تقارير

انطلاقة مشروع بناء المرونة مع التغيرات المناخية في القطاع الزراعي الرعوي.. توفير حوالي “26” مليون دولار للمرحلة الأولى

صندوق المناخ الأخضر يدعم السودان لمواجهة التغيرات المناخية
الخرطوم ــ شذى الرحمة
تزايد التغيرات المناخية في السودان؛ يُعرِّض أرواح المواطنين للخطر، ويدفع بسُبل كسب العيش إلى حافة الانهيار، فالفشل يُلاحق الكثير من المحاصيل. بدا ذلك واضحاً؛ في تدني إنتاجيتها، كما أن نُفوق الماشية، والجفاف، الذي أصبح سيد الموقف، في مساحات شاسعة من الأراضي، بات ضمن التأثيرات المرتبطة بالمناخ، الأمر الذي يحتاج لدقِّ فيه ناقوس الخطر، قبل تعميق هُوَّة الفقر، والتقليل من قدرة الأشخاص، والمجتمعات، والسلطات، على التعامل مع المخاطر الأخرى.
هذا السيناريو؛ جزء من تقرير، صدر من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- مكتب السودان – يصِف فيه الوضع الراهن لمناطق واسعة، تعتبر ذات هشاشة بيئية.
استهداف “٣.٧” ملايين شخص لتحسين الغذاء
ومن أجل تخفيف حدة الفقر؛ الناتج عن حدة تغير المناخ ــ في العالم وعلى مستوى السودان ــ قدَّم صندوق المناخ الأخضر، منحة مالية للسودان، بقيمة “25.5” مليون دولار، لمواجهة التغير المناخي، من خلال قطاعات الزراعة، والصحة، والأمن المائي، والغذائي، على أن يصل عدد المستفيدين من المنحة “3.7” ملايين شخص- حسب التقرير- في 9 ولايات سودانية.
ويشير التقرير؛ إلى أن الحكومة الانتقالية المدنية في السودان، تعمل على بناء اقتصادات سُبل عيشٍ مرنة، وأن هذا الدعم يساعدها في تقليل آثار جائحة كورونا.
نحو”211″ ألف أسرة؛ تستفيد من تحسين إنتاج الغذاء، في إطار المشروع ذلك، عبر إدخال البذور المقاومة للمناخ، والتدريب على استخدام وإدارة الموارد المائية، وإدخال المزارع النسائية، والحدائق المنزلية.
من أجل حماية الحياة على الأرض؛ سينشئ المشروع محميات مجتمعية تستخدم للرعي، وإعادة تأهيل “4500” هكتار من المراعي، وإدخال الثروة الحيوانية المستدامة، والعمليات الزراعية، وممارسات إدارة الأراضي.
ويساعد المشروع- الذي يمتد لفترة 5 سنوات- على توفير التدريب، والمعدات، وإعادة تأهيل الأراضي للاستخدام المستدام، وإدخال ممارسات جديدة لمقاومة تغير المناخ، وإنشاء البنيات التحتية، مثل: الآبار، والسدود، وتخزين المياه.
ما يميز المشروع؛ أنه يعمل في مناطق بها نزاعات حول الموارد، ومن شأنه معالجة المسائل الأساسية لنشوء النزاع، والإسهام في خلق الاستقرار. خاصة؛ وأن أنشطة المشروع، تخاطب احتياجات المزارعين، والرعاة، وتقوِّي دور الإدارات الأهلية، والمؤسسات الوطنية المعنية.
“٩” ولايات في المرحلة الأولى
انطلاقة المشروع؛ أعلنها المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، بناء المرونة مع التغيرات المناخية في القطاع الزراعي الرعوي، الذي ينفذه المجلس، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ووزارات المالية، الزراعة، الري، الثروة الحيوانية، و”9″ من ولايات السودان المستهدفة هي: “غرب وشرق ووسط دارفور، غرب وجنوب كردفان، البحر الأحمر، كسلا، الشمالية، والخرطوم”، بتمويل قدره “41” مليون دولار، مقدَّمة من صندوق المناخ الأخضر على مرحلتيْن، تشمل المرحلة الأولى تلك الــ”9″ ولايات.
تحدِّي تدفق اللاجئين بولايات الشرق
ونادى منسق المشروع- بولاية كسلا- بإيجاد أفكار؛ وحلول، للمجتمعات المحلية، في إدارة مواردها الطبيعية وحمايتها، أو الحدِّ من الهشاشة التي تعانيها الموارد. كما شدَّد بالتركيز على الصرعات والحرب؛ التي تدور في الأقليم الإثيوبي المتاخم للسودان، وتأثيراته على المنطقة. خاصة؛ وأن الوافدين الجُدد من اللاجئين، يشاركون المجتمعات المحلية كل احتياجاتهم الأساسية، لوجود النزاع في مناطقهم. مشيراً لوصول عشرات الآلاف من اللاجئين؛ وأكثر من مليون ونصف المليون من المجترَّات الصغيرة “حيوانات”، إضافة للمجترات الكبيرة. ودعا لوضع خطة واضحة للصراعات حول الموارد- في الفترة المقبلة- بهذه المناطق. وقال؛ شرعنا في عملية تشاور مع الحكومة المركزية، وحكومات الولايات.
من جهته؛ قال الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، بروفيسور راشد حسن “نحن فخورون بإطلاق هذا المشروع لدعم أهداف التنمية المستدامة، ومساهمة السودان المحددة وطنياً في اتفاقية باريس”. وأضاف: أنه تم تحديد الأشخاص؛ والمناطق التي ستتلقى الدعم، وأن الاحتياجات ستتم معالجتها بعد عملية تشاور شاملة مع الحكومة المركزية، والولائية، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، والمؤسسات البحثية، والجهات ذات الصلة.
ويستفيد المشروع؛ من تمويل “15” مليون دولار، من التمويل المشترك، لكلٍ من وزارة الزراعة، والموارد الطبيعية السودانية، ومنحة قدرها “540” ألف دولار من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويدعم البرنامج؛ جهود مبادرة ضمان حماية المناخ، والتخفيف من حدته، بإدخال الطاقة المتجدِّدة في الزراعة، والصحة، والمجتمعات الريفية، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
المجلس الأعلى للبيئة نقطة الارتكاز
ولفت إلى عدد من الأنشطة؛ والمشروعات التي يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان. وزاد: “المجلس الأعلى للبيئة؛ نقطة ارتكاز لكل المشروعات الوطنية التي دعمها عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتنسيق مع كل الشركاء في المشروعات الخاصة برفع القدرات، ونقل التقانة. وأشار إلى أن هذه الأنشطة؛ ستجعل المجتمعات أكثر مرونة للتكيف مع المشكلات البيئية، عبر التشبيك لنقل التقانات لهذه الولايات، وستكون نموذجاً لمناطق أخرى لنقل التجارب. وأقر أن هناك بعض التحديات التي تواجه الولايات؛ من ضمنها اختلاف الجغرافيا، والذي يتطلَّب اختلاف الأنشطة بكل ولاية، للتواؤم بين بيئتها، والتغيرات الموجودة بها.
توفر فرص العمل
وأكد أن هذه المشروعات؛ ستوفر فرص عملٍ كثيرة للمجتمعات المحلية، تفوق الـ”5″ آلاف. وخلال مخاطبته الورشة الاستهلالية للمشروع؛ أكد د. راشد مكي، أن المجلس له باع طويل في تنفيذ المشروعات البيئية، واستقطاب الدعم، والتمويل الخارجي. مشيراً لـ”كِبَر” المشروع- في نطاقه الجغرافي- وشمولية قطاعاته، مما يسهم بصورة فاعلة في الوصول لأعلى مستويات التكيف، مع تغير المناخ، وإحداث التنمية، وربط إنفاذ المشروع، حسب البرنامج والأهداف، بمدى التزام الجهات المعنية بتوفير الدعم، ومعالجة القصور في وثيقة المشروع، لتناسب حجمه وغاياته. مثمِّناً؛ العلاقة الممتدة، والمثمرة، مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لفائدة قطاع البيئة في السودان.
جونسون: لابد من التزام واضح من الحكومة والولايات
من جهته؛ أشاد نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة بالخرطوم، السيد جونسون، بمجالات التعاون مع المجلس الأعلى للبيئة، واصفاً المشروع بالأكبر في مسارات التعاون، وذي مردود مهم على القطاعات التنموية، مما يتطلَّب التزاماً واضحاً من جانب الحكومة، والولايات المشاركة. كما ثمَّن دعم الحكومة لهذه المشروعات؛ خاصة مع أهميتها للسودان، وأعرب عن أمله في أن تكون هناك أنشطة تتزامن مع هذه المشروعات، حتى تتوسع دائرة المستفيدين. مشيراً إلى المآلات بعد خروج بعثة اليومنيد من ولايات دارفور؛ واستتباب الأمن، خاصة مع حساسية الصراعات، لأنها مرتبطة بعمل المشروعات واستمراريتها، وهل تحتاج هذه المشروعات إلى مشروعات مساعدة، في ظل الظروف الحالية من الصراعات، وتدفق اللاجئين.
إنشاء وحدات إنذار مبكر
من جهته؛ تساءل وليام بيل- الذي أعد تقريراً يُحلِّل زيادة الضغوط البيئية وحِدَّتها على مناطق المشروعات- عن أثر الصراعات فى المناطق التى يستهدفها مشروع صندوق المناخ الأخضر، خاصة مع توقع زيادة الصراعات فى الولايات الغربية- بعد خروج قوات اليونميد منها- إضافة للأعداد الكبيرة للاجئين من دولة إثيوبيا، على ولايات السودان الشرقية. لافتاً لحاجة بعض المناطق إلى احتياجات ومشروعات مساندة، بخلاف أنشطة المشروع الأساسية. مؤكداً حساسية الصراعات في المناطق المستهدفة، كما دعا لإنشاء وحدات إنذار مبكر.
المشروعات لن تتأثَّر بالصراعات بل ستُقلِّلها
وقال نجم الدين قطبي؛ منسِّق تغير المناخ والمشروعات بالمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، إن مشروع بناء المرونة مع التغيرات المناخية في القطاع الزراعي الرعوي، هو مشروع تمَّ إعداده بالتعاون مع المجلس الأعلى للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبمشاركة وزارة الزراعة، الثروة الحيوانية، المالية، و”9″ ولايات. ودحض قطبي؛ التخوف من الدفع بالمشروعات، في ولايات كردفان، والقضارف، للتحديات التي تتمثَّل في الصراعات بالجهة الغربية، واللاجئين في الولايات الشرقية. مشيراً إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ له سابق عهد في العمل بهذه المناطق، في ظل الصراعات. وزاد؛ بالعكس هذه المشروعات تُقلِّل الصراعات التي تقوم- في غالبها- على الموارد. ولفت إلى حماية المجتمعات المحلية للغابات الطبيعية؛ في جنوب دارفور، ومشاركتهم في بناء حزام الصمغ العربي بجهدهم الذاتي، إضافة لإدارة الغابات- في عدد من المناطق- عبر المجتمعات المحلية، من أجل تنميتها، وتطويرها، إضافة لاستزراع غابات للاستفادة منها.
إدخال عيِّنات زراعية بتقانات جديدة
أشار نجم الدين؛ إلى أن المشروع تمَّ اعتماد تمويله- شهر أغسطس الماضي- من صندوق المناخ الأخضر، بمبلغ وقدره “25” مليون دولار، ومساهمة عينية من حكومة السودان، ونصف مليون دولار من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويشمل المشروع؛ القطاع الزراعي والرعوي، ويشتمل على ثلاثة مكوِّنات، الأول يتعلَّق ببناء القدرة على التكيف، والمرونة في إنتاجية محاصيل الأمن الغذائي- في المجتمعات المتأثرة بالولايات المستهدفة- إضافة لأنشطة إدخال عينات للمحاصيل الرئيسة مثل “الدخن، الذرة، الفول السوداني، القمح”، بحيث أنها تكون عيِّنات، وتقانات من البحوث. تقانات لها القدرة على النضج المبكر؛ تحمُّل الجفاف، والتغيرات المناخية، ودرجة الحرارة. وأيضاً؛ له جانب الحزم التقنية، وادخال مخرجات البحث العلمي في إعداد الأرض، ومواعيد الزراعة، وكل التقانات المعنية بعملية الإنتاج، بحيث أن المشروع يهدف لتحسين إنتاجية المحاصيل في تلك الولايات.
كذلك المشروع؛ يستهدف مكوِّن البنية التحتية في مجال المياه، بغرض توفيرها في المناطق المستهدفة، خاصة التي تعاني مشاكل في المياه، أو المياه غير الجيدة. والمشروع فيه العديد من الحفائر؛ السدود، والآبار، بغرض توفير المياه للمناطق المستهدفة لأغراض الإنسان والحيوان.
المراعي ضمن مكوِّنات المشروع
وقال نجم الدين؛ إن واحدة من المكوِّنات الأساسية للمشروع، أن يستهدف المراعي- الثروة الحيوانية- باعتبارها واحدة من المكوِّنات الأساسية في القطاع الزراعي والمطري، وواحدة من المصادر الأساسية للدخل القومي، ويعيش عليها قطاع واسع من المجتمع السوداني.
تحسين سُبل كسب العيش وإدارة الموارد
والمشروع؛ فيه مكوِّن خاص ببناء القدرات، التدريب ورفع الوعي، بغرض أن المؤسسات الحكومية، والمجتمعات المحلية، والإدارة الأهلية- في تلك المناطق- تكون لها القدرة على الاستمرار في أنشطة المشروع، بعد انتهاء فترة تمويله، حتى يُستفاد منه في الغرض المطلوب لنمط إدارة الموارد الطبيعية، وتحسين الظروف المعيشية، وسُبل كسب العيش للمواطنين المتأثرين بالتغيرات المناخية في هذه المناطق.
إشراك الشباب والمجتمعات المحلية
فيما أكدت انتصار صالح؛ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مكتب السودان، أن المشروع يركِّز على “١٠٠٠” قرية، في “٩” ولايات، تشمل حوالي “٨” ملايبن نسمة. لافتة إلى أنه تم توقيع اتفاقية المشروع؛ بين حكومة السودان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في سبتمبر المنصرم. وأعلنت عن بداية الاتفاقية- بعد توقيعها مباشرة- مشيرة إلى أن هنالك صراعات عديدة على الموارد، نأمل أن تسهم هذه المشروعات في تخفيف حدة الصراعات، ودعت لإشراك الخبرات من الشباب، والمجتمعات المحلية، لتعظيم فائدة هذه المشروعات. خاصة في مجال إدارة المياه؛ التي أقرَّت بوجود فجوة بها. وزادت: نحن في حاجة لحصاد المياه؛ خاصة في ظل فقد الموارد المائية، التي وصفتها بالكبيرة. كما نادت بمشاركة أطراف أخرى في الولايات الشرقية؛ بشأن تدفق اللاجئين في تلك المناطق. أما بشأن الزراعة فقالت؛ الكثير من الشباب هجروا الزراعة- خلال السنوات الماضية- جراء التغيرات المناخية، ولابد من وضع ذلك في الحسبان. وأشارت إلى أن الـ”٩” ولايات بها عدد من المشكلات المختلفة، تحتاج إلى إحكام التنسيق، والإدارة بصورة أكبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى