الرأي

تعليم ذوي الإعاقة (8): التعليم الدامج بين النظرية والتطبيق

 

ذكرنا في المقال السابق أن الأوراق التي قُدمت في مؤتمر التعليم الدامج سبتمبر 2019 اتسمت بالتعميم الشديد، لكن هنالك ورقة بُذل فيها جهد مقدر، ألا وهي ورقة الأستاذ سراج الدين مؤمن الموسومة بـ (التعليم الدامج بين النظرية والتطبيق) والتي جاءت في حوالي 50 صفحة.

إن عدد التلاميذ في كل محليات ولاية القضارف ـ في العام 2017 ـ وفقا للورقة ـ بلغ 325249 تلميذ وتلميذة يتوزعون في 872 مدرسة.

وأجريت تصرفا في أرقام الجداول الواردة في الورقة، فوجدتُ أن جملة تلاميذ وتلميذات المحليات الثلاث (القلابات الشرقية، قلع النحل، القريشة) التي طُبق فيها التعليم الدامج يبلغ 65463، نسبتهم حوالي 20% من تلاميذ الولاية .

وجملة تلاميذ المدارس الدامجة 5314 نسبتهم حوالي 8% من تلاميذ المحليات الثلاث، ونسبتهم أقل من 2% من جملة تلاميذ الولاية .

وجملة عدد ذوي الإعاقة في المدارس الدامجة بالمحليات الثلاث 175، وتبلغ نسبتهم في المدارس الدامجة أكثر من 3% بقليل .

وإذا اعتمدنا نسبة ذوي الإعاقة من جملة سكان السودان – حسب تعداد ٢٠٠٨ – والتي تبلغ ٤.٨ ٪ (والراجح أنها أكثر من ذلك بكثير) لتبين أن نسبة من هم خارج التعليم من ذوي الإعاقة أكثر بكثير من نسبة غير ذوي الإعاقة. وتضح هذه الفوارق الفاجعة بجلاء إذا انتبهنا إلى أن نسبة ٣٪ من ذوي الإعاقة في المدارس الدامجة، تقل عنها، وبكثير، نسبة ذوي الإعاقة في سائر مدارس السودان؛ لأن المدارس الدامجة بطبيعتها صممت لجذب ذوي الإعاقة إليها، فما بالك بتلك الطاردة!.

لقد طُبّق التعليم الدامج فقط في 12 مدرسة من مدارس المحليات المستهدفة، من جملة مدارس المحليات الثلاث البالغ عددها 180 مدرسة، وهذه تمثل قرابة ال7% من مدارس المحليات الثلاث، وتمثل أكثر من 1% من جملة مدارس الولاية .

ولكن نجاح تجربة التعليم الدامج في هذه المدارس المحدودة، سيشجع اندياحها في بقية مدارس الولاية والسودان .

اعتمدت ورقة الأستاذ سراج الدين على إجابات مدراء المدارس الدامجة الاثني عشر، وأكدت الدراسة أن التدريب يمثل نقطة الضعف الوحيدة في مجموعة مديري هذه المدارس إذ أن نسبة تلقيهم لدورات لغة الإشارة ولغة برايل ضعيفة جداً، كما أن الدورات الإدارية ضعيفة، وإن كانوا قد تلقوا دورات أخرى ولكنها دورات قصيرة .

يبلغ العدد الكلي للتلاميذ في المدارس الدامجة في المدارس الأربعة لمحلية القلابات الشرقية 1754 وجملة ذوي الإعاقة 57 بما يعادل 3% من التلاميذ .

ويتنوع ذوو الإعاقة فيها كما يلي: الإعاقة العقلية 35%، الإعاقة السمعية 28%، الإعاقة البصرية 19,3%، الإعاقة الحركية 17,7% .

بينما يبلغ العدد الكلي للتلاميذ في المدارس الدامجة الأربعة بمحلية قلع النحل 1809 وجملة ذوي الإعاقة 74 بما يعادل 4% من التلاميذ. ويتنوع ذوو الإعاقة كما يلي: الإعاقة العقلية 36.5%، الإعاقة السمعية 16%، الإعاقة البصرية 23%، الإعاقة الحركية 24,3% .

في حين يبلغ العدد الكلي للتلاميذ في المدارس الدامجة الأربعة بمحلية القريشة 1751 وجملة ذوي الإعاقة 44 بما يعادل أقل من 3% من التلاميذ .

ويتنوع ذوو الإعاقة كما يلي: الإعاقة العقلية 29.5%، الإعاقة السمعية 31.8%، الإعاقة البصرية 25%، الإعاقة الحركية 13,7% .

ويلاحظ أن الدراسة لم تنتبه إلى الإعاقات المزدوجة في المحليات الثلاث، وقد ورد رصد لها في مقال سابق ضمن هذه السلسلة.

وفيما يتعلق بمحور الدراسة الأول المتعلق بالبيئة المدرسية (المعينات والوسائل التعليمية + صيانة المباني وتوفر الخدمات والحمامات والمنحدرات + توفر صندوق الإسعافات الأولية + توفر معينات ذوي الإعاقة من كراسي – عجلات – نظارات – سماعات – أجهزة تسجيل + توفر غرفة مصادر التعليم + توفر المياه النقية للشرب + توفر السور بالمدرسة + توفر الملاعب والمسارح للأنشطة اللاصفية)

كانت خلاصة الدراسة بالنظر إلى هذه الأبعاد الثمانية أن أغلب رأي المدراء يذهب إلى أن البيئة متوفرة إلى حد ما، وترى نسبة معتبرة أن البيئة غير متوفرة.

أجمعت إدارات المدارس على عدم توفر غرفة المصادر. مما يدل على ضعف اكتمال البيئة المدرسية المرحبة بالأطفال ذوي الإعاقة بصورة مرضية، وفق المعايير الخاصة بهذا النوع من المدارس الدامجة.

واعتبر الباحث إفادة 25% بتوفر غرفة المصادر في القريشة إجابة غير صحيحة وفسّر قائلا لأن غرفة المصادر بالمواصفات العلمية تعتبر غير متوفرة.

وفيما يتعلق بالمحور الثاني المتعق بإعداد وتدريب الكوادر البشرية كشفت الدراسة عدم توفر كوادر بشرية غير معلمي المدرسة، وعلى سبيل المثال عدم توفر المرشد النفسي والاجتماعي في المحليات الثلاث .

أما فيما يتعلق بالمحور الثالث محور أداء المعلمين تجاه التلاميذ ذوي الإعاقة، فإن ذلك قد تم بدرجة عالية في المحليات الثلاث، وقد حُظي هذا بأغلب آراء المدراء،  وتليها بدرجة إلى حد ما، وكان هنالك رأي محدود بعدم توفره في محلية القريشة فقط.

ورأت الدراسة أن ذلك يوضح دور المعلم الايجابي في دعم تجربة التعليم الدامج.

أما في المحور الرابع المتعلق بمشاركة المجتمع المحلي في دعم التعليم الدامج، فتشابه رأي المدراء في المحليت الثلاث، فيرى أغلبهم أنه متوفر إلى حد ما.

وكشف المدراء الصعوبات والمعوقات التي تواجه برنامج المدرسة المرحبة بالأطفال ذوي الإعاقة المتمثلة في: ضعف ملائمة البيئة المدرسية من حيث مواصفات التعليم الدامج، هناك ضعف في وسائل الترحيل والمراحيض والأسوار، ازدحام بعض الصفوف ففي مدرسة الفاروق، دوكة الصف الرابع (99) تلميذاً والخامس (156) تلميذاً على سبيل المثال كذلك ضعف تأهيل وتدريب معظم المعلمين. وعدم توفر غرفة مصادر المعرفة.

تم في القلابات الشرقية إشراك التلاميذ ذوي الإعاقة في البرنامج الثقافي الصباحي أثناء الطابور، وتم إشراكهم احياناً في بعض البرامج الرياضية المتاحة .

أما في محليتي قلع النحل والقريشة فإشراك ذوي الإعاقة ضعيف يقتصر على طابور الصباح.

ونواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى