الرأي

العيد الديمقراطي: انعقاد الجمعية العمومية لمنتدى شروق

 

جعفر خضر

انعقد يوم الجمعة الماضي اجتماع الجمعية العمومية لمنتدى شروق الثقافي، معلنًا انتهاء الدورة ١٤ للمنتدى وابتداء الدورة ١٥. وظل المنتدى منذ تأسيسه في العام ٢٠٠٧م مواظبًا على عقد جمعيته العمومية ولم يتخلف عن ذلك أبدًا.

نشرت اللجنة التنفيذية خطاب الدورة لعموم الشعب في صفحة شروق على الفيسبوك قبل يوم من الاجتماع. ولكنها لم تنشر خطاب الميزانية، حتى كتابة هذا المقال، وهذا قصور يجب أن يُعالج  .

لقد ظل التوجه العام للمنتدى نشر الوثيقتين المهمتين (خطابا الدورة والميزانية) للشعب السوداني قبل انعقاد اجتماع العمومية ترسيخًا لمبدأ الشفافية، وتأكيدًا لفكرة أن الاطلاع على تفاصيل منظمات المجتمع المدني هو ليس شأنًا داخليًا خاصًا بالأعضاء فقط، وإنما هو شأن يخص الشعب بأكمله.

اكتسب منتدى شروق سمعة طيبة ليس لمناهضته لنظام الإنقاذ البائد فحسب، بل ولاتسامه بالشفافية وجعله من المنتدى كتابًا مفتوحًا للجميع، وليس منطقة أسرار مغلقة.

وإن سمة الشفافية هذه هي التي ستحافظ على سمعةالمنتدى العطرة، خاصة وأن مرحلة ما بعد الثورة تشهد تدفقًا كبيرًا لتمويلات المنظمات الإقليمية والدولية، والتي لا سبيل لتوظيفها التوظيف الأمثل، إلا في إطار مشروع إنجاح الانتقال الديمقراطي، شريطة فتح باب الشفافية على مصراعيه.

بلغت اشتراكات الأعضاء قرابة الـ٢٠ ألف جنيه، وتبرعات الأعضاء تجاوزت الأربعين ألف جنيه، كما بلغ العائد من مشاركات الأعضاء في الورش والدورات التدريبية ٥٣ ألف جنيه. وقد غطت هذه أنشطة المنتدى الراتبة (غير الممولة)، التي بلغت ٢٢ فعالية، وكانت جملة مصروفاتها ٦٢ ألف جنيه.

يحتاج المنتدى إلى زيادة قيمة الاشتراك الشهري في ظل التضخم وانخفاض قيمة الجنيه. كما يجب أن يحرص المنتدى على تطبيق لائحة المشاركة في الورش والدورات، ترسيخًا للمؤسسية وتحقيقًا للعدالة، وسيؤدي ذلك إلى زيادة العائد من هذه المشاركات، لأن اللائحة تنص على أنه عندما يشارك عضو باسم المنتدى في دورة يجب أن يؤول٤٠٪، على الأقل، من فائض المصروفات للمنتدى.

إن منتدى شروق الآن مزيج بين كونه منظمة محلية ومنظمة وسيطة. إن المنتدى منظمة محلية لأنه معني بمجتمعه المحلي، ويعتمد على اشتراكات أعضائه في تنفيذ أنشطته، وهذا المعنى يجب ألا يفرّط فيه المنتدى أبدًا، لأن هذا الأساس الذي تنبني عليه المنظمة، وهو شرط استقلالها، وهو طريق وصول المنتدى للعالمية .

وأضحى شروق في ذات الوقت منظمة وسيطة باعتبار أنه يحصل على تمويلات كبيرة، ويقوم بتمويل منظمات أخرى في المجتمع المحلي. ولكن يجب على المنتدى ألا يقع في فخ المنظمات الوسيطة التي تعتمد اعتمادًا كاملًا على التمويل الخارجي.

إن التحدي الأكبر الآن أمام المنتدى هو كيف يستطيع أن يقدم نموذجًا مختلفًا في التعامل مع التمويلات الكبرى من المنظمات، نموذج يتسم بالشفافية وحسن إدارة المال.

وقد أبرز خطاب الدورة دخول المنتدى في شراكات عديدة مع منظمات متنوعة. نفّذ المنتدى شراكة مع المبادرة السودانية للتنمية “سوديا” في مشروع الإصلاح المؤسسي والقانوني للمجتمع المدني بتمويل ١٨١ ألف جنيه.

كما نفذ الأسبوع الثقافي الفكري بالشراكة مع منظمة سودو بتمويل مليون و٧٦٠ ألف جنيه. ودخل المنتدى في شراكة مع مركز السودان لحقوق الإنسان في مشروع العدالة الانتقالية بتمويل٨٠٠ دولار، وقد اكتمل المشروع.

ولكنه لم ينشر تقارير مالية وإدارية للمشاريع المذكورة أعلاه بمجرد انتهائها، وإنما انتظر بها نهاية الدورة ليعرضها في اجتماع الجمعية العمومية الجمعة الماضية. وكان الأفضل أن تنشر التقارير أولًا بأول، ثم تعرض مرة أخرى في نهاية الدورة.

وقد واصل المنتدى شراكته مع منظمة سيفرويرلد في مشروع بناء السلام بتمويل بلغ ٢٢٥٠٠ دولار، ولا يزال تنفيذه جار.

وقد بدأ المنتدى شراكة مع منظمة فريدوم هاوس في مشروع حقوق الإنسان بتمويل١٠ آلاف دولار، وسيستمر المشروع في الدورة الجديدة.

أما الشراكة الأكبر فهي مع منظمة تي سي قلوبال في مشروع تطوير دور الشباب، والذي لم يبدأ بعد، وسينفذ في الدورة الجديدة بتكلفة ١٢١ ألف دولار.

نتوقع من اللجنة التنفيذية الجديدة أن تنشر التقارير المالية والإدارية لهذه المشاريع بمجرد انتهائها، وحبذا لو تم نشر التقارير الشهرية أو عند منتصف المشروع، حسب النظام المتبع في تنفيذ المشروع، ويكون عرضها في نهاية الدورة من باب التذكير وجمع كل المشروعات في وثيقة واحدة.

تضمن خطاب الدورة توصية بتسجيل المنتدى في مفوضية العون الإنساني، بدلًا من التسجيل الحالي ضمن مسجل الجماعات الثقافية. وكان هذا المقترح محل نقاش في اجتماع الجمعية العمومية، وهي توصية غير مناسبة في تقديري لأن (هوية) المنتدى التي ترسخت عبر السنوات أنه (جماعة ثقافية) وأظن إذا سُئل أي مهتم عن الجماعات الثقافية في السودان لكان أول ما يخطر بباله هو منتدى شروق. أرى أن يحافظ المنتدى على هذه الهوية وأن يعمل على إصلاح هذا القطاع المهمل ابتداء من تغيير قانون الجماعات الثقافية لسنة ٩٥ وكل التبعات اللازمة لإصلاح هذا القطاع، بدلًا من التزاحم مع المتزاحمين في مفوضية العون الإنساني، التي تعاني معظم منظماتها من اختلالات كبرى. وأرى أن المنتدى من موقعه الثقافي أقدر على المساهمة في إصلاحها بنقدها وبتقديم النموذج المختلف الذي يتسم بالشفافية والمحاسبية. إن المنتدى بوضعه الحالي لا ينقصه التمويل، فقط عليه أن يحرص حرصًا شديدًا على نشر ميزانيات المشاريع الممولة أولًا بأول ولا ينتظر نهاية الدورة، وهذا ما تفتقر إليه منظمات مفوضية العون الإنساني.

كان عدد الورش والدورات التي سنحت لأعضاء المنتدى في الدورة المنتهية غير مسبوق في تاريخ المنتدى، عليه كان يجب أن يشتمل خطاب الدورة على مرفق يتضمن قائمة بأسماء المشاركين وعنوان النشاط والجهات الداعية والمكان والتاريخ، حتى يتسنى للأعضاء المعرفة، ومن ثم المساءلة والمحاسبة في ما يتعلق بالعدالة في توزيع الفرص.

أظن أن أحد المآخذ على الدورة السابقة تباعد عضوية المنتدى عن بعضها البعض ونقص المعلومات المتوفرة لديهم. فقد كان هنالك تقليد سابق في المنتدى بنشر قائمة أعضاء الجمعية العمومية مرتبين حسب مرات حضورهم الأنشطة، وقد تخلت اللجنة السابقة عن هذا. وكانت هنالك محاولات لرصد مقدار الجهد الذي يبذله الأعضاء، حتى يتم إنصاف الأعضاء في الفرص تحقيقًا للعدل، وقد تناقص الاهتمام بمثل هذه الأشياء المهمة، مما تسبب في أن أغفل المجتمعون من الأعضاء وتخطوا عضوًا مثل “خالد حديد” في الترشيح، وهو إنسان نذر نفسه للمنتدى؛ لذلك يجب على اللجنة الجديدة ألا تتأخر عن أي منشط يقرّب الأعضاء من بعضهم البعض، ويعرفهم بالجهود التي يبذلها الحادبون على مصلحة المنتدى.

إن انعقاد اجتماع الجمعية العمومية السنوي هو عيد المنتدى الديمقراطي. وعلى اللجنة التنفيذية الجديدة أن تبني على المكاسب الكبيرة التي حققتها اللجنة السابقة، وأن تعالج أوجه القصور، حتى تجعل من منتدى الشروق رائدًا في إصلاح المجتمع المدني بالسودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى