استنارة

المشهد السياسي بين المكارثية والبوليميك

سامح محمد إسماعيل*
كان من نتائج الصراع الذي نشأ بين الفرقاء إبان مرحلة المخاض السياسي الطويل التي أعقبت ثورة يناير، أن تحول الحوار من وسيلة لفهم الآخر إلى معركة لتكسير العظام؛ فقد واجه الإسلاميون على اختلاف فصائلهم رفضاً حادّاً من الليبراليين واليسارين، والذين انقسموا بدورهم إلى تيارات وائتلافات شتى، وفي المقابل راهن الإسلاميون على صناديق الانتخاب اعتمادا على قدرتهم على الحشد، وما يقدمونه من خدمات، واستنادا إلى خطاب مقدس مفعم بالحماسة الدينية، وسادت لديهم روح المكابرة والرغبة في إقصاء الجميع، وباتت محاولات التقريب أو الوصول إلى خطوط عامة مشتركة أمرا بعيد المنال، فغاب مفهوم المشاركة، وسادت على الساحة السياسية مفاهيم الإقصاء وتهميش الآخر، وربما محاولة القضاء عليه.
صخرة سيزيف التي يحملها الجميع:
باتت الأيديولوجيا عبئا ثقيلاً يحمله الفرقاء، كل يتمترس خلف إملاءات تاريخية، ويتشرنق داخل سياجات محكمة، غير مكترث بما يفرضه الواقع من معطيات جديدة، لابد من التماهي معها بشكل أو بآخر، بعيداً عن تحيزات الجمود الأيديولوجي الذي خسر بسببه الجميع.
أثبتت الأحداث أن تيار الإسلام الحركي لم يعد قادراً على استيعاب تناقضاته بين مطلق مقدس يشكل قاعدة ارتكاز أساسية لمنطلقاته، وواقع نسبي متغير ترفض إشكالياته المتنامية كل الأجوبة المسبقة والحلول القياسية التي باتت مهترئة وغير مقبولة، لكنه أصر على توظيف الدين، حتى لو تعارض هذا مع الواقع المجتمعي، مما خلق تخيلات مشهدية ساذجة تخاصم المنطق وتدير ظهرها للواقع، وظلت تلك الجماعات تنظر إلى “الاعتبارات الدينية على كونها الاعتبارات النهائية المطلقة التي ينبغي للحاكم أن يلجأ إليها ليقرر ما ينبغي سنه من قوانين واتباعه من سياسات على كافة المستويات والمجالات في سياق أيديولوجي يسعى لفرض هيمنة النخبة الحاكمة ونفي الآخر واستباحته”.[1] وسرعان ما واجه الإسلام السياسي، وهو في الحكم إبان التجربة الإخوانية إشكاليات ذلك التناقض الحاد بين المطلق وواقعه المتغير والمرتبط بعلاقات دولية متشابكة وواقع اقتصادي يفرض توجهات بعينها، فجاءت الممارسات شديدة الاهتزاز، والقرارات مفعمة بالتردد والتراجع، وباتت كل محاولات التبرير مستهلكة وغير مقنعة، وهو ما ظهر بوضوح في مساعي التوفيق بين قرض صندوق النقد كضرورة اقتصادية، وبين الفوائد الربوية المرفوضة سلفا وفقا لقناعات ومرجعيات دينية.
وفي ظل هذا التخندق الإشكالي احتدم الصراع، وانحسر هامش المناورة، فلم يكن هناك متسع لجماعة ترى الحكم منحة إلهية، وتحكم بما يشبه الحق الإلهي قبول الاختلاف في الرأي، في ظل أيديولوجيا حاولت أن تستوعب في داخلها كافة الأنساق السياسية والدينية والفكرية، وأضحى التفكير خارج نطاق ما تسمح به خروجاً على إرادة الله، وهو ما يفسر قدر العنف الذي اتسمت به المواجهات بين الإخوان ومعارضيهم في أحداث الاتحادية والتحرير والمقطم وغيرها.
كان تأصل الجمود الأيديولوجي والحكم، انطلاقاً من مبدأ المنحة الإلهية قد أديا إلى اتساع هوة الخلاف السياسي، فأصبحت جماعة الإخوان محكومة بلعنة الأيديولوجيا، أسيرة لسطوتها ونزعتها المتعالية ترفض كل معارض، وتخرجه من المعادلة السياسية غير مدركة أو مستوعبة مجرد وجوده.
نفس الأسيجة الأيديولوجية نجدها وقد كبلت اليسار بشتى توجهاته؛ فاليسار الممزق بين أطياف شتى وجد نفسه أمام مفاجأة سقوط النظام الذي كافح مراراً لأجل التخلص منه، وكان عليه أن يواجه تلك الفجوة الشاسعة بين توجهاته النظرية وبين القواعد الجماهيرية التي وقعت تحت سيطرة اليمين الإسلامي، حيث واجه اليسار إشكالية عدم فهم حتمية التغير الديمقراطي الجمعي من القاعدة؛ فمن الماركسي الثائر إلى الأناركي الحالم اختلت المعادلة، وباتت القوالب النظرية الجامدة تنبئ بقطيعة دراماتيكية مع الواقع، لتغدو الحيرة وربما التخبط سمة من سمات اليسار الهائم في دروب التيه الطوباوية، بل وظهرت محاولات ساذجة للتوفيق بين اليسار الثوري والمد الإسلامي، فيما يسمى بـ”اليسار الإسلامي”، والذي باتت مواقفه شديدة الالتباس والارتباك، ومثاراً للجدل وربما السخرية، وحتى يسار الوسط المتمثل في الحزب المصري الديموقراطي ظهر كمن يحارب طواحين الهواء، واضطر في نهاية الأمر إلى التحالف مع أكثر الأحزاب يمينية “المصريين الأحرار” إبان الانتخابات البرلمانية دفاعاً عن مدنية الدولة في مواجهة التيار الإسلامي.
ولم يكن التيار الليبرالي بحال أفضل، فلم يدرك الليبراليون معطيات الواقع الاجتماعي المفعم بتصورات عقل جمعي سقط تحت وطأة الفقر والتغييب لعقود طويلة، وجاؤوا بقوالب جاهزة مفارقة للواقع، فسقطوا في نفس إشكالية التخندق النظري، فما بين الدعوة للحريات بشكل مطلق، وهو مطلق غير مستوعب حتى عند الليبراليين أنفسهم، وما بين مجتمع شرقي متشبث بأنساق قيمية ضاربة في جذوره، تخبط الليبراليون واختلفوا فيما بينهم، وهو ما ظهر بوضوح في ذلك التناقض بين رفض قيام أحزاب دينية كمبدأ سياسي، وقبول وجود الإسلام السياسي كضرورة نظرية، انطلاقاً من مبدأ الحرية المطلقة، وما بين العدالة الاجتماعية كشعار ثوري، والرأسمالية كنظام اقتصادي، ظل التيار الليبرالي حائراً، وهى حيرة تجلت بوضوح في قبول “محمد البرادعي” منصب نائب الرئيس عقب عزل محمد مرسي، ثم الاستقالة عقب فض اعتصام أنصاره بالقوة…
كان الجميع يحمل صخرة سيزيف متمثلة في أيديولوجيا فقدت قدرتها على التماهي والواقع، وسرعان ما يأتي السقوط في منتصف الطريق، وبدلاً من إدراك استحالة المهمة يعاود العقل المؤدلج حمل الصخرة من جديد، وحتى الإخوان الذين بدوا وكأنهم نجحوا في الوصول بالصخرة إلى نهاية الطريق، فإنهم سرعان ما سقطوا وصخرتهم إلى حيث اللاعودة في المستقبل القريب.
المكارثية طريق بلا عودة:
هكذا، أحكمت القوالب الأيديولوجية سيطرتها، وأصبح الآخر عقبة لابد من التخلص منها، وباتت التظاهرات الحاشدة (المليونيات) المنددة بالآخر والرافضة لوجوده أمراً مألوفا، وانتهت في معظمها بمواجهات دامية، ليظهر شعار (الشارع لنا) كبديل عن الحوار واستطلاع ما لدى الآخر من برامج وأهداف، وشعار (الثورة مستمرة) تعبيراً عن ثورة الجميع في مواجهة الجميع.
أصبحت المكارثية أسهل الطرق للحشد والتجييش، ليغدو “جوزيف مكارثي” أبا روحيًا للفرقاء الذين قاموا باستدعاء منطلقاته الشيطانية لاغتيال الخصوم معنويًا؛ بترويج اتهامات تنال من شرفهم وتطعن في سمعتهم، وتضع علامات الاستفهام أمام حقيقة أنشطتهم، فتخلق حالة من التشكيك والغموض السلبي حولهم من خلال تلفيق الاتهامات والفضائح والنبش في أمور شخصية شديدة الخصوصية، فتم استدعاء محاكم تفتيش جديدة صاحبتها حالة من الهوس والرغبة العارمة في الانتقام.
بدأت تلك الحالة في مرحلة مبكرة من ثورة يناير، حين نعت أنصار مبارك المعتصمون في التحرير بالعمالة والخيانة والسعي إلى تنفيذ أجندات خارجية، وعقب سقوط النظام انشغل الثوار بنفس اللعبة وانتشرت القوائم السوداء تشوه كل من كان على صلة بالنظام البائد، وسادت حالة من التعميم تشوبها روح الانتقام، وعلت الأصوات المطالبة بالمحاكمات والمصادرات الثورية، وأجاد الإسلاميون استخدام النهج المكارثي في مرحلة التمكين إبان تحالفهم مع المجلس العسكري، وتعالت دعوات التكفير والتشويه لوصم التيار المدني وتشويهه، (الترويج لشائعات العلاقات الجنسية وتعاطي الخمور أثناء الاعتصامات)، وعلى الجانب الآخر نالت الحملات التشويهية من التيار الاسلامي، وتواترت أخبار شتى عن انحرافات أعضاء مجلس الشعب المنحل، ونسج الخيال المتوجس قصصًا حول طلب النواب الإسلاميين السماح بزواج القاصرات ومضاجعة الموتى، وهى حملات ساعدت على انتشارها سلوكيات بعضهم، وكانت النزعة المكارثية تتجلي بوضوح في تلقف فضائح الإسلاميين (كقضايا أنور البلكيمى والشيخ على عويس)، وفي ظل (سعار المكارثية ) ظهر نوع من الطفيليين الآكلين على كل الموائد، حيث تنقلوا بانتهازية فجة بين هذا وذاك، واحتدم الأمر عقب سقوط الإخوان ونصبت مشانق الانتقام في كل مكان، وعليه فقد أصبح العنف عنواناً للمرحلة، حيث تجلى في شكل ممارسات مادية، ومنطلقات قيمية ووجدانية وأخلاقية وثقافية، وتم توظيف الدين والأيديولوجيا لتأجيج الصراع واستمراره، واستخدام كافة المعطيات لتحقيق انتصار زائف على الخصوم، ليصبح العنف أداة لبناء الواقع.
بالإضافة إلى العنف المادي، لعب العنف الرمزي دوراً كبيراً كصيغة سوسيولوجية تم توظيفها بعناية لخدمة أطراف الصراع، حيث مارس هذا العنف دوره وفاعليته، لما يتميز به من قدرة على التواري والتمفصل بهدوء في شتى البني الاجتماعية، كونه نوع من العنف الذي يعيش في خفايا الحياة، أو شكل من أشكال العنف المتخفي والملتبس والمتواري عن الأنظار، حيث ينزع إلى توليد حالة من الإذعان والخضوع عند الآخر بفرضه لنظام من الأفكار والمعتقدات الاجتماعية التي غالباً ما تصدر عن قوى اجتماعية وطبقية متمركزة في موقع الهيمنة والسيادة، ويهدف هذا النوع من العنف إلى توليد معتقدات وأيديولوجيات محددة وترسيخها في عقول وأذهان الذين يتعرضون له؛ فالعنف الرمزي ينطلق من نظرية إنتاج المعتقدات، وإنتاج الخطاب الثقافي وإنتاج القيم، ومنح القدرة على بناء المعطيات الفكرية بالإعلان عنها وترسيخها، من خلال بناء تصورات أيديولوجية تتوافق مع ارادة الهيمنة والسيطرة.[2] كانت المسافات البينية بين الفرقاء متغيرة بشكل دائم، تنبئ عن تلك الحالة من الاختلال وانهيار الثوابت، في البداية انقض معسكر الثورة (اليسار والإسلاميون والليبراليون) على فلول نظام مبارك، ثم تحرك الإسلاميون بعيداً وتحالفوا مع المؤسسة العسكرية التي اعتبرها الثوار جزءاً أساسياً من النظام السابق، وأصبح الاسلاميون في مواجهة التيار الثوري الذي سرعان مع تحالف معهم من جديد في مواجهة أحمد شفيق إبان الانتخابات الرئاسية، قبل أن يجد التيار الثوري نفسه مضطراً للوقوف مع أنصار مبارك وبقايا الحزب الوطني البائد في 30 يونيو ضد الإخوان، وسرعان ما احتدم الخلاف من جديد، وتناثرت الاتهامات هنا وهناك، لتفتح الصناديق السوداء، ويسود نمط من الانتهازية والانحدار الأخلاقي، والمحصلة في النهاية خسارة الجميع.
البوليميك بين المناورة والبراجماتية:
يعني البوليميك Polemique ذلك الانفتاح الذهني على رأي الخصم، على الرغم من الاختلاف العلني والحاد معه، والانتقال من حالة الصدام العنيف إلى الجدل الخلاق والبنّاء الذي يسعى من يدخل في مساره إلى نتيجة مختلفة جدلياً عن تلك التي انطلق منها وينتمي إليها حالياً؛ فهناك منتصر بطبيعة الحال، لكن المنتصر عليهم لا يشعرون بالهزيمة، بمعنى أن الانتصار البوليميكي يدخل من انتصر عليهم في معادلة جديدة مفتوحة قد تؤدي بعد فترة إلى عودتهم إلى سدة الانتصار؛ فالمنتصر والمنتصر عليه يدخلان ضمن دينامية توحدهما استراتيجيا وتجعل نشاطهما السياسي متكاملاً، وعليه فإن الانتصار لا يؤدي إلى القضاء على فكرة السلطة عند الخصم أو القضاء عليه، بل يؤدي إلى فتح معادلة سياسية جديدة، حيث يلجأ المنتصر إلى اعتماد شيء من برنامج خصمه، كما يتاح للمنتصر عليه إعداد عودته إلى السلطة بالأساليب الديموقراطية، ويسمح البوليميك بتخطي التناقض المطلق بطرحه للتوليف كأفق للجدل، فيصبح الصراع السياسي خلافاً لا اختلافا، “وينبع المشروع البديل على الدوام من أنقاض المشروع السابق ليمهد ضمنا، ودون اعتراض جوهري منه، لمجيئ مشروع لاحق”.[3] لقد غاب هذا التصور تماماً عن عقول الفرقاء، فأخذ كلُ يعمل بمعزل عن الآخر، ويسعى إلى القضاء على مشروعه من خلال النقد غير الموضوعي، وحشد الشارع للدخول في مواجهات دامية، بل وغاب التصور الديموقراطي عمن كافحوا من أجل التعددية، وأصبحت الديموقراطية مجرد أداة للسلطة، وسلم خشبي يلقي به عقب الوصول كي لا يستخدمه الآخرون، بل وظهر من يعلن صراحة في فاشية فجة أنه لا يعترف بالديموقراطية لكنه مضطر لاستخدامها كوسيلة لبلوغ الهدف.
وتتلخص الشروط الموضوعية للبوليميك في خطوتين: الأولى هي وجود مناخ يسمح بحرية التفكير والتعبير، والثانية هي الوصول إلى زمام السلطة في الدولة.[4] كان المناخ مهيأ لتلك الحالة بشكل أو بآخر؛ فقد انهارت قبضة النظام وأصبح المجال العام أكثر انفتاحاً، وسادت حالة من الحراك الفكري والسياسي حيث دخل الجميع في المعادلة بشكل غير مسبوق، حتى الجماعات الجهادية (الجماعة الإسلامية) سمح لها بتكوين أحزاب، وما إن تحققت الخطوة الأولى حتى تبعتها الثانية، ووصل الإخوان للحكم بمساعدة وتأييد معظم التيارات والحركات الثورية، فتحقق الوصول إلى زمام السلطة في وجود مناخ يسمح بحرية التعبير، لكن من وصلوا إلى السلطة كانوا أبعد ما يكون عن البوليميك، وانتابتهم حالة من الغرور ورغبة جامحة في الإقصاء والمغالبة، فحاولوا كبح جماح حرية التعبير، وانشغلوا بملاحقة الخصوم قضائياً، وإصدار إعلانات دستورية تكرس من جديد لسلطة الفرد، فبدا للجميع أن جماعة الإخوان تضع لبنات فاشية جديدة تستند للدين، وفي المقابل كان رد الفعل عنيفاً، وأصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم، وعاد الجميع إلى الشارع الذي تحول لساحة حرب دائمة، وانتهى الأمر بسقوط النظام، والدخول في أفق مرحلة غامضة يشوبها الصراع، وتتصدرها مفاهيم التشكيك والتخوين في ظل حالة من الانتقام تنبئ بالمزيد من التردي والانهيار.
لقد أفلتت فرصة تاريخية من الجميع، وبات مؤسفاً ذلك الانزلاق المخزي نحو مستنقع المكارثية، فضاقت مساحات المناورة السياسية؛ فالانشغال البائس بالقضاء على الخصوم يعني الاستمرار العبثي في دوائر الفعل ورد الفعل، والتيه في تهاويم الانتصار الساحق، ليغدو الانتقام مشروعاً أوحد لثورة قامت في الأساس من أجل الإنسان.
[1]- سامح محمد إسماعيل، أيديولوجيا الإسلام السياسي والشيوعية، دار الساقي، بيروت، 2010، ص 35
[2]-أسعد علي وطفه، من الرمز والعنف إلى ممارسة العنف الرمزي، قراءة في الوظيفة البيداغوجية للعنف الرمزي، شئون اجتماعية، ع104، شتاء 2009، ص ص 68-69
[3]- فردريك معتوق، مرتكزات السيطرة الغربية، مقاربة سوسيوــ معرفية، ط2، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2009، ص ص 60ــ61
[4]- نفسه، ص 70
*نقلاً عن مؤمنون بلا حدود.
*باحث ومحاضر في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ ،حاصل على دكتوراه الفلسفة في الآداب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى