الأخبار

تظاهرات حاشدة لليوم الثالث في بورما احتجاجاً على الانقلابيين

الديمقراطي – وكالات

 هدد متظاهرون يحملون لافتات منددة بالانقلاب العسكري في رانغون في بورما أمس قادة الانقلاب العسكري في بورما باتخاذ “خطوات” ضد المحتجين، في وقت تظاهرت حشود ضخمة لليوم الثالث على التوالي احتجاجًا على الانقلاب الذي أطاح بالزعيمة أونغ سان سو تشي.

وقالت قناة “ام آر تي في” التابعة للدولة إنه “ينبغي اتخاذ خطوات بالتوافق مع القانون ضد المخالفات التي تتسبب باضطراب وتمنع وتدمّر استقرار الدولة والأمن العام وسيادة القانون”، في رسالة أعاد نشرها العسكريون على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا أول تحذير تطلقه السلطات منذ بدء التظاهرات السبت، لكن منسوب التوتر يرتفع، إذ إن الشرطة استخدمت خراطيم المياه لتفريق متظاهرين في العاصمة نايبيداو.

ويتزايد الغضب في بورما، وتجمّع يوم الإثنين مئات آلاف الأشخاص، بحسب عدة تقديرات، في رانغون عاصمة البلاد الاقتصادية.

تعمل المتظاهرة هنين ثازين (28 عاما) في أحد المصانع وقد لبّت الدعوة إلى الإضراب العام التي أطلقها المحتجّون. وقالت لوكالة فرانس برس: “هذا يوم عمل، لكننا لن نعمل، حتى لو تم تخفيض رواتبنا”، مضيفةً: “لا أريد الدكتاتورية”.

وانضمّ عمّال آخرون إلى الحركة، بالإضافة إلى رهبان ومحامين وطلاب وممرضين، ولوّحوا بالأعلام الحمراء التي ترمز إلى “الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطيّة”، حزب أونغ سان سو تشي الموقوفة منذ الإثنين الماضي. وكُتب على لافتات مرفوعة “حرروا قادتنا” و”احترموا أصواتنا” و”ارفضوا الانقلاب”.

وقال متظاهر آخر يدعى كياو زين تون وهو مهندس يبلغ 29 عاماً: “في السابق كنا نعيش بخوف، لكن حصلنا على حكومة ديموقراطية لخمس سنوات. لم نعد نخاف. لن نقف مكتوفي الأيدي”.

وأُقيمت تظاهرات أيضاً في عدد كبير من مدن البلاد، وخرج كثيرٌ من السكان على دراجات مع إطلاق أبواق السيارات كما حصل في تانغو مثلاً على بعد 300 كيلومتر شمال رانغون.

وموجة الغضب هذه غير مسبوقة في بورما منذ الانتفاضة الشعبية عام 2007 التي سُميت بـ”ثورة الزعفران” وقادها الرهبان وقمعها الجيش بعنف.

ويتساءل المحلل في مركز أبحاث مستقل في رانغون سو مينت أونغ عن السبب الذي يدفع المتظاهرين للخروج إلى الشارع قائلاً: “هل هو العودة إلى التوازن الهشّ بين الحكومة المدنية والعسكريين الذي كان قبل الانتخابات التشريعية التي أجريت في نوفمبر 2020 أو هذه المرة طرد الجيش بشكل كامل من السلطة؟”.

على أي حال، يبقى خطر القمع حقيقياً. وقال توم فيلاران من مجموعة برلمانيي آسيان (رابطة جنوب شرق آسيا) لحقوق الإنسان: “ندرك جميعاً ما يقدر عليه الجيش: فظائع جماعية وقتل مدنيين وإخفاء قسري وتعذيب وتوقيفات تعسفية”.

وأنهى الجيش في الأول من فبراير مساراً ديموقراطياً هشاً وأعلن حال الطوارئ لمدة عام واعتقل أونغ سان سو تشي وقادة آخرين في حزبها. ومذاك أُوقف أكثر من 150 شخصاً، هم نواب ومسؤولون محليون وناشطون، ولا يزالون قيد الاعتقال، بحسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين. وعادت خدمة الإنترنت جزئيًا وكذلك خدمة البيانات عبر الهواتف المحمولة.

لكن لا يزال محظوراً الوصول إلى موقع فيسبوك، وسيلة التواصل التي يستخدمها ملايين البورميين. والتفّ كثيرون على الرقابة مستخدمين شبكات افتراضية خاصة (في بي ان) التي تسمح بتغيير القيود المتعلقة بالموقع الجغرافي. ولا تزال الأحداث الأخيرة في بورما في صلب الأجندة الدولية رغم أنه لم يتمّ اتخاذ أي خطوة ملموسة ضد الجنرالات حتى الآن.

وطالب البابا فرنسيس الذي سبق أن أعرب عن تضامنه مع الشعب البورمي، الإثنين بالإفراج “السريع” عن المسؤولين المحتجزين في بورما. وقبل أيام، دعت الأمم المتحدة إلى الإفراج عن جميع المعتقلين لكنها لم تتمكن من إدانة الانقلاب رسمياً في إعلانها المشترك بسبب معارضة الصين وروسيا في إطار دعمهما التقليدي للجيش البورمي في الأمم المتحدة.

من جهتهما، يلوّح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بفرض عقوبات. في الواقع عاشت بورما حوالى خمسين عاماً تحت حكم الجيش منذ استقلالها في 1948. وبدأ تحرّرٌ تدريجي العام 2010 من حكم العسكر، ثم شُكّلت حكومة مدنية ترأستها بحكم الأمر الواقع أونغ سان سو تشي التي وصلت إلى الحكم بعد فوز حزبها في انتخابات 2015.

وحقق حزب “الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطيّة” مجدداً انتصاراً ساحقاً في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في نوفمبر، في اقتراع يطعن العسكريون بشرعيته، رغم أن المراقبين الدوليين لم يلاحظوا أية مشاكل كبيرة. في الواقع، كان القادة العسكريون يخشون أن يضعف نفوذهم بعد فوز الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطيّة التي كانت ترغب ربما في تعديل الدستور الذي يميل لمصلحة الجيش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى