الرأي

إعلان الفرصة الأخيرة

 

تجمع قوى الحرية والتغيير الذي شكل أكبر تجمع سياسي في تاريخ السودان وساند الشعب في ثورته حتى سقط النظام المخلوع، تحول سريعًا إلى خطر يهدد الثورة والفترة الانتقالية بسبب خلافات مكوناته الحادة والتي أدت إلى خروج بعضها وتحولها إلى خانة المعارضة مع النظام المخلوع،وبسبب تلك الخلافات ولدت حكومة ضعيفة ثم ذهبت لتأتي أخرى أضعف بعد توقيع السلام ضمت الحركات المسلحة،فارتفعت درجة الخطورةعلى الفترة الانتقالية التي أصبحت في كف عفريت كما يقال.

أخيرًا شعرت قوى الحرية والتغيير بخطورتها وعادت مكوناتها لتتفق وتتوحد من جديد ومع بعض الحركات، ولكن لا أحد متفائل بالخطوة، رغم أن الاتفاق أمن على قيام الانتخابات في موعدها وتسليم السلطة لحكومة منتخبة بعد نهاية الفترة الانتقالية، والتعاون مع المكون العسكري لإحداث التحول، وإكمال مؤسسات الفترة الانتقالية،كذلك التعاون مع لجنة إزالة التمكين ودعمها للقضاء والدولة الموازية وبناء دولة القانون والعدالة والديمقراطية، وانتهاج سياسة خارجية متوازنة تخدم مصالح البلاد العليا. والعمل على إنجاح الانتقال وتشكيل المجلس التشريعي وغيرها من أمور ضرورية.

لو كان تجمع قوى الحرية والتغيير من البداية توحد وسعى إلى تحقيق هذه الأهداف عندما كانت فرصة التوحد في جبهة واحدة أقوى من الآن،لكنا اليوم قد عبرنا وانتصرنا فعلًا، لقد مرّ أكثر من عامين بلا فائدة،زمن طويل وثقيل مرّ على الشعب حتى أصابه نفس الإحباط واليأس الذي جعله يثور على النظام المخلوع،ولذلك يتساءل الآن هل ينجح التجمع فيما فشل فيه في ذلك الوقت؟هل ستتفق مكوناته الآن وقد ظلت في حالة خلاف مستمر رغم أن كل الظروف تفرض عليها ضرورة التوحد؟وكيف تنجح وهي كلها مريضة ومعلولة في نفسها وتحتاج إلى الإصلاح؟

حقيقة الكل يرى أنه لا شيء يهدد الفترة الانتقالية والثورة أكثر من خلافات الكيانات المكونة لتجمع قوى الحرية والتغيير،وبنفس القدر لا شيء يضمن العبور والانتصار مثل وحدتها وبعدها عن الخلافات، ورغم أن إعلانها الجديد هذا جاء متأخرًا جدًا ولكن نرجو ألا تفشل فيه وتعود إلى الخلافات التي لا تستطيع العيش من دونها، ونتمنى أن تكون قد اتعظت وتعلمت من التجربة، وتسعى إلى جمع الآخرين من قوى الثورة وتعمل معهم بتناغم،ومن لديه مقدرات فليدخرها للانتخابات فلم يبقَ منها الكثير فهي فقط من ستثبت من يستحق السلطة  .

نرجو ألا يكون إعلان وحدة  قوى الحرية والتغيير إنتاج لنفس الأزمة القديمة فيدخلنا في ورطة أكبر، فقد وصلنا مرحلة لا تتحمل أي خطأ أو خلاف،وبهذا إنما يعلن التجمع عن آخر فرصة له يمكن للشعب أن يحترم مكوناته،والأهم من ذلك ستكون آخر فرصة يمكن أن تساعد على إنجاح الفترة الانتقالية،وإذا ما حدث أي فشل ستتحمل كل كياناته مجتمعة المسؤولية التاريخية كاملة  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى