الرأي

الحرية والتغيير تمنح نفسها ضربة جزاء

ثورة ديسمبر المجيدة أدت إلى خلق أعظم فرصة لعلاج الإخفاقات السياسية في تاريخ السودان، فقد هيأت المناخ من أجل نقلة كبيرة من مستنقع الانقلابات والحكومات الاستبدادية إلى رحاب الديمقراطية، فكان من إشراقاتها تجمع إعلان قوى الحرية والتغيير الذي شكل أعظم تحالف سياسي شهده السودان وعمل في تناغم أثناء الثورة، وحقيقة شعر الشعب أنه وقف في بداية الطريق الصحيح، وبنى على هذه الفرصة كل آماله، ولكن ما أكثر اللواكن في هذه البلد.
بعد سقوط النظام المخلوع بدأت الأمور في تجمع قوى الحرية تتغير، ودبت فيه الخلافات وتفاقمت وأدت إلى انشقاقات أثرت على مسيرة الثورة وتشكيل الحكومة وسوء الأداء وبطئه، ولم يعد هناك ما يقلق الشعب اليوم أكثر من أن تضيع الخلافات هذه الفرصة الغالية، ومع أن التجمع تأخر جدا في إيجاد مخرج لخلافاته إلا أن الفرصة لا زالت متاحة لفعل الكثير، فأن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي.
مؤخرا اتفقت قوى إعلان الحرية والتغيير مع وفد الجبهة الثورية على بناء كتلة انتقالية واجتماعية عريضة لإنجاح الفترة الانتقالية واستكمال جميع المهام وخاصة السلام، وناقشت كيفية إعادة تشكيل قوى الحرية والتغيير بالانفتاح التام على لجان المقاومة وأسر الشهداء والنساء والشباب والنازحين واللاجئين وكافة مكونات الثورة والتغيير بهدف العبور بالبلاد، وعليه إعادة التشكيل هذه ستخلق كتلة أكثر ضخامة وتعقيدا، السؤال هل قوى الحرية والتغيير مستعدة لهذا التكتل ؟
قوى الحرية والتغيير تضع نفسها أمام امتحان جديد أكثر صعوبة، ورغم ذلك فهي تهيء لنفسها فرصة تاريخية أخرى، ولكن لا أدري هل هي قادرة على بناء تكتل كبير يشمل آخرين جدد وترتفع فيه درجة الاختلافات والتعقيدات، ومن ثم سيكون عرضة لخلافات تستوجب قدرة أكبر على استيعابها وتصريفها دون أضرار بالتكوين والمكونات والمشروع كله أم لا؟
عموما بناء تكتل جديد يمثل كل هذه المكونات يعتبر فرصة خطيرة لتجمع قوى الحرية والتغيير مثل ضربة الجزاء في الزمن بدل الضائع لفريق كان سيء الأداء ووصل النهائي بالحظ ، ولكن إن نجحت ستتأهل لقيادة المرحلة، وإلا فإنها تضع نفسها أمام مأزق لا أدري كيف يمكن أن تتجاوزه، وحقيقة نرجو أن لا تضيع الفرصة فرغم كل شيء نتمنى أن يكلل البناء الجديد بالنجاح حتى لا تدخل البلد في مأزق أكثر تعقيداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى