الرأي

الديمقراطية.. حق الخطأ والاختلاف حالة الأستاذة أمل هباني

د. حيدر إبراهيم علي
هذا المقال ليس دفاعاً عن الأستاذة هباني ولكنه تأكيد لمبادئ ثقافة ديمقراطية، فنحن مازلنا نختزل الديمقراطية في صندوق انتخابات وبرلمان وتعدد أحزاب، بينما الديمقراطية هي فلسفة ورؤية حياة للكون والإنسان وأعلى قيمها الحرية والعقلانية.
كشف موضوع الأستاذة أمل هباني سقف ديمقراطية النخبة السودانية وبالذات الحركة النسوية لأن مشكل الديمقراطيين السودانيين، أنهم يرون أنفسهم في مرآة الإسلامويين والسلفيين والطائفيين وينتظرون مباركتهم وحكمهم وتصنيفهم للمعتدلين والمتطرفين، في الاختباء خلف سلوكيات استفزاز المشاعر الدينية أو الوطنية، لذلك لم يكن من الممكن أن يتجرأ “أبو الفعل” أو ألفة السودان ويصفها بأنها بت قليلة أدب بكل بساطة لأنه صار يحمل مفاتيح السلام والاقتصاد والأدب في السودان. فالآراء في الديمقراطية تناقش ولا يدفع أصحابها بصفات أخلاقية قدحية. وإصدار أحكام استعلائية حول أفكار وسلوك المواطنين المساوين له. ولم يحتج أحد على تعليق السيد نائب رئيس السيادة “الألفة”.
هناك جانب ديمقراطي مهم أهملته الكتابات وردود الفعل وهو مبدأ “احترام الفردية”، في النظام الديمقراطي تحترم المسؤولية الفردية، وما يتبع ذلك من التزامات قانونية وحقوق وواجبات. ولكن لاحظت أن التعليقات تتحدث وكأن مقال الأستاذة أمل صادر عن عشيرة آل هباني من بلدة نعيمة. كما أن أخت الأستاذة ليس لها أي حق في الرد والتبرير وتبرئة الأسرة من أفكار “أمل”.
الديمقراطية ثقافة وطريقة حياة وتفكير لذلك تألمت كثيراً من تعليقات ناشطات في الحركة النسوية. وهن بالفعل ناشطات حركياً وتنظيمياً وكسولات فكرياً، لأن الحركة النسوية مشغولة بالمشاركة السياسية ومازال ختان الإناث وزواج القاصرات منتشراً في الريف. وتحول موضوع “الجندر” إلى نوع من الإرهاب الفكري والقذف بالتهم “مجتمع ذكوري” وسيطرة الرجال.
نحن نبحث عن قيم إنسانية حديثة يحتملها إنسان سوداني حر ومنتج ومستنير بلا تمييز بين ذكر وأنثى وليكن الشعار لا لقهر الإنسان السوداني، لأن الرجل المقهور هو الذي يعمل على قهر المرأة كشكل من أشكال التعويض، وإسقاط ضعفه على إنسان يجعله أضعف منه.
هنا سؤال عابر يحتاج لإجابة وتوقف: ما هي الإضافة النوعية للحكم والإدارة في الفترة الانتقالية بعد مشاركة الوزيرات وعضوات مجلس السيادة؟
هذا فهمي للتمييز الايجابي أن تكون الوزيرة أو الإدارية صاحبة قدرات وكفاءة تجعل من التمييز نتائج لصالح التنمية والديمقراطية والوحدة الوطنية.
أختم بالقول إنني أختلف مع بعض مضمون المقال وكنت أتمنى لو فتحت الأستاذة أمل هباني نقاشاً موضوعياً عميقاً حول ظاهرة تعدد الزوجات في السودان أو رصدت الاجتهادات الفقهية التجديدية حول التعدد. ولكن لأنها جزء من الحركة النسائية النشطة حركياً عالية الصوت، لذلك لم تهتم بالقضايا الفكرية الكبرى ولا بالأبعاد الثقافية والاجتماعية لوضعية المرأة في عموم السودان وليس في الخرطوم وكندا.
* اعتذار
أعتذر عن أخطاء فنية في مقال الأسبوع الماضي واعتمدت على فطنة القراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى