الرأي

الضكرنة والنسونة

عبدالماجد عليش
خالتنا أم سهمين، رحمها الله، كانت تعلن دوماً أنها امرأة ضكرانة. وكنا بعد صغاراً على جري الأعوام بنا، ولا زلنا صغاراً، فالرجال لا يكبرون أبداً على النساء، والنساء ما دام الوجود لا يغفلن أبداً عن غريزة كونهن مطلوبات والرجال في الطلب.
وعلى كل حال لم تكن خالتنا بالتأكيد من أولاد آدم، بل كانت بشهادة أهل زمانها من أحسن بنات حواء خلقة في وسامة الملامح، وبديع هيكلها الجسدي، وقوة في الحضور مع معرفة الواجب، حتى اجتمعت فيها حكمة عمنا المرحوم الطريفي (المرأة هي الأخلاق والجسم).
مطلب الرجال هذا في الجوهر وفي المظهر كان هو السبب الأكيد في اصطفاف الراغبين في الاقتران بها في عقد قران شرعي. لكنها، لأمر ما، أو قل(سر ما) فمثلما نعلم جميعاً كل واحدة منهن كامن فيها سر ما! ولا تنطق به أبدا ومطلقا، ومن فاته ملاحظة كمون السر فليراجع تطبيقاته العملية، من بعد معرفته النظرية في (الفيمولوجي): أها: كانت ترفض رفضا شديداً أي ارتباط مع كل من تقدموا لها. كانت ذات مهابة، إذ انتزعت، بسر ما، حق تقرير مصير، ليس فقط في مشورة طالب يد، بل حق رفضه في زمان كانت النساء فيه ينجبن من الرجال دون أن تفلت منهن آهة وجع في أوله وآخره،، زمان لم تكن المرأة تجرؤ فيه على لمحة خاطفة لشريك فراش على سنة الله ورسوله بل تتوارى خجلا من ذاتها كأنما مشت سبيل فحشاء.
غير أن الزمان يحكم ولا تحكم الاستثناءات: ما كان إذن لأم سهمين أن تكسر حكم الذكور، وهي من بنات الخدور،، وعليه أصروا عليها، تحاملوا عليها، ضغطوا عليها، تجاهلوا سرها، فجاءوا بقاضي شرعي عريسا لها في إصرار ذكوري عنيد لفض سرها.
أصرت على حضور العقد واستلام المال بيدها، وعدته أمام الحاضرين،، واحتجت على نقصانه (يا رجال المال ناقص ريال) ثم نثرته في الهواء!! واضطرب المكان ودفع أجاويد كل ما يستر الحال.
ياليتهم لم يدفعوا! قالوا، فيما بعد، أن الشهيد،، عريسها،، سقط عند محاولة تأدية واجبه الشرعي، قالوا سقط قبل الشروع في تأدية واجبه الشرعي، قالوا أصرت على حقها الشرعي في غسل جثمانه وتكفينه وأخرجته لهم أحسن ما يكون الجثمان، محفوفا بملائكة الموتى، وكان قبيل وقت محفوفا بملائكة العرس، كانت ميتة بنت حماقة، كانت منهم مريبة، لكنهم لم يحاولوا تكرار الضغط عليها.
مفاخرة النساء بنسب ذواتهم لنوع الرجال فيها تصريح صريح بأن النوع الأفضل والأقوى والأصلح هو المنسوب إليه، وهذا مما لا يستوجب الحساسية، ولا يستدعي زرع الألغام على طول الطريق المؤدي للالتقاء في محطات المودة، وعلى دروب الرحمة والحكاية أبسط مما تتصور وتتوهم وتتفلهم بعض الأخوات ( الضكرانات) ضكرنة مفارقة لخالتنا التي تخلت في الأربعينات عن الثوب وارتدت العراقي والسروال، وشدت سكينا في(ذراعها) مع (حقة السعوط) مع مقعد فى مجالس الرجال حين يستدعي داعي المشورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى