الرأي

الشباب والعودة إلى التاريخ

آمال عزالدين التمر

في مثل هذا الشهر قبل عامين، فجر الشعب السوداني ثورة عظيمة كان مستصغر شررها في قرية مايرنو بولاية سنار، تلتها الدمازين، دنقلا، الفاشر، وأحياء متفرقة في العاصمة الخرطوم ليشتعل فتيلها في عطبرة (بلد الحديد والنار) وذلك في التاسع عشر من ديسمبر عام 2018م لتعم بعدها كل أرجاء السودان، شاركت فيها جميع فئات الشعب من الصغار والكبار، الشيوخ والنساء، الموظفون والعمال، السياسيون والمهنيون وحتى المواطنون البسطاء، ومن ضمن الفئات ذات النصيب الأكبر من المشاركة فئة الشباب الذين شاركوا بحماس في المواكب السلمية في هذه الثورة فتقدموا صفوفها وهتافهم يشق عنان السماء: حرية، سلام وعدالة.

لا شك أن شباب الشعب المفجّر لثورة ديسمبر شباب واعٍ له طموح عالٍ، وهدف يسعى إلى تحقيقه خاصّة إن كان فيه خير لهذه البلاد، هدفهم تغيير واقع الحال في بلادهم إلى الأفضل، فتجدهم يهبّون لنصرة المظلوم، وإعانة المحتاج، واستثمار طاقاتهم في فعل الخير والعطاء.

فهذه الثورة أعطت فرصًا كبيرة للشباب للانخراط في مؤسسات العمل المدني مثل لجان المقاومة والمنظمات الخيرية وغيرها من منظمات ومبادرات المجتمع المدني، كما ازداد إقبالهم على العمل السياسي والانخراط فيه، إضافة إلى ازدياد حسهم الوطني واهتمامهم بالقضايا الوطنية والشأن العام الذي يخص البلاد بعد أن كان جلّهم بعيدين كل البعد عن قضاياها.

رغم كل هذا نجد أن بعض الشباب ممن شاركوا في ثورة ديسمبر وساهموا فيها بكل روح ثورية ووطنية يفتقرون إلى معرفة الخلفيات التاريخية لبعض القضايا السياسية أو الاطلاع على تاريخ العمل السياسي والنقابي في البلاد، فنتج عن هذا الاندفاع وسوء الفهم في طرح الآراء المختلفة عن بعض القضايا، هذا رغم اهتمامهم الشديد بما يحدث في الشأن العام حاليًّا.

بالرجوع إلى تاريخ الاستقلال المجيد، عهد عبود، ثورة أكتوبر وحكومتيها الأولى والثانية، حكومة مايو وما حدث في عهدها وانتفاضة أبريل والديمقراطية التي تلتها، والاطلاع على تاريخ العمل السياسي والنقابي في تلك الحقب المختلفة والتعمق فيها ستتشكل آراء سليمة رغم اختلافها ولكنها ستكون مبنية على حقائق تاريخية، وسيكون النقاش مفيدًا دون الخوض في جدال لا فائدة منه.

العودة إلى التاريخ مهمة جدًّا، فعن طريقه سنأخذ ما فيه فائدة لنا كي نتقدم ونسعى لتطويره، وسنعرف الأخطاء التي ارتكبت في العمل السياسي أو النقابي لنتداركها جميعًا لنضمن التحول الديمقراطيّ الذي نريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى