الرأي

بنسودا بالخرطوم

لبنى أحمد حسين

هل التقى البرهان بالسيدة فاتو بنسودا؟ هل صورة السيدة بنسودا بحميدتي فوتشوب؟ هل مقابلتها لحميدتي تعني عدم تورطه في جرائم دارفور؟ هل تحاشت فاتو لقاء البرهان؟ أم هو من امتنع عن مقابلتها “فوق” رأي؟ أم انه مشغول ب “بل” رأسه؟ أم أن الأمر مجرد جدولة وسيقابلها في ختام زيارتها غداً؟ وهل سيسلم البشير وبقية المطلوبين ليحاكموا في لاهاي؟ هل ستهبط طائرة خاصة لتتسلم الأمانة التي هي المخلوع وعبدالرحيم محمد حسين وأحمد هارون إذ سبقهم رابعهم إلى لاهاي؟ أم ستنشأ محكمة خليط تنعقد بالخرطوم؟ هل ستقابل قادة الحركات الموقعة على اتفاق جوبا باعتبارهم أحد أطراف تنفيذ بند التعاون مع الجنائية؟ وهل تطابقت أم اختلفت وجهة نظرهم عن الآخرين؟هل وهل وهل وهل…

الحقيقة زيارة السيدة فاتو بنسودا المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية للخرطوم التي ستستمر ليوم غد الأربعاء لم تمط اللثام عن إجابات كافية حتى الآن. التقت فاتو بالفعل وستلتقي بعدد من المسؤولين السودانيين. وكان على رأس من التقت بهم السيدة فاتو رئيس الوزراء ووزير العدل من السلطة التنفيذية بينما التقت بالتعايشي وبالفريق حميدتي عن المجلس السيادي لتبرز علامات الاستفهام أعلاه.

فالمرأة التي حرص سادتنا على مصافحتها يد بيد بدلاً عن السلام بالإشارة أو باكواعهم كما جرت عادتهم في زمن الكورونا تقول -حسب تقارير صحفية- إن زيارتها لها هدفان: أولهما الاجتماع بالمسؤولين السودانيين للتفاهم حول عمل المحكمة الدولية في إقليم دارفور وكيفية التنسيق. والهدف الثاني هو التعاون مع السلطات السودانية في جمع المعلومات ذات الصلة بقضية عبد الرحمن كوشيب. هناك عقبات تجعل قيام محكمة خليط بدلاً عن تسليم المتهمين إلى لاهاي محفوف بصعوبات. فكل من تابع محاكمة انقلاب الإنقاذ يدرك أن القضاء السوداني يفتقر حتى إلى وجود قاعة مناسبة للأسف تنفع كمقر للمحكمة حتى إذا توفرت لديه القدرة والرغبة.

بالنسبة للتنسيق والتعاون مع محكمة الجنايات الدولية الذي كان أحد بشريات اتفاق جوبا إذ نص صراحة على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتيسير مثول المطلوبين أمامها والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي ١٥٩٣. بينما حددت المصفوفة موعد ذلك بأنه عقب التوقيع على اتفاق السلام النهائي مباشرة. وكانت زيارة السيدة فاتو قد جاءت عقب أسبوعين فقط من التوقيع النهائي على سلام جوبا وذلك مؤشر حسن على الالتزام بالاتفاق. وقد كتبت حينها بأن الخريف من رشتو والعريس من بشتو، ورشة اتفاق جوبا وبشته هو تنفيذ بند “التواصل والتعاون الكامل غير المحدود مع المحكمة الجنائية الدولية”.

ماذا عن حميدتي والبرهان؟ لماذا كان يتحاشى أصغر موفد دولي مقابلة المخلوع البشير بينما لم تجد السيدة فاتو في نفسها حرج من مقابلة حميدتي؟ الإجابة حسبما أفهم أن حميدتي لم يصدر بحقه أمر قبض من محكمة الجنايات. حين صدرت اتهامات الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في دارفور والإبادة الجماعية والتهجير القسري كان حميدتي تلميذاً لدى المعلم موسى هلال. فبالتالي كل الجرائم المرتكبة يحمل وزرها أمام الجنائية موسى هلال والمخلوع البشير. نظام محكمة لاهاي يسأل رؤوس وقادة القوات أوالمليشيات أو حتى الزعامات الأهلية عن الجرائم  و لذلك كان اسم موسى هلال موجوداً في القائمة المسربة التي شملت أكثر من خمسين شخص أشارت لهم محكمة الجنائية الدولية بأصابع الإتهام حول الجرائم التي حدثت في دارفور. و ليس على البرهان أو على أي من عسكر السيادي بلل رأسهم. فحسب علمي ليس من بين القائمة الخمسينية أياً من عسكري مجلس السيادة الحالي. اللهم إلا أن تكون هناك قوائم لاحقة.

ماذا عن جريمة مجزرة فض الاعتصام؟ أليست سبباً لامتناع السيدة فاتو عن مصافحة البعض؟ يسألني بعض الأصدقاء. أرجو أن لا أساهم في شعور البعض بإحباط، تقبل الله جميع شهدائنا وعجل بشفاء الجرحى ولم شمل المفقودين، لكن الذي أعرفه أن الوثيقة الدستورية التي نصت على محاسبة منسوبي النظام السابق عن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوداني منذ ١٩٨٩م، حينما جاء ذكر مجزرة فض الاعتصام أسمتها كما أنسخ و الصق” الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو ٢٠١٩م والأحداث و الوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين مدنيين أو عسكريين” وذلك في المادة ١٦ حيث ستشكل حسب الوثيقة  لجنة تحقيق “وطنية ” مستقلة وبدعم “إفريقي” عند الاقتضاء. و لم تفتح الوثيقة الباب لأي دعم دولي أو أممي لهذا التحقيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى