تقارير

الانقلاب الفاشل في السودان كشف عن تحديات عميقة تواجهها الفترة الانتقالية

 

وكالات

سلطت المحاولة الانقلابية في السودان الضوء على التحديات الخطيرة التي تواجه الانتقال الى حكم يديره المدنيون في بلد خضع لثلاثين عاما من الدكتاتورية وتحكمه سلطة لفترة يفترض أن تكون موقتة، لكن لا أفق أمامها بعد.

ويقول خبراء إن الخلافات بين العسكريين والمدنيين هي أخطر تحد تجابهه البلاد.

تتولى السلطة في السودان حكومة تضم مدنيين وعسكريين شكلت إثر اتفاق سياسي وقع في أغسطس 2019 عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد مدى ثلاثة عقود، على إثر احتجاجات شعبية عارمة.

منذ ذلك التاريخ، تقف الحكومة الانتقالية على أرضية مهتزة بفعل الخلافات العميقة بين الأقطاب السياسية والأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

أعلنت الحكومة الثلاثاء احباط محاولة انقلابية تورط فيها مدنيون وعسكريون على صلة بنظام الرئيس السابق.

ولم يرشح الكثير من المعلومات عن المحاولة غير أن مسؤولًا عسكريًا رفيعًا أكد أنها “كانت ستخلف عواقب وخيمة” لو نجحت.

وقال المحلل مجدي الجزولي من معهد ريفت فالي إن كل طرف سيحاول استخدام المحاولة “لترسيخ نفوذه وإضعاف الآخر”.

وقال جوناس هورنر المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية “على الرغم من أنها تعثرت بسبب ضعفها، فقد مثلت تحديًا للحكومة الانتقالية يدل على أن المعارضة لها مستمرة مع انها أكثر شمولا في تمثيل السودانيين”.

حصلت المحاولة في وقت تشهد شعبية الحكومة تراجعا بسبب خطواتها الاصلاحية في الاقتصاد التي ينظر لها كثير من السودانيين على أنها قاسية بحقهم.

كما أن التأخر في تحقيق العدالة لأسر الذين قتلوا إبان حكم البشير وفي الاحتجاجات التي تلت الاطاحة به، زاد من الانتقادات الموجهة للحكومة.

كما سبقتها احتجاجات في شرق السودان قادتها مجموعة قبلية معارضة لاتفاق سلام وقعته الحكومة في أكتوبر 2020 مع مجموعات متمردة. وأغلق المحتجون الطريق الرئيسي بين بورتسودان وباقي أجزاء البلاد واوقفوا حركة الصادر والوارد عبر ميناء البلاد الرئيسي.

 * انقلاب غامض *

أفادت تقارير إعلامية محلية أن المحاولة الانقلابية وقعت فجر الثلاثاء واستمرت ثلاث ساعات قادها لواء في معسكر للجيش جنوب الخرطوم.

كما أشارت التقارير الى أن معسكرين آخرين في ام درمان المدينة التوأم للخرطوم العاصمة شاركا في المحاولة التي حاول منفذوها السيطرة على الاذاعة والتلفزيون الرسميين.

ولم يصدر تأكيد رسمي لهذه التقارير.

ولاحقا اعلن الجيش اعتقال “أغلب” المشاركين في الانقلاب الفاشل بمن فيهم أحد عشر ضابطا.

واشارت الحكومة الى وجود مدنيين وضباط كبار على صلة بنظام البشير بين المتورطين.

وفي وقت لاحق الثلاثاء القى عبد الفتاح البرهان خطابا من المعسكر الذي تحدثت التقارير أن الانقلاب بدأ منه.

وقال مجدي الجزولي “الأمور غامضة جدًا”، وأضاف “لا يبدو أنه كانت هناك خطوات حقيقية للاستيلاء على السلطة. لم يحدث تبادل لإطلاق النار في اي مكان كما لم يتم اعتقال أي مسؤول رفيع، عسكري أو مدني”.

للسودان تاريخ طويل مع الانقلابات العسكرية، فالبشير نفسه وصل الى السلطة بانقلاب، كما شهدت البلاد عددا من المحاولات الصغيرة منذ إطاحته.

وأطيح بالبشير إثر احتجاجات شعبية عارمة، وهو محتجز في سجن كوبر شمال الخرطوم منذ أبريل 2019.

لكن محاولة الثلاثاء، كما يقول هورنر “كانت تفتقر الى القدرة على إزاحة السلطات الانتقالية من الحكم”.

* ورقة مساومة *

يبدو عثمان ميرغني المحلل السياسي السوداني واثقًا بان العسكريين والمدنيين “سيستخدمون المحاولة لتمديد الفترة الانتقالية”.

ويتفق معه الجزولي الذي يصفها بأنها “ورقة مساومة” وكل طرف في الحكومة سيستخدمها “للحصول على مطالبه وتحقيق مصالحه”.

فقد شدد البرهان في كلمته الثلاثاء على أن الجيش هو من يحمي الفترة الانتقالية.

وقال للجنود في معسكر الشجرة جنوب الخرطوم “انتم أهم حماة للفترة الانتقالية”.

نص الاتفاق السياسي في 2019 على ان تكون الفترة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات، وجُدد الاتفاق عقب توقيع اتفاق السلام مع فصائل متمردة في تشرين الاول/اكتوبر 2020.

كما نص على أن يترأس العسكريون مجلس السيادة الانتقالي ثمانية عشر شهرا ومن ثم تنتقل الرئاسة الى المدنيين.

ويقول محللون إن المحاولة الانقلابية قد تساعد العسكريين على تمديد فترة توليهم رئاسة مجلس السيادة.

وقال الجزولي إن “الحجة ببساطة ستكون أن البلاد تواجه أزمة امنية مما يتطلب بقاءهم في السلطة”.

الثلاثاء، دعا عبد الله حمدوك رئيس الوزراء إلى “اصلاح المؤسسة العسكرية” وهذا يعني دمج المتمردين السابقين والفصائل شبه العسكرية في الجيش النظامي.

ويقال إن هذه القضية تسببت بتوتر بين المكونات العسكرية في البلاد خلال الأشهر الماضية.

وقال الجزولي “يبدو أننا سنسمع بانقلابات مشابهة خلال الفترة الانتقالية… ففي حين تدلل على هشاشة الفترة الانتقالية فستكون مفيدة للتجاذبات السياسية”.

وقال أمين اسماعيل الخبير العسكري “المحاولة الانقلابية جددت المخاوف من أن الفترة الانتقالية قد لا تصل الى نهايتها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى