الرأي

اللبن… أبو لي بي


حزنت حد القهر حين سمعت ضمن ونسة صديقة عزيزة أنها حدثت صغيرها؛ صبي في نحو تسعة أعوام أو قل أقل، بأن النظام الزمان سيتغير، وسيكون اللبن كباية واحدة بالصباح، وكان النظام القديم كبايتين صباح ومساء. كان القهر عندي مبعثه أن من بيدهم أنهار لبن تجري قد أبو بها واستكثروا اللبن غذاءا كاملا على شعب فقد الوجبات، ثلاثة منذ العام ١٩٦٩، ولثلاثة عقود تيقن عن خنوع أن الطعام وجبة واحدة عند آذان المغرب وماهو بصيام؛ وماهي بوجبة بل مهارات نسائية تجازف بها حريمنا في مطابخهن التي لا توقد نارها إلا بين حين وآخر.
استلمت المجاعة البلاد تماما، فكيلو الموز يقترب من المائة جنيه، وكان في متناول يد المساكين، لكنها المجاعة. ولم يعد هناك خجل في تبادل شكوى آخر مرة ذقنا فيها طعاما جيدا مشبعا. والَمجاعة ظاهرة في وجوه الناس، التي أكلها الجوع حتى برزت عظام الفك واسود الجلد، والجائع تعرفه من عينيه، فالجوع يتلف الأعصاب ويقود إلى الهضربة وكثرة الكلام.
في دول تحترم إنسانية الإنسان: كوب اللبن في مدارس الأطفال والصبيان والبنيات واجب ضروري تقدمه الدولة، ذاك لبن مثلما هو اللبن، وليس مشكوك فيه كمرتفع السعر جشعا وسوء إدارة عندنا. ولا أدري كيف سنعبر بجيل :اللبن – أبو – “ليه- بيهو؛ ذلك أن هذا الجيل سيكون منهكاً ثم سيكون كل حلمه أن يستغل أول فرصة ليشبع.
الفول تم الاستغناء عنه بالعدسية؛ وسعرها مرتفع لكنها (تسد فرقة) ومغذية؛ فقط المشكلة أن الزول لا يقدر يداوم عليها. الطعمية أضحت طعام ملوكي؛ كما السلطة التي حلقت الطماطم بها عاليا. كانت الوصفة سهلة في متناول اليد ومد اليد للجيب مقدور، كان، الوصفة هي الطماطم والبصل والجرجير والدكوة(الفول المسحون) مع تقطيع الخبز، الذي صارت الخبزة-الأنثى فيه بعشرة جنيهات، أما الخبز، المذكر، أي الذي تذهب إليه سوقا أسودا فالعيشة بخمسة عشر جنيها والفحولة في أنك تمد فلوسك قادر، والقادر يسوي، تتناول في صمت، ونعود للوصفة لنجد أن أهم عناصرها طار محلقا فزيت السمسم صار سلعة استراتيجية! 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى