الرأي

الشعب يمارس صبره وصموده وتمسكه بحكومته رغم “اللعبات الخشنة”

أوافق صديقي في موقفه من الثورة وحكومة الثورة، فهو مع التغيير قلباً وقالباً، لكنه يرى أن هناك الكثير من التفريط في الوقت، وفي الإمساك بيد الشعب الذي أنجز ثورته لكي يرتاح من عنت السنوات، ومن قهر (الفتوُّات)، ومكابدة السوق وما يعتريه من تقلبات. بيد أني لا أوافقه تماماً على ما يسوقه من تبريرات لتبديد الحكومة لرأسمالها السياسي بمواصلة مدّها حبال الصبر لأعداء الثورة بالقدر الذي لا يستحقونه، حتى وإن كان في الأمر دعاوى السلمية والديمقراطية وبسط الحريات. حقاً إنهم لا يستحقون الصبر عليهم، لأنهم حين دان لهم الأمر لم يمهلوا أحداً (فرداً أو كيان)، ولم يتركوا فرصة إلا اهتبلوها، ولا شاردة أو واردة إلا ضموها إلى القطيع، فتكاثروا، وتناسلت تنظيماتهم، واخترقوا كل مؤسسة قائمة ليعملوا فيها نخراً من الداخل.
نعم صديقي، لم تمر على السودان منذ الاستقلال حكومة تمتّعت بتأييد شعبي جارف مثل هذه الحكومة، لكن لكأن حمدوك وأركان (سلمه) يفقدون هذا الرأسمال السياسي، أو أنهم لا يحسنون إستغلاله كما يجب لصالح الشعب وثورته العظيمة هذه، الأمر الذي فتح الباب لمن هم في الداخل لاتهام حمدوك بالضعف، وأحياناً المثالية الزائدة، فيما يرى البعض أنه يعمل في الخفاء على ملفات عديدة تظهر نجاحاته فيها تباعاً، خاصة على المستوى الخارجي، من قبيل رفع اسم السودان من القائمة السوداء، وإدخاله في دوائر الضوء، وهذه المليارات الدولارية التي بدأت تنهال على خزينة الدولة.
انشغل المثبطون ومرجفو الشبكة العنكبوتية، المتفرغون (في مقابل مادي معلوم) لزرع الإحباط في النفوس، بتصوير الشعب كأنه واقع في مصيدة، كتلك التي تصورها اللوحة القديمة للرجل فوق الشجرة عند الشاطئ هارباً من الوحوش، ولا يستطيع القفز إلى الماء لأن هناك تمساحاً في انتظاره، بينما تترصده حية ضخمة على الغصن القريب منه. فالسوق والمستقبل الأمني المظلم (كما يتشهّون) هو الوحوش على الأرض وفي الماء، وتمثل الحيّة المتهافتين على السلطة على مقربة منه. ومع ذلك تجد هؤلاء في لحظات الصدق (إن كان حقاً صدقاً) في حيرة من أمر هذا الشعب المتمسك بـ(حمدوك) وحكومته، رغم أوجه القصور التي ما فتئوا يضخمونها، ذلك لأن الشعب خبرهم لأكثر من ثلاثين عاماً خلت. وما الثلاثين الأخيرة إلا (الخالصة لهم)، وقد سبقتها أعوام العُسر الأولى أواخر عهد النميري، ثم فترة الانتقال وما تلاها من سنوات سميت (مجازاً) بالديمقراطية، وقد عملوا خلالها على (التكويش) على كل شيء، حتى أنهم في آخر الأمر انقلبوا على الديمقراطية نفسها، لأنهم لا يطيقون (الآخر) إلا في حال إفادتهم من وجوده معهم في خندق واحد، ريثما يكملون إحتلابه فينقلبون عليه وبخنقونه، ويقضون عليه تماماً، ذلك مثلما فعلوا مع الكثيرين حتى عرّابهم نفسه.
لا نود أن ينسرب رصيد حمدوك من بين يديه، ولست ممن يصورون أنه استجاب للقوى المعادية للثورة والشعب حين أقال (د.أكرم)، ولا دفعه لـ(د.القراي) للاستقالة، رغم تحفظات الكثيرين على منهجهما في العمل، لأنه كان من الأفضل الوقوف إلى جانبهما، حتى وإن كان من أجل إظهار (العين الحمراء) لهؤلاء، ومن قد يمشي على طريقهم، إذ لابد من إطفاء هذه النيران المفتعلة والفتنة التي أشعلها علماء الباسطة ـ كما عبّر أحدهم.
يظن صديقي ضمن آخرين أن حمدوك قد مدّ يده إلى أعداء الشعب القدامى من سدنة النظام السابق، والحزبيين الفاشلين، وأنهم غداً سيطالبون بيده وكتفيه، لأن هدفهم الاستراتيجي هو إسقاط حمدوك وحكومته، والعودة للحكم بكل سبيل. هل حقيقة أن في الأمر هزيمة للمبدأ الذي قامت من أجله الثروة، وركلاً للتضحيات التي قدمها السودانيون خلال عقود؟.
هؤلاء أيها الربّان لن يتوقفوا عند أكرم والقرّاي، فها هم يأتون بـ(فرية) جديدة يستهدفون بها السيد وزير التربية والتعليم، وإن كذبها المحققون، مؤكدين أنه لا وجود لهذا الـ(سعيد المطيري)، ولا للحادثة نفسها، بيد أنها تم تداولها ليصدقها من ينتظر مثلها من الأراجيف.
هل يعتقد هؤلاء أن خط دفاع الثورة قد انكشف أمامهم، وأن بإمكانهم إحراز المزيد من الأهداف تحت بصر أصحاب الأرض والجمهور؟ نعم قد يتعرض الشعب للدهشة، والمفاجآت تتوالى على المستوى الاقتصادي والسياسي، فتزداد معاناته على ما هي عليه، لكنه صامد، متمسك بفريقه (حكومته المدنية)، يصفق ويشجع، منتشياً بهزيمة الفلول، وهو على استعداد لخوض صدامات من كافة الأنواع دفاعاً عنه. وقد أدرك سدنة النظام البائد إلى أي مدى بات الشعب غير قابل لعودتهم مجدداً، لذا ظلوا يمارسون (اللعب الخشن) غير عابئين بالكروت الصفراء والحمراء التي يرفعها الشعب في وجوههم.. والشعب هو الحكم أولاً وأخيراً.
أليس كذلك؟.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. It is with sad regret to inform you StarDataGroup.com is shutting down.

    Fire sale till the 7th of Feb.

    Any group of databases listed below is $49 or $149 for all 16 databases in this one time offer.
    You can purchase it at http://www.StarDataGroup.com and view samples.

    – LinkedIn Database
    43,535,433 LinkedIn Records

    – USA B2B Companies Database
    28,147,835 Companies

    – Forex
    Forex South Africa 113,550 Forex Traders
    Forex Australia 135,696 Forex Traders
    Forex UK 779,674 Forex Traders

    – UK Companies Database
    521,303 Companies

    – German Databases
    German Companies Database: 2,209,191 Companies
    German Executives Database: 985,048 Executives

    – Australian Companies Database
    1,806,596 Companies

    – UAE Companies Database
    950,652 Companies

    – Affiliate Marketers Database
    494,909 records

    – South African Databases
    B2B Companies Database: 1,462,227 Companies
    Directors Database: 758,834 Directors
    Healthcare Database: 376,599 Medical Professionals
    Wholesalers Database: 106,932 Wholesalers
    Real Estate Agent Database: 257,980 Estate Agents
    Forex South Africa: 113,550 Forex Traders

    Visit http://www.stardatagroup.com or contact us with any queries.

    Kind Regards,
    StarDataGroup.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى