ثقافة ومنوعات

(الديمقراطي) تفتح دفاتر الشاعر عبد الرحمن عبد الفضيل في مواكب الشعر والثورة

 

حوار- إيمان آدم خالد

عبد الرحمن عبد الفضيل، شاعر له حضور بهي في المشهد الثقافي السوداني، وثائر لا يمكن أن يغيب عن موكب ثوري، خبر أوزان الشعر وأشجان فقد الأصدقاء، وثمن الحرية ولون الدماء، هو ابن محجوب شريف وحميّد وقدّال.
*لا يمكن أن نقابلك في موكب أو (كتمة) كما يقول الشباب إلا وأنت تحمل صورة للمحجوب أو حميّد، ما الدلالة الوجدانية والرسالة التي ترسلها عبر حمل هذا الحب العبء؟
-بدايةً، الرحمة والمغفرة لشهداء وشهيدات الثورات السودانية، والشفاء للمصابين والمصابات، والسلام على أرواح شعرائنا الذين برغم غيابهم إلا أنهم ظلوا حضوراً جمالياً ثورياً أنيقاً.
ولمّا تزل قصائدهم وكلماتهم مشتعلة بجانب (اللساتك) في شارع القصر، يحرق لهيبها الطغاة، وتثبّت الثوار عند لحظة الفقد، وتواسيهم وتمنحهم الأمل للمضي نحو فجر الخلاص القريب، لهذه الأسباب وغيرها أشعر أننا مدينون لهم بالوفاء، فأحمل صورهم في محاولة متواضعة للتعريف والتذكير بأن الشعر والشعراء حضور ووفاء لمن فتحوا لنا نوافذ الشعر والثورة والجمال ومحبة البلاد وناسها. وكم تمنيت أن يشهد أبوّي حميد ومحجوب وقدال هذا الفعل الثوري العظيم الذي حلموا وعملوا على تحقيقه، بيد أنني كلما تخيلتهم شهوداً كنت أخشى عليهم من بشاعة المناظر والمجازر والسحل والقتل بدم بارد، وذلك لمعرفتي ومعرفتكم برقتهم رغم قوتهم ومحبتهم العظيمة لأبناء وبنات هذه البلاد. وأسعد كثيراً عندما أرى وأسمع الثوار يهتفون بقصائدهم فأتأكد أنهما خلود وأن حميد (عاش متقداً زي نار خلوية عز الليل)، ومحجوب شريف (كالنجمة تلمع هناك رغم الضلام الشديد).
*الثورة السلمية التي أضحت مزاجاً شعبياً وثقافياً، ماذا أحدثت بعبد الرحمن الشاعر الثائر؟
-بطبيعة الحال كواحد من أفراد الشعب السوداني أتأثر وأتفاعل مع هذا الحدث العظيم، الثورة لازالت مستمرة، وهي فعل دقيق عميق طويل الأمد، وفي كل مرة ننجز مرحلة من مراحلها، يحدث تغيير على طريقة تفكير الفرد والجماعة وتغليب العام على الخاص، فالثورة رسخت عندي مبدأ العمل الجماعي، وها أنا الآن أتطّلع وأحلم وأعمل مع بنات وأبناء شعبي بالشِعر والفعل والتضحية لأجل وطن معافى جميل ديمقراطي .
*هل تفتح الثورة ممالك شعرية جديدة؟
-نعم بالتأكيد، الثورة حدث تحرري، يحرر الجسد من بطش الطاغية، ويحرر الروح، الفن والحب يحتاجان إلى الحرية حاجة الزهرة للماء. وهنا نذكر مقولة الشاعر الإسباني المناضل ڤيدريكو غارسيا لوركا:
ما الإنسان دون حرية يا ماريانا؟
قولي لي كيف أستطيع أن أحبك إذا لم أكن حراً؟
كيف أعلم قلبي إذا لم يكن ملكي؟
الثورة تحتاج جهداً شعرياً فنياً وهي قصيدة عظيمة يخطها شعب بأكمله .
*الألم، فقد الأصدقاء، إصابتهم، الوطن الذي يحاصرنا بحبه وضرائب الانتماء، هل هذا يميت الشاعر أم يحييه؟
-مهما بلغ الأسى، قدر الشاعر الرسالي هو أن يحول الحزن إلى غضب، والانكسار إلى أمل، والقبح إلى جمال، والكراهية إلى محبة للأرض والإنسان، فلو انطفأ الشاعر انطفأت معه أكون كاملة بأحلامها وألحانها .
*ما بين استشهاد دودو وست النفور، هل عجزت المفردة عن تسطير فداحة الفقد وغباء القتلة ووحشيتهم؟
-المفردة لم تعجز عن توصيف ألم الفقد، ولكن خط دماء الشهداء كان أبلغ وأوضح، أحب الشهيد محمد عيسى الدودو كثيراً، وست النفور فتاة سودانية شجاعة أحبت الوطن حتى أفنت روحها في محبته. قصائدي التي كتبتها للدودو وست النفور لا أسميها مرثيات، لكنها احتفاء ببسالتهما وانتصارهما على القتلة. أما فيما يتعلق بغباء القتلة ووحشيتهم، فهذا بائن ومفضوح، القصاص ليس ببعيد، وعهدنا ألا تضيع دماء رفاقنا هدراً .
*الشعر ثورة وبركان يفجّر المعنى ويذيب الوجدان، هل الثورة شعر يحقق وجود الوطن وقدرة الإنسان؟
-الثورة حدث شاعري عظيم، الشعر فن ثوري بطبيعته، فهو يثور على القبح ليجمله، وعلى الظلام لينتصر العدل، وهكذا. الذي أمامنا الآن هو فن الثورة، ولكننا يجب أن نعمل لتحقيق ثورة الفن. الفنون في بلادنا، بخاصة فن
الشعر تحتاج إلى عمل جماعي عظيم لتتخذ مكانها الطبيعي، وأدعو مبدعي ومبدعات بلادي للعمل لتفجير
(ثورة الفن)، وهنا أحيي صديقي الأستاذ الفنان شمت محمد نور، هو من المداومين حضوراً في المواكب، وكثيراً ما أسعد برفقته. على الفنان أن يكون حاضراً في الميدان مع الجماهير، وألا يكتفي بتقديم فنه عبر الشاشات والمنابر فقط. معلوم أن الفنون عانت كثيراً في حقب الظلام والاستبداد، سيما نظام المؤتمر الوطني، الشعراء قدموا تضحيات عظيمة، ربما يمكنني القول إنها كانت على حساب الشعر نفسه .
*ختاماً في دفتر الثورة، الشعر والوطن الحبيبة، ماذا تود أن تقول؟

-لست النفور أقول:
ضي عيـونك
يشبه النصـر المداوم
ابتسامتك
ثورة جمـرة
تشعِل الترس المقاوم
طايفة روحك
في (جبل مون)
في (الدمـازين)
في قطـــارات عطبرة
في المحـبة الـوسطى
من درب النضال
حـِس زغاريد البنات
في زقاق مشتاق
لـ خطوك
ببكي في شمبات
كلما ننقص هتافك
ينتح الجرح المغّور
شفتا صورتك
في بنيات من بلـدنا
يـهتفن رصـاص مدوِّر
ضي عيونك زي أمل
حاضـر وباكــر
وابتسامـتِك يا نقيه
تهـزم أوهام العساكـر
تهزم الليل والعساكر
كان يا مكان كان
في البسيطة فرح كبير
الي الأحاسيس والمكان
دافق حنانو
على المدائن العطشى
مديها الأمان
لأكنو كان أرجع تعال
ندهت معاي كل العيون
الذارفة دمعات الصدق
ناديتو ما جاني الفرح
ومشيتلو خلاني ومشى
وما بنهزم
ما ببقى زي حال الفراش
عز الربيع نايمة الفراشات
الحزينة الخايفة من لسع النحل
والواجب إنها تتحد
تملى الشوارع الفاضية
بهجة واحتفال
وتغني لفصل الربيع
تبكي الحدائق اللسه
ماليها الفراغ
ومن حقنا نفرح نغني
مع الفراش
نسقط همومنا مع الحبيبات
الحنان
نتمادى قدر الاشتهاء
ونرجع الفرح اللكان
ننضم هتافات العشق
ونقاوم الشوق الجبان
شان ما بكره يتسأل
ونتساءل
منو السرق الفرح منك؟
وأهداك الحزن عبرة؟
منو الزرع الأسى الجواك؟
منو المنع الجرح يبرأ؟
ومن الخلاك تتقسم؟
تكون اتنين تقيف ضدك؟
وتتصارع على نفسك؟
وتفرح بهزيمتك ليك؟
وفي الآخر حنينك يدفرك
نحوك
تمد إيدك تقيف جنبك
تقول: يا بعضي نتسامح
وبعضك ما يمد إيدو
يغادرك ويحتويك الهم
وتنده ليك ما تسمع
تمسكك تنفلت منك
وتجري وراك ما تلقاك
وتتلاشى وتسكن إنت دنيا الغيب
تسكن فينا ذكرى وشوق
وما نتهدى نستناك ونتمناك
ونحلم بيك برغم قساوة الكابوس
تجينا من العدم راضي
وتهتف لينا نهتف ليك
وننفي الفاعل المعلوم
ويصبح في الحساب ماضي
ويتغير وتتغير مع الأيام ملامحنا
ويستوطن بلادنا فرح
نعيش لا آهة لا محنة
نعمر بعرقنا الأرض
حتى إلهنا بينا يباهي
قدام الملائكة يقول :
هديل خلقي الذين استخلفوا
الأرض البسطتها ليهم
يدخلوا الجنة مبروكين

لدودو
يا شبلي يا فردة
يا أصلي يا دسيس
سامعني؟ قول: آآي
كبرتها وفُتا؟ ما كنت صابيها
جمب الترس بهناك الرصة عازيها
والحاجة هسع كيف
نقدر نعزيها؟
فخراً فديت الشعب
عين الوطن دامعة
كان حلمك المشروع
المدرسة الجامعة
دافوري في الحلة
كدارتك اللامعة
ردمية والجاح فان
تسأل عليك يا مان
اللفة والشارع
اللستك الميدان
تتذكر الكتمات؟
رجعتا كم بمبان؟
سامعني يا دودو؟
عبرني طيب يا مان
يا دفعة إنت شهيد
كارب عديل صنديد
راكز حديد قدام
لو ما القدر بختار
كان متنا نحن فداك
سامحنا بس معليش
نكروها ناس الدعم
كروها ناس الديش
تبت أيادي الدم
إنت الهمام الجيش
حقك نجيبو قصاص
من شلة الأنجاس
عزيتنا في التأمين
في لجنة التفتيش
زملانك العرفوك
ما قالو يوم سمعوك
حنكتا يوم البيش
أرقد هناك بسلام
الزيك إنت بعيش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى