الرأي

إنفكاك وإنعتاق..!

آن الأوان وبعد سنوات من الخداع والمُتاجرة بقضايا المُهمشين والمُتضرَّرين من ويلات حرب دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة، التي إستهدفت الإنقاذ البائدة إستمرارها لتكسب المزيد من الوقت على دفة السلطة، أن (نواجه) بشجاعة تهديدات قادة ونُخب الحركات المسلحة التي تدعي حصولها على (توكيل) مفتوح البنود وبلا شروط من قِبل القواعد الشعبية المُتضرِّرة في مناطق الحرب، آن الأوان لنجهر في وجوههم بالحق بعد أن تكشَّفت خباياهُم ووضحت نواياهم عقب إمتطائهم مع الإنقلابيين صهوة السُلطة والنفوذ، ونقول لهم بوضوح (أنتم في الحقيقية لا تمثِّلون مُهمشي ومُتضَّرري دارفور والمناطق الأخرى، بل تُمثِّلون أنفسكم ومصالحكم الذاتية)، ولن نجزع بعد الآن من توجيههكُم نحونا سلاحكم المُعتاد الخاص بإتهام كل من يحاول كشف (خبايكم) و(مستنقعاتكم الآسنة) بالعُنصرية والمُحاباة العرقية لصالح ما تسمونهُ العرق النيلي أو العروبي الإفريقي، آن الآن أن نواجهككُم (كعدو) حقيقي لمصالح وأماني المُهمشين في مناطق الحرب، القابعين على نار المُعاناة حتى الآن في مُعسكرات النزوح، في الوقت الذين تتنَّعمون فيه كقادة ونُخب سياسية عبر تمثيلهم زوراً وبهتاناً، في ترف السُلطة وخيرات وموارد البلاد والأمة، وليتكُم حصلتم على ذلك عبر مسارات رسمية وقانونية ودستورية، فما يتم تداوله عبر الإعلام الرسمي من دلائل وعبر الأسافير من شُبهات تجاوزاتكم وفسادكُم ومُحاصصة ما تسنح به الفرص من أموال ومنقولات ومُميِّزات وإعفاءات، لم يأتي من فراغ ومُجرَّد صُدفة، ولا دخان من دون نار، ولا مجال للشائعات ومثول الشُبهات في حق من يُحيط مواقع نفوذه وسُلطاته وقراراته بالشفافية والأمانة والعدل والإلتزام باللوائح والقوانين، ولكن للأسف ذلك ما لم يحدث والشواهد والدلالئل على ذلك تعُج بها التقارير الرسمية والتحقيقات الصحفية وصفحات الناشطين بوسائط التواصل الإجتماعي.
تأكَّد لي على المستوى الشخصي أن ثورة ديسمبر المجيدة حتى يكتمل مسارها نحو الحرية والسلام والعدالة، تحتاج بشدة وإلحاح إلى ثورة (فرعية) تنبُع من رحم (القواعد) الشعبية للمُهمَّشين والمُتضرِّرين في الأقاليم السودانية التي عانت من الحرب وفي مُقدمتها دارفور، هؤلاء هم من يجب أن يثوروا ويُطالبوا بحقوقهم المسلوبة والمرهونة عند الحركات المسلحة وقادتها، وعلى (المركز) الذي يُمثِّل كل الشعب السوداني أن يدعم رسمياً وجماهيرياً عملية (إنفكاك) و(إنعتاق) شعبنا في تلك المناطق من قبضة الحركات المسلحة و(فرضها) في كل المنابر والفعاليات تمثيلهُ عنوةً وإجبارا، علينا أن نُقر بأن الحركات المُسلحة بما ظهر وإنكشف من جشع قادتها والواقفين على رأس قيادتها بعد إنقلاب 25 أكتوبر، لم تكُن ترفع السلاح فقط في وجه الحكومات المركزية بما فيها الإنقاذ البائدة، بل في الواقع ومن خلف (ستار) كانت ترفعهُ في وجه قواعدها المُجتمعية التي تدَّعي تمثيلها، إذ أن أيي منافذ للحُرية والشفافية وإفساح المجال لرأيِ آخر في أوساطها سيكون بالنسبة إليهم بمثابة (مانع ومُعرقِّل) لمصالحهم الشخصية وربما الأسرية والجهوية، قادة الحركات المسلحة ونُخبها المُستنيرة التي ما زلت تتاجر بقضايا أناسِ لم يستفيدوا حتى الآن ولو بمثقال ذرة من نشاطاتهم وإتفاقياتهم ومشاركاتهم و(مُحاصصاتهم) ، ليست لهم مصلحة في إنعتاق إنسان دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة من براثن الجهل والجوع والفاقة، فخروجه من دائرة المعاناة والظلام إلى مراقي العنفوان والإستنارة يعتبر (مُهدِّد) حقيقي لوجودهم على رأس الهياكل التي يُمثلون فيها جوراً وبُهتاناً أولئك المُهمشين والمتضَّررين، لا بد من ثورة داخلية في أوساط أصحاب المصلحة في مناطق الحرب والنزوح تستهدف الدفع بكوادر أو تنظيمات جديدة تؤمن بالقضية وتخلص لها عبر دعم المسار الديمقراطي والتحَّلي بالنزاهة، والوصول إلى المراكز القيادية بالإستحقاق والإنتخاب الخالي من الشُبهات وسطوة التعالي بالقوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى