الرأي

ثلاجات حفظ الموتى والإهمال الرسمي

في شهر فبراير الماضي حدثت موجة غضب واسعة من قبل المواطنين؛ نتيجة اكتشافهم بالصدفة ثلاجة موتى بها 168 جثة مجهولة الهوية بمستشفى ود مدني، بعد أن أزعجتهم رائحة تحللها بسبب قطوعات الكهرباء،العذر الأقبح من الذنب لوزارة الصحة ولاية الجزيرة قالت إن الجثث لم يتم اكتشافها بالصدفة، كما أشيع في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كانت معروفة من قبل وزارة الصحة، وتم حفظها بناء على قرار صادر من قبل لجنة التحقيق في فض الاعتصام التي منعت دفن أي جثة مجهولة الهوية، وأن الروائح كانت بسبب تعطل أجهزة التبريد، أهكذا يتم الحفظ إذ يفترض أن هناك وحدة صيانة خاصة بكل مشرحةتعالج الأعطال سريعاً فهذه ثلاجات موتى وليس فواكه.
المدهش في جثث ود مدني تلك هناك جهات مطلبية كانت شاهدة كشفت أن الجثث ملقاة بطريقة عشوائية وبملابسها وبعضهم وجد معه بطاقات هوية، أي تم تخزينها وليس حفظها،وحتى الآن لم تفصح السلطات الرسمية عن ماهية تلك الجثث، ولكن قيل إن بعضها لمفقودي اعتصام القيادة 2019.
بالأمس تكرر المشهد نفسه في الخرطوم وتظاهر سكان امتداد الدرجة الثالثة بسبب روائح جثث يحتفظ بها المستشفى الأكاديمي في مشرحته، ويبدو أنها تحللت بسبب انقطاع التيار الكهربائي، العذر الأقبح من الذنب، بلغ عدد الجثث حسب ما نقلت الأخبار190 جثة.
بلا شك تتحمل وزارة الصحة مسؤولية توفير الظروف المثالية لحفظ الجثث، ثم دفنها بطريقة تراعي حرمة الموت وكرامة الإنسان، والاحتفاظ بها في ثلاجات يجب أن يتم بحرص شديد مع الإشراف الصارم والمستمر،وأمر غير مقبول أن يحشر الموتى حشراً في ثلاجات ثم تترك للظروف، رغم معرفة الجهات المعنية أن الكهرباء غير مستقرة في جميع أنحاء السودان، وهذا التصرف يدل على عدم المسؤولية والإنسانية، فجهود فردية من إدارة المستشفيات يمكنها أن تحسن الموقف.
الأسئلة المهمة التي تطرح نفسها هنا، منذ متى والمستشفى يحتفظ بهذه الجثث وهل قام بالإجراءات اللازمة، وفتحت ملفات لجميع المتوفين؟ إذ يفترض أن يتم هذا بمجرد وصولهم إلى المشرحة، ويبدو أن هذا لم يحدث،فبالأمس فقط سمحت النيابة العامة للطب العدلي بتشريح ودفن الجثث الموجودة في(المشارح) أي كلها ما يعني أن هناك جثثاًأخرى لم يكتشفها المواطنون تواجه ذات المصير ويجب اللحاق بها .
هيئة الطب العدلي ولاية الخرطوم قالت في بيان لها إن ماحدث من تطورات وروائح في بعض المشارح شئ مؤسف جداً، وأنه حدث بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن ثلاجات حفظ الجثث في المشارح، بعد تحويل الخط الساخن عن المستشفيات ووضعها في البرمجة مع بقية القطاعات، وهو عذر أقبح من الذنب، ويكشف عن الفوضى وعدم التنسيق بين الجهات المختلفة لتجنب مثل هكذا مشاكل قبل وقوعها.
عموما هو خطأ تتحمله وزارة الصحة الاتحادية فهي على علم تام بحال المشارح التي خلفها النظام، وكان عليها مراجعتها منذ أن تسلم أول وزير صحة في حكومة الثورة منصبه، ويفترض أنها عالجت كل القضايا التي تهين كرامة المواطن حياً كان أو ميتاً ،ولكن ما أكثر اللواكن التي تجعل حتى الأموات يعانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى