تقارير

إثيوبيا والطائرات الإيرانية المسيرة..سلاح جديد لحسم معارك قديمة

تقرير ـــ القسم السياسي
مع إعلان الجيش السوداني إنزال طائرة تجسس إثيوبية مسيرة اخترقت المجال الجوي على الحدود السودانية في منطقة الفشقة منتصف أغسطس الجاري، أفادت تقارير صحفية عن أنَّ إثيوبيا وقّعت مع إيران عقدًا لشراء عدد من الطائرات دون طيار من طراز “مهاجر- 6”.
تطور جديد
مصادر بالجيش السوداني قالت إنَّ عملية إنزال الطائرة تمت دون تدميرها بعد السيطرة عليها، ولم يكشف الجيش عن نوع الطائرة، إلا أنَّ الصورة الأولية التي نشرت على موقع التواصل الاجتماعي للطائرة المسيرة تظهر إختلافًا كبيرًا عن تصميم “مهاجر-6” الإيرانية التي اشترتها أديس أبابا مؤخرًا.
إلا أنَّ الحدثان يظهران اتساع استخدام الطائرات المسيرة من قبل إثيوبيا في العمليات العسكرية سواء في حربها ضد جبهة تحرير التقراي أو ضد السودان في محاولة لإعادة احتلال منطقة الفشقة.
تشير تقديرات العديد من الخبراء والمتخصصين في الطائرات من دون طيار، إضافة إلى محللي صور الأقمار الاصطناعية، إلى أنَّ الجيش الإثيوبي بات يستخدم طائرات من دون طيار إيرانية الصنع من نوع “مهاجر – 6”. فمنذ اندلاع الصراع في منطقة تيقراي الإثيوبية، ادعت جبهة تحرير التقراي أنَّ الجيش الإثيوبي يستخدم طائرات مسيرة (درون)، في ضرب مواقعهم مختلفة عن الطائرات الصينية الصغيرة التي تمتلكها أجهزة الشرطة في البلاد.
وقد اعترف قادة سلاح الجو الإثيوبي، بأن قواتهم مجهزة بطائرات دون طيار حديثة، يقوم بتشغيلها وإدارتها فنييون بواسطة وحدات التحكم الخاصة بها. كما أن الصور التي انتشرت لاحقاً لرئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” خلال زيارته لمطار سيميرا –عاصمة إقليم العفر شمال شرق البلاد- برفقة ضباط عسكريين إثيوبيين، أظهرت العديد من الطائرات المسيرة، التي تشبه إلى حد كبير طائرات “مهاجر-6″، ما دفع بهؤلاء الخبراء إلى الجزم بهذا التعاون بين البلدين.
ولبعض الوقت، كان الدليل على استخدام الحكومة الإثيوبية للطائرات دون طيار هو الطائرات التجارية الصينية الصغيرة غير المسلحة التي تستخدمها شرطة البلاد، والتي استخدمها الجيش لاحقاً.
ووفقاً للتقرير، فإنه مع استمرار الصراع، أقرّت شخصيات عسكرية إثيوبية كثيرة باستخدام الطائرات دون طيار.
وقال تقرير لمركز الأبحاث (بيلنجكات) أنه بالنظر إلى صور الأقمار الصناعية والصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي للطائرتين دون طيار اللتان كانتا في مطار سيميرا عاصمة إقليم العفر على حدود إقليم تيقراي. والبحث والتحليل لشكل وقياسات هذه الطائرات دون طيار، بالإضافة إلى اللقطات المأخوذة من إمدادات الطائرات دون طيار، فهناك مؤشراً قوياً على أن هذه الدرون متوافقة مع الطائرة الإيرانية “مهاجر- 6” والتي يبدو أنها مسلحة بصواريخ جو ــ أرض.
الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء د.أمين إسماعيل مجذوب يقول لـ(الديمقراطي) إنَّإثيوبيا بدأت منذ العام 2020 باستخدام الطائرات المسيرة في العمليات العسكرية بإقليم التقراي في عمليات القصف والاستهداف عبر الصواريخ بعد أن كانت في السابق تقول إنَّها تستخدمها للتعدين وفي عمليات المراقبة الأمنية من قبل الشرطة.
الخبير العسكري والاستراتيجي يشير إلى أنَّإثيوبيا باتت تمتلك تشكيلة متنوعة من الطائرات المسيرة صينية وتركية وإسرائيلية أضيفت لها مؤخرًا “مهاجر-6″ الإيرانية مما يحقق لإثيوبيا تفوقاً في الاستطلاع وضرب الأهداف البعيدة لصعوبة رصدها بالرادار لكن في المقابل يمكن السيطرة عليها عبر اعتراض موجاتها اللاسلكية كما حدث مع الطائرة الإثيوبية الأخيرة في منطقة الفشقة والتي أنكرت إثيوبيا امتلاكها.
الخبير العسكري أمين مجذوب يقول إنَّ التطورات الأخيرة تحدث تغييرًا في شكل التسليح في منطقة القرن الإفريقي ويقود لسباق تسلح جديد من نوعه، مضيفا:”استخدمت هذه الطائرات بالفعل في إقليم التقراي وقد تستخدم في نزاعات إثيوبيا مع دول الجوار سواء السودان أو الصومال أو كينيا”.
المدير السابق للشأن الإفريقي في مجلس الأمن الأمريكي كاميرون هدسون يقول في تغريدة بنظرة عميقة على التقارير التي تفيد باستخدام إثيوبيا الطائرات المسيرة الإيرانية المرتبطة بفيلق القدس الذي تفرض عليه الولايات المتحدة عقوبات تتعزز الحاجة لفرض حظر أسلحة على إثيوبيا.
نظرة قريبة
“مهاجر-6” هي أحدث عضو في أسرة مهاجر للطائرات المسيرة، وكشف عنها أول مرة في مارس 2017، واستخدمت في يوليو 2019، وهي تندرج في فئة الطائرات من دون طيار التكتيكية القتالية، ويستخدمها الحرس الثوري والجيش الإيراني في عملياتهما سواء الاستطلاعية أو القتالية، فهي قادرة على حمل أنظمة مراقبة متعددة الأطياف، أو أن تتسلح بذخائر دقيقة التوجيه، كما أنَّها مجهزة بقواعد ثابتة في كل جناح قادرة على حمل صاروخين يعملان بتوجيه TV / IR.
ويبلغ شعاع عمليات “مهاجر-6″ نحو ألفي كيلومتر، وهي قادرة على حمل 40 كيلوغراما من القنابل الذكية، يبلغ أقصى مدى للتشغيل 2000 كم بسرعة قصوى تصل لنحو 200 كيلومتر في الساعة، ويمكنها التحليق 12 ساعة متواصلة على ارتفاع 18 ألف قدم، بما يمكنها من القيام بعمليات مختلفة ضد أهداف ثابتة ومتحركة.
وتستفيد أيضًا من أنظمة الكشف الكهروضوئية والليزر وأنظمة الكشف بالأشعة تحت الحمراء وأنظمة اعتراض العدو الإلكترونية والحرب الإلكترونية، وتحتوي على كاميرا ثابتة أمامية للملاحة وجهاز (غيمبال) تحت الرأس يحمل جهاز تحديد المدى بالليزر، ويلتقط صور الأشعة تحت الحمراء متعددة الأطياف، والصور الكهروضوئية، ويمكن تزويد الطائرة بتدابير الدعم الإلكتروني، أو تشويش الاتصالات، أو منظومات الحرب الإلكترونية.
هناك أيضًا مزايا أخرى تتعلق باستخدام الطائرة الإيرانية أبرزها التكلفة المتناسبة مع الإنتاج الضخم المطلوب، والتسليم السريع، والمتطلبات الزمنية لإعداد وتدريب الكوادر الفنية بسيطة وفورية. وتشير تقارير صحفية إلى أنه بالمقارنة مع منتجات البلدان الأخرى، فإن إيران تنتج نسبة عالية جدًا من الأنظمة الفرعية المكملة لمنظومات هذه الطائرات، مثل رادارات الاقتراب الدقيق للهبوط التلقائي، مع اعتماد منخفض جدًا، على المكونات الأجنبية الباهظة الثمن والخاضعة للرقابة.
الخبير العسكري والاستراتيجي أمين إسماعيل مجذوب يضيف:”استخدام الطائرات المسيرة في عمليات الاستطلاع يعطي مؤشرًا لما يمكن أن تقدم عليه إثيوبيا مستقبلا باستخدامها لأغراض قتالية ضد السودان مما يتطلب اتخاذ الترتيبات التقنية المناسبة من جانب السودان للتعامل معها سواء عبر إنزالها أو تدميرها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى