الرأي

الإحباط ..وسايكولوجية الفشل(2)

مجدي إسحق

في كل صباح تزداد المعاناة وتزداد الأزمات ويزداد حاجر الصمت بين شعبنا وحكومته ومع ذلك تضعف جسور الثقة وتزداد وتائر الإحباط وتقل جرعات الأمل.

ترتفع الأصوات من الشرفاء والحادبين مشفقة لا تطالب بالحلول ولا بالوعود لكنها تنادي بالشفافية والوضوح، وللأسف، يرجع صدى هذه الأصوات خاويا ومؤلما من السكون وعدم الاستجابة، فإن هذا الصمت الغريب يفتح الآلاف لمشاعر الإحباط والغضب.

إن الحديث عن سايكولوجية الإحباط ليس ترفا أكاديميا بعيدا عن معاناة شعبنا، ولكنه سعي صادق لإضاءة الطريق والاعتماد على العلم لرؤية العقبات حتى نتجاوزها، هي محاولة لكي نفهم كيف تفكر الجماهير، بدراسة مشاعرها ومعرفة مناطق قوتها حتى نستطيع أن نسير معها في التغيير ونعطيها من الأسباب حتى يكون طريقها معبدا ومضاء لأن لا تضل بها السبل.

إن الأزمات هي عقبات في دروب التغيير، وإن القضية ليست في مجرد انعدام الخبز والوقود رغم ما تسببه من عنت وعذاب – ولماذا نصل لواقع اقتصادي أسوأ من أواخر أيام الإنقاذ؟- لكن  القضية الجوهرية أصبحت أين الحكومة؟، لماذا هذا الصمت والتجاهل؟، وما الذي يمنعها من الخروج لشعبها وتمليك الحقائق ووضع النقاط فوق الحروف؟.

إن الأسئلة الحائرة تفتح الباب لتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان بين ضعف الحكومة وسيطرة الدولة العميقة وبين من يقسم بأنها نتاج للتخبط وعدم المعرفة، وإن حالة الضياع والحيرة والشعور بعدم التفاعل والاهتمام من حكومته أصبحت حالة لا تخفى على أحد، تساؤلات تتحول إلى حسرة على الثورة، تخنق في رقاب شعبنا وفي كل صباح تزداد معه مشاعر الغضب.

إن مشاعر الغضب هي طاقة لا يحتمل الجلوس عليها والانتظار، لأنها حتما ستقود للانفجار كما أن كل معطيات الواقع وإرهاصاته تبشر بأن الانفجار قادم لامحالة ولا مفر منه، إلا إذا تعاملنا مع الواقع بوعي وإيجابية، وإن الغضب بقدر ما أنه مشاعر قد تقود للهدم والدمار لكنه يمكن أن يكون طاقة للبناء والتطور، حالة الغضب بقدر ما هي طاقة قد تقود لهدم إنجازات الثورة وتعيد خطى التغيير عجلات للوراء فإنها يمكن أن تصبح طاقة تدفع تلك العجلة للتغيير وتعيد قطار الثورة إلى سدرة منتهاه.

إن الغضب يمكن أن يصبح طاقة سلبية إذا قابلناه بالتجاهل والسلبية والعدم، وهذا ما تفعله حكومتنا الآن بنجاح منقطع النظير، لكن يمكن أن يزدهر ليصبح طاقة إيجابية إذا زرعنا فيه مشاعر اليقين والأمل، فالأمل لن يأتي من السماء ولن يجده شعبنا على قارعة الطريق، بل هو مسؤولية القيادة التي تؤمن بأن الشعب هو رصيدها للتغيير.

الأمل مسؤولية القيادة الواعيه التي تعلم أن لا قوة لها بدون شعبها، وإن شعبها هو التغيير، فالأمل لا يمكن أن يعيش في تربة من التجاهل وغياب من حكومة الثورة ليس له تفسير أو مبرر، إنما زرع الأمل هو فرصة أن تضع حكومتنا نفسها في موقع القيادة في غياب قوى الحرية التي لا تخفى على أحد، هي فرصة لبناء جسور الثقة وتحويل طاقات الغضب لتصبح طاقات للعمل والبناء، هي خطوات لا تحتاج لذكاء ولا لجهد مستحيل ولكن هل لدى حكومتنا الرغبة في حمل الأمانة.

حقيقة، يتساءل شعبنا في استغراب عن عدم الرغبة والتجاهل ورفض فتح أبواب الشفافية والوضوح، شفافية أن تخرج لشعبك وتكشف أوراق أزمتك وتقول لهم أنا منكم، هذا هو وضعنا فماذا أنتم فاعلون؟.

لكن الصمت يفتح أبواب الظنون وأحاسيس التجاهل تشعل وتائر الغضب، فإن الصمت سيخلق تربة لتنمو جرثومة التشكيك في شعور حكومتنا  بمعاناة شعبنا وصدق رغبتهم في صنع الحلول.

نقول لحمدوك ومن معه من الشرفاء: “لقد طفح الكيل، فإن لم تكسر حاجز الصمت هذا فأبشر بتيارات الغضب التي ستهدم جسور الثقة فإن للصبر حدود”.

شحنات من الغضب ستفرض عليكم التغيير أو الإنسحاب ليأتي غيركم لحمل رايات التغيير، إننا نشفق على مواجهة لا تحمد عقباها وهدر للطاقات في مواجهة بين أبناء الثورة لا نعلم إلى أين يقودنا، حتما لا نشفق على ثورتنا فهي باقية وراسخة، مشتعلة في الصدور ولن تسقط راياتها ولن يترك شعبنا للإحباط فرصة أن يمسك برقابها، لكنها معركة لا يريدها أحد، واستنزاف للقوى لا يحبذها أحد، هي خطوات كتبت على الثورة أن تمشي في دروبها لتصحيح المسار ومن كتب عليه خطوات مشيها، هي نذر مواجهة في يد حكومتنا أن تتحاشاها وتجعل منها بشائر خير ودعوات اصطفاف للعمل والبناء.

لكن إذا استمر هذا الصمت وغول الغلاء يحصد في الأمل فالمواجهة قادمة لامحالة، افتح شبابيك الأمل وأترك لشمس الشفافية أشعتها لتسطع وأجعل من الصراحة  قرآنك وعد لشعبك وأكسر حواجز الصمت والتجاهل فما بقي زمن للتردد، إنه زمن القرار والتحرك الإيجابي، إنه زمن الشفافية أو الطوفان، فللصبر حدود وقد تجاوز شعبنا حدوده فهل هناك عاقل يسمع هذا الهدير؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى