي ودرقتي وسيفي
مطمورة غلاي مونة خريفي وصيفي
سترة حالي في جاري ونسايا وضيفي”
احتفى الكابلي بنصوص تراثية لشعراء وشاعرات سودانيَّات من مناطق مختلفة. ويمثِّل التراث الشعبي للكابلي مرجعاً مهمَّاً لفهم الحاضر واستشراف المستقبل، وهو يرى أنَّ فهم التراث لا ينفصل حتى عن قضايا التنمية وملفَّات السياسة المعقَّدة.
وثمة نقطة جوهرية لا بدَّ من الالتفات إليها في قضية اهتمام الكابلي بنصوص التراث في السودان، وهي أنَّها تحوي الكثير من المفردات العربية الفصحى. وسأُفرد لهذه الجزئية مقالاتٍ منفصلةً بإذن الله تعالى. ولعلَّ بعض نصوص الكابلي التي ألَّفها بنفسه وتغنَّى بها، تحمل شيئاً من تأثُّره بالتراث، فكتب في غربته مخاطباً السودان
“وكيف ما أشيل هواكا فصول
وقلبي بي رؤيتك مأهول
مسارح صيد.. مهاوي سيول
شديرات حِنَّة فوقا حجول
برق عبَّادي سوَّى الهول
بي صدق أفعالو ما بي القول
روى اليابس على المبلول”
الامتداد
يُؤمن الكابلي أنَّ المبدع الحقيقي ليس نبتاً شيطانياً يخرج من العدم، ولكنه يستند على إبداع من سبقوه بحثاً عن ملامحه الخاصة به. وقد تأثَّر الكابلي بحسن عطية كثيراً، وهو مثل معلمه ينتمي إلى مدرسة الأداء السهل الممتنع. وقد بلغ عرفانه لحسن عطية أن أصدر شريطاً بعنوان “أمير العود” ضمَّن فيه بعضاً من روائع الراحل. ردَّد الكابلي أغنيات الكبار مثل “أحمد المصطفى” و”عبد العزيز داؤود” و”التاج مصطفى” و”عثمان الشفيع” وغيرهم. التفت الكابلي كذلك إلى غناء “الحقيبة” فتغنَّى ببعض دُرَره مثل “بِت ملوك النيل” لسيد عبد العزيز، و”يا من فاح طِيب ريَّاه” للكبير “أبو صلاح” وغيرهما.
الكابلي ملحِّناً
لم أدرس الموسيقى بصورةٍ أكاديميةٍ. لكني أستطيع أن أرصد الملامح التالية في مشروع الكابلي اللحني:
– لا يميل الكابلي للتعقيد اللحني كما يفعل البعض، فقط تقوم موسيقاه على السهل الممتنع.
– تندر المقدمات الموسيقية الطويلة في أغنياته
– تسطع عبقرية الكابلي اللحنية بشدة في أعماله الطويلة (ليلة المولد، أوبريت الشريف زين العابدين …الخ)
الكابلي ممَّن يُلحِّنون روح النص ومعناه.
وتشكِّل هذه النقطة الأخيرة مفتاحاً جوهرياً لفهم ألحانه. وأذكر أنَّ مذيعاً مصرياً سأله عن سرِّ اللحن الراقص الذي وضعه لجزئية “فقلت ما شاءت وشاء لها الهوى/ قتيلك قالت أيُّهم فهم كُثْر “فأجاب الكابلي قائلاً: “لأنَّ حديث المحبوبة هنا فيه دلال لا حزن”، وهو نفس التفسير الذي قدَّمه للحن الراقص في رائعة “ما خلاص نسيتنا وخليتنا خليناك كمان”.
الكابلي والسياسة
يؤمن الكابلي أنّ الفنّان الأصيل يجب أن ينأى بنفسه عن التغنّي بالأنظمة السياسية والساسة، ويكرّس أغنياته ومواقفه للدفاع عن المبادئ والحق في كل زمانٍ ومكان. وفيما عدا ميوله الناصرية في فترة ما، لم يعرف عن الكابلي انحيازه لأي فكرٍ سياسي. صحيح أن الرجل تغنّى عقب “أكتوبر” بواحدةٍ من روائعه، وتغنى بأغنيةٍ وطنيةٍ عقب ” أبريل”، لكن انحيازه كان – عموماً –للسودان. لا يصنف الكابلي الغناء لعاطفيٍ ووطني، فهو يرى أن أية أغنيةٍ سودانية هي بالضرورة وطنية طالما أنها كتبت بمفرداتٍ سودانية، وتحمل في طياتها صوراً من البيئة السودانية والمثل السودانية.
خارجياَ تغنى الكابلي بنضال الجزائريين ونضال الفلسطينيين وحركات التحرر – عموماً – في العالمين العربي والإسلامي.
أثر الكابلى خارجياً
تنقَّل الكابلي في الكثير من مدن العالم سفيراً مشرِّفاً للأغنية؛ بل للثقافة السودانية. ولم تقتصر مشاركاته على الغناء فقط، فشارك في الصالونات الأدبية والمؤتمرات والمنتديات الثقافية، واستضافته الكثير من التلفزيونات والمحطات الفضائية والجامعات ودور النشر. وقد كُرَّم الكابلي من قبل الكثيرين، ويكفي أن نذكر أنَّ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منحه وساماً باسم المجاهدين الجزائريِّين. كما اُختير الكابلي سفيراً للنوايا الحسنة بصندوق السكَّان التابع للأمم المتحدة، بجانب نيله الدكتوراة الفخرية من جامعة الأحفاد.
يُقيم حالياً الكابلي في الولايات المتحدة الأمريكيَّة مع أسرته.
***********************
أخبار
وفاة الرائد المسرحي عبد الحكيم الطاهر
غيب الموت الممثل والمخرج السوداني الفنان عبد الحكيم الطاهر، اليوم الجمعة، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا عن عمر ناهز 71 عاما.
ونعى فيصل محمد صالح وزير الثقافة والإعلام السوداني، الفنان عبد الحكيم الطاهر، الذي يُعد رائد فكرة مسرح الصم في السودان، وواحدا من رواد المسرح والدراما التلفزيونية في السودان.
وعمل الفنان الراحل وهو أيضا مخرج، على تطوير الدراما السودانية وقدم أعمالا مسرحية وإذاعية وتلفزيونية بارزة.
بدأ الفنان الراحل الذي ولد العام 1949 في قرية ”العفاض“ حياته عاملا بسيطا بأحد المصانع وبترت أصابع يده اليسرى العام 1962 أثناء العمل.
وتوجه الطاهر إلى دراسة الفنون، حيث تخرج من معهد الموسيقى والمسرح في جامعة السودان العام 1982، ونال درجة الماجستير من جامعة القاهرة العام 2000، والدكتوراه من جامعة السودان العام 2008.
واشتهر الطاهر في الوسط الفني بـ“كابتن كابو“ لدوره في المسرحية الشهيرة ”نقابة المنتحرين“. ومن أشهر الأعمال الدرامية التي شارك فيها أيضا ”مهمة خاصة جدا“ و“دكين“ و“سكة الخطر”“.
والطاهر أيضا هو رائد فكرة مسرح الصم في السودان، ونال جائزة العرض المتفوق من مهرجان إسبانيا للصم العام 2003.
*****************
سَلِيلاتُ العَرَّافة، نَمَاذِج مِن الأَدب النِّسَائِيّ الليبِيّ لإشراقة مصطفى حامد
عن دار الريم بالخرطوم يصدر كتاب (سَلِيلاتُ العَرَّافة، نَمَاذِج مِن الأَدب النِّسَائِيّ الليبِيّ) للشاعرة والكاتبة المهاجرة إشراقة مصطفى حامد وتقديم الشاعرة حواء القمودي، وهو ترجمة لشاعرات من ليبيا، عكفت إشراقة في ترجمتها لأكثر من عامين بإيحاء من الشاعرة نجاة إلياس التي عاشت قبل رحيلها، ثلاثة عقود في ليبيا وأهدت المؤلفة لروحها الكتاب.
وقدم (صالون البنفسج الإبداعي) الذي أسسته الشاعرة القطرية سميرة عبيد، دعما لترى الإصدارة النور.
صمم الغلاف التشكيلي السوداني بكري خضر، من أعمال الفنَّانة التشكيلِيَّة الليبية سُعاد الشويهدِي، ودقق الكتاب الأستاذ عمر الصائم.
**************
إصدارات جديدة لدار المصورات
أعلنت (دار المصورات) للطباعة والنشر ومقرها الخرطوم، اليوم السبت الموافق ٢ يناير ٢٠٢١، عن عدد من الإصدارات في مختلف حقول المعرفة والأدب، منها: )واقع المرأة السودانية) لمؤلفه الأستاذ مجدي إسحق، (جبال النوبة في السودان.. الإقصاء السياسي والتطهير العرقي) لكاتبه الدكتور عمر مصطفى شريكان، (الأيام الستة.. قصة الخلق) لإيهاب سيد محمود، (لا معقولية المشهد العالمي والسودان) للدكتور حسن مكي، بالإضافة لروايتين: الأولى بعنوان) طاحونة العاجبة)، وهي باكورة إنتاج الكاتبة السودانية آمال عكاشة المقيمة بلندن، والثانية بعنوان (أصداء فوق النفق) حول أيام الثورة السودانية للكاتب والروائي الفرزدق عمر عثمان. كما صدرت عدد من الكتب ذات الطابع الأكاديمي في مجالات القانون والدراسات الاجتماعية.
وفاة الفنان كمال كيلا
توفي فنان الجاز السوداني المعروف كمال الدين عثمان علي كيلا، عن عمر يناهز 72 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض.
ونعاه عدد من الفنانين والصحفيين بوسائل التواصل الاجتماعي. ويُعدُّ كيلا من أمهر وأميز فناني الجاز في السودان في عصره الذهبي، تغنى للسلام والمحبة ولوقف نزيف الحرب، اتخذ من غنائه باللغة الإنجليزية بجانب العربية مَعْبَراً لأغنياته خارج حدود الوطن لإيمانه التام بأن الفن رسالة لا تحدها حدود جغرافية أو لغوية.
********************

الوقوف على تخوم الفجيعة رسائل حول الشعر بين الخاتم ومروان
ترجمة- مصطفى آدم
تاريخ الترجمة عقب وفاة صديقنا الخاتم عدلان في 2005 مباشرة
سألني صديق قبل عام ونيف ما إذ قد خطر لي أحيانًا بأن الحياة لا تنطوي على أي معنى. لقد كانت عيناه تبرق رعبًا غامضًا، لم تستطع ابتسامته العرجاء أن تخفيه. أجبت: أي نعم! وفي الكثير جدًا من الأحيان. ولكنّي قد أدركت أيضًا ضرورة أن تنظر إلى الأمر برمته من زاوية بعينها، فتتفجّر أمام بصيرتك ثروة هائلة من المعاني. أنت هنا، معي. وقد تناولنا للتّو هذا الطعام الطيب معًا. وقرأنا ما عنَّ لنا من كتب ومقالات، وتحدثنا بمهارة وحذق حول أمور تهمنا جدًا. هنالك مغزىً عميق وراء كل هذه الأمور، وهذه هي الحياة! ولكن يمكنك أيضًا يا صديقي أن تنظر إلى الحياة من زاوية مغايرةً تمامًا، فترى نفسك محض حفنة من هباء، ويتراءى الأمر برمته مختلفًا وعديم الجدوى. أنا آخذ ممَّا تُعطي الحياة وبقدر ما تُعطي، وعلى أتم الاستعداد للتخلّي عن مقعدي ومغادرة هذا القطار الأبدي في المحطة القادمة، ما لم تسمح بطاقة سفري بمسافةٍ أخرى، أبعد قليلاً أو كثيرًا، لا يهم، من ذلك المنتهى.
والآن دعني أحدّثك عن محنتي مع قصيدة أخرى. فقد ذهبنا ومعي عائلتي وبرفقتنا الصديق محمد عمر بشارة وعائلته، لأكسفورد لزيارة صديقي وأستاذي سابقّا بجامعة الخرطوم، رِيب بَلْكِلي وشريكته في الحياة، جين. وقد كان يومًا عجيبًا، لا يمِتّ لأيامنا هذه بأية صلة. وأهداني صديقي، بالإضافة إلى نسخة من بحثي الذي قدمته لجامعة الخرطوم خلال أيام الدّرْس، وكنت قد أضعته، في تلافيف الغياب المستمر، نسخةً موقعةً من مجموعته الشعرية التي أصدرها بمناسبة ذكرى ميلاده الستينية. لقد كانت قراءة لا تبذل نفسها للتناول الفطير. ومن بين تلك القصائد، أوقفتني (على تخوم الفجيعة)، قصيدة بعنوان: “مدينة الحب” (كتبت في الخرطوم في العام 76). لقد زلزلتني تمامًا. ومن حينها وأنا أعود للقصيدة كشيء ضروري لكيمياء جسدي. والغريب في الأمر أنه، ومن حينها، لم أستطع التواصل الحميم، أو غيره، مع بَلْكِلي بالرغم من انقطاع التواصل بيننا على مدى سبعة وعشرين عامًا متصلة. وتملَّكني شعور طاغٍ بأنه لم يعد صديقي الذي أعتدُّ بصداقته. لم أتصل به منذ ذلك الحين ولا أرغب في ذلك أيضًا. قد يبدو أن الأمر ينطوي على الكثير من الغرابة لديك كما هو لدي. وقد قلت لنفسي ربما لم أعد قادرًا على تحمُّل الشعر، ولم يعد لدي من الجَلَد ما يحملني للتعاطي مع تقلّباته الجامحة وقنابله الهيدروجينية المشبّعة بالخير أو الشّر.
القصيدة عن مدينة الخرطوم وتقول:
مدينـــة الحــب
مدينة الحب،
من غير الممكن هنا، وعلى مدىً بعيد،
أن تّحُسّ بسعادة من أي نوع
بينما يغسل البِشر والحبور حوائط الشّر المنتصب
أبديةً خارج قوانين الممكن،
ووجدت ذاتي التائهة أُحِبُ وأُحَب.
أقرب إلى من عَرَقي في عيون ظهيرة،
طويلة رتيبة مكررة،
ممتدة بلا حصر،
وبلا جدال.

ولكن،
مدينة تُخَفضُ فيها النساء إلى حجم التّعاسة،
فكيف إذن لأية حسناء،
مكْتمِلة البهاء،
أن تمنحنا البهجة في حنايا وجودك؛
كيف لنا أن نمنع عن مضاجعنا حضورك،
وكل منّا، في مخدعه واهمٌ، يشتم رائحة غير
جنون الخِصاء.

يا مدينة الحلوى،
حيث يسَّمن الأطفال دونما احترام،
كيف طاوعتني النفس أن ننجب بناتنا هنا،
وكيف،
تذوقت مرارة الخوف الصبي في عيونهن،
في صميم قلبي الجزع؟

أيُ شباب يافع تبسمين في وجوههم،
يا مدينة الأبوة المدفوعة الأجر؟
مدينة الحب المزيف.

هل أقف، منتظرًا دوري، وفي جيبي ريالين،
في شارعك المبوَلة،
أم تفضلين أن أسْتَمْني فارهة
خِلسةً إلى أحيائِك الفاخرة،
حيث أستخدم نسخةً نظيفةً سليمةَ الجسد
من جنس البضاعة الأثيوبية عينها.

باهتةً قبيحةً ومتَّسخة،
يا مدينة العيون الجميلة،
والأيادي والسواعد الرشيقة،
أبداً تبرز، خلسةً، من بين ثنايا الثوب، بلا أمل،
وحيث تتكسَّر الرغبات الميتة،
كمذاق، على عطر الصندل.
هل تنكرين كل ذلك التسافد الأبله بالعيون
حيثما تكون؟
وهل لكِ من كل ذلك غير النفي بالقبول.

يا مدينة البغض الكريه،
حيث يضرب البعض من الرجال،
بسياط خوفهم،
على ظهور زوجات الأجانب المتراخية.
يا مدينة من عالم متخيَّل،
مدينة الشبق المُغتَصِب البذيء،
والعنف في المضاجع.
ما أفدح الثمن الذي دفعت من تبلُّد الشعور،
حتى يكون الحب ممكناً هنا.

رِيب بَلْكِلي ،
أستاذ الفلسفة في جامعة الخرطوم خلال السبعينيات.
كتب بلكلي هذه القصيدة في مارس 1976، في الخرطوم.
هل يمكنك يا صديقي أن تنقذني من هذا المزاج الموغل في الغرابة؟
خاتم
بعث الخاتم هذه الرسالة لصديقه مروان بتاريخ 27/5/2002
وهذا هو النص الأصلي باللغة الإنجليزية للرسالة والقصيدة:

Ya Murwan
Poetry is making my life like hell these days. I’ll tell you why, later in this letter which I think will be rather long and absolutely unruly.
I think that the real legacy of Richard, let me establish this first name intimacy with him, is questions rather than answers. That is what he wanted, otherwise he could have left a suicide note to help us make some sense of his life and death. May be the poor thing was so proud that he didn’t deem us (people on the pavement) deserving of that explanation or capable of rectifying the world that he chose to forsake. May be it didn’t even occur to him that he could communicate with us. May be his loneliness was too much of a burden for him. I think he was aware of the admiration the people on the pavement have for him, vaguely aware I may add. And because what the people on the pavement admire in him was meaningless to him and vacuous as a substance of life, he must have suffered a feeling of bottomless contempt for all of them.
But if that is true, why did he care to present himself in that regal way? Why did he make himself a paragon to be emulated and glorified? What did he amass all the riches for? May be he was standing on the pavement himself sometime and emulated an older Richard and found himself empty handed at the end and wanted to tell all people on the pavement that nothing is worthy of their while. So, let them do without the meat and stop cursing the bread and waiting for the light. This is the dangerous aspect of Mr. Cory, let me keep my distance now, and this is what is worrying me about poetry.
And what about the people on the pavement? Why don’t they grow up? Why don’t they see the essence rather than the appearance … alone?
But let us have more sympathy with Richard. Let us assume that he had a grand design for the world and a great dream to achieve. One of two things: either he discovered that he didn’t have what it takes to achieve what he wanted to achieve, or he discovered that the dream itself was not worthy of the effort. He could have settled down for less in the first instance and could have slept again to have another dream in the second! These are the choices which we have made. Does Richard want to confound and disturb? Does he want to taint our self-respect? Does he want to say we are cowards?
The questions are endless. A friend of mine asked me a year ago whether it occurs to me so often that life is meaningless? There was some fear in his eyes which he tried to hide in a wry smile. I said yes it occurs to me so often. But I have learnt how to look at life from certain angles where you can find a wealth of meaning. You are now with me, we have taken this meal, read those essays and talked intelligently about things that are very important to both of us. This is meaningful and it is life. You can look at life from another angle and see yourself as a handful of dust and the whole thing will appear in another light. I believe in taking from life whatever it can offer and I’m ready to leave the train at the next station, but if my ticket allows of further mileage I’ll not leave my place for the next man.

And now let me tell you about my experience with another poem. Last month I went to Oxford to visit my friend and former supervisor in the university of Khartoum Rip Bulkely. I and my family spent a wondrous day with Rip and his partner Jane and with Mohamed Omer Bushara and his wife and his children. It was a day out of this world as people say. Rip gave me, together with a copy of my dissertation which I lost years ago, an autographed collection of his own poetry which he published on his 60th birthday anniversary. It is difficult reading as a whole. But there is a poem titled “City of Love” composed 1976 when he was in Khartoum. I have been reading that poem since that visit and couldn’t get it out of my system at all. What’s more serious about the poem is that I couldn’t relate to Bulkley after reading it and the more I read it the more I feel that I cannot relate to him or be his friend again. I know that this might seem weird to you, it sometimes feels weird to me as well, but this is my feeling and I didn’t get in touch with Bulkley up to now although that was my first meeting with him in exactly 27 years. I said to myself maybe poetry is no longer for me, may be I don’t have the stamina to bear its vicissitudes and violent turns and hydrogen bombs of good and evil. The poem is about Khartoum and it goes like this:
City of Love,
It has always been impossible here to be happy,
Yet happiness washed over walls of evil,
An infinity outside laws of possibility,
And I found my lost self-loved and loving,
Closer than sweat in the eye of uncounted uncontested afternoons.

But,

City of mutilations cutting women down to the size of misery,
How could even the whollest sweetest woman,
Bring us to joy while you went on existing?
How could we shut you out of our bedroom?
And each pretend her nose was shut
To the smell of your insane castrations
And, city of sweetmeats where children are fattened but rarely respected,
How was it in you that I achieved our daughters
And tasted their new terrors at my heart?
What youth will you ever smile upon,
Paid city of parents?
City of love travesties, shall I stand in line
With my two Ryals on your street of urine?
Or would you prefer me to masturbate a Mercedes
Quietly out to costlier quarters
Where I can use a cleaner version

Of the same uncircumcised Ethiopian commodity?
Flat ugly and dirty city of beauties of eyes and hands and arms
Unbearably reaching out from tobes beyond hope
Where dead desire breaks out like a taste on sandalwood skin,
Do you deny the vacuous visual copulations?
Filling your streets, the offices the suq?
Yet what else can you do but deny them?
City of hate,
Where some men have to strike the dark scourges of their fear
Against the slackening skins of foreign wives,
Cinema city of sickly grabbing lusts and force in bed,
What a price I must have paid in insensitivity
To have been capable of love in such a city?
Rip Bulkely
March 1976
Can you negotiate me out of my mood?
Khatim
ترجمة: مصطفى آدم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى